واشنطن ريبورت أون ميدل إيست أفيرز: مصر في عهد السيسي.. أمة تشعر بالقلق

التاريخ : الأحد 24 مارس 2024 . القسم : ترجمات

يقدم موقع واشنطن ريبورت أون ميدل إيست أفيرز استعراضًا لكتاب «مصر في عهد السيسي... أمة تشعر بالقلق» للباحث السياسي ماجد مندور، وهو استعراض موجز أعدته الباحثة سنا عابد قطب.

وتقول الباحثة إن المحلل السياسي ماجد مندور كتب تسلسلًا زمنيًا مدروسًا واستفزازيًا للنظام المصري في عهد عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع الذي أصبح رئيسًا بعد انقلاب عام 2013. في فصل تلو الآخر، يوضح المؤلف التغييرات العميقة والمنهجية التي طرأت على الهياكل الاقتصادية والقانونية والسياسية في مصر في عهد السيسي، وهي التغييرات التي عززت الجيش وأدت إلى القمع الشديد. ويؤكد مندور في كتابه أن نظام السيسي يمثل ظاهرة جديدة، ويختلف كثيرًا عن الأنظمة الاستبدادية المصرية السابقة، وليس بطريقة جيدة. وفيما يخص أولئك الذين كانوا يأملون أن يجلب الربيع العربي في مصر عام 2011 الإصلاحات التي تشتد الحاجة إليها لمعالجة القمع والفقر والفساد، فإن النظام العسكري الذي صوره مندور لا يترك سوى القليل من التفاؤل بشأن إمكانية تحقيق أي من هذه الأهداف في المستقبل المنظور.

أطاح الانقلاب العسكري في يوليو 2013 بأول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر، محمد مرسي، وأطلق العنان لقمع جماعي ضد أنصاره الإسلاميين، فضلًا عن المعارضة العلمانية والمواطنين العاديين. ويؤكّد مندور أن الجيش حصل على الدعم الشعبي لقمعه من خلال إحياء النموذج الناصري للوحدة - وهو ما سمح للنظام بتأطير المعارضة على أنها خيانة - ومن خلال استمالة الشخصيات العلمانية التي عارضت جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي. ويُذكر موضوع الدعم الشعبي للقمع كثيرًا في الكتاب، ولكن دون وجود دليل واضح يدعم هذا التأكيد.

وقد شهد صيف عام 2013 أعمال عنف شديدة من النظام الناشئ ضد معارضيه. ومع عزل مرسي من السلطة، نظم أنصاره اعتصامًا في ميدان رابعة بالقاهرة، فضلًا عن عديد من الاحتجاجات السلمية الأخرى ضد الانقلاب. وردت قوات الأمن المصرية بعملية دامية سريعة وقاسية، مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 1150 شخصًاً. وقد صور النظام العسكري جماعة الإخوان المسلمين على أنهم إرهابيون، وصور نفسه على أنه السلطة التي تحقق الانسجام في مصر. واستخدم النظام الصور والسياسات الدينية المحافظة لمواجهة جماعة الإخوان المسلمين وجذب الجماهير، وادعى السيسي لنفسه الإلهام والعناية الإلهية.

ويحدد مندور عدة تعديلات دستورية من عام 2019 عززت سلطة الجيش من خلال ترسيخه كحامي «للدستور والديمقراطية والدولة وطبيعتها العلمانية والحريات الشخصية». كما قللت التعديلات البعيدة المدى من استقلال القضاء، ومنحت الرئيس سلطة التعيينات بطريقة قضت على فرص المدنيين في تحدي الدولة. كما منحت القوانين الجديدة الحصانة لضباط الجيش عن الأفعال التي ربما ارتكبوها أثناء المذابح العسكرية.

وقيّد نظام السيسي الحق في الاحتجاج بموجب «قانون التظاهر» لعام 2013 و«قانون الإرهاب» لعام،. ويستخدم القانون الأخير لقمع المعارضة حتى عندما لا تكون هناك صلة واضحة بالإرهاب. وتقيد قوانين أخرى عمل المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، وتحد من قدرتها على جمع الأموال، والعمل مع المنظمات غير الحكومية الأجنبية أو الخبراء الأجانب، ومعالجة موضوعات مثل حقوق الإنسان. وبالمثل، خضعت وسائل الإعلام الاجتماعية والتقليدية لتشريعات جديدة تحظر وسائل الإعلام التي تتهم بالإضرار بالأمن القومي أو الآداب العامة. ويناقش المؤلف عديدًا من حالات «الاختفاء» ذات الدوافع السياسية، وعديد من عمليات الاعتقال والاحتجاز، ونمط الانتهاكات الجسيمة للسجناء السياسيين، مثل الرئيس السابق مرسي، الذي توفي في ظل ظروف قاسية.

ويرى مندور أن الجيش المصري، بصفته «سيد الدولة بلا منازع»، غيّر بشكل كبير «الأساس الأيديولوجي للحكم وعملية تراكم رأس المال في مصر، مما أدى إلى ولادة شكل عسكري من الرأسمالية على نطاق لم يسبق له مثيل في التاريخ المصري الحديث». وقد عانى الاقتصاد المصري من تغييرات كبيرة استفادت منها المؤسسة العسكرية، التي تسيطر على حصة كبيرة من الاقتصاد. وتوسعت المؤسسات العسكرية الاقتصادية ومُنحت إعفاءات ضريبية. وشرع الجيش في مشاريع بناء ضخمة أجبرت الدولة على تراكم ديون ضخمة، لكنها لم تكن قادرة على توليد دخل ذي معنى. وقد خُفضت قيمة الجنيه المصري مرارًا، كما خُفض الإنفاق الاجتماعي. ومع ازدياد ثراء النخبة، يصبح الفقراء أكثر فقرًا على نحو ملحوظ.

ويدعم مندور بقوة تأكيده على أن هذه التغييرات المنهجية لم تترك أي قنوات قانونية أو سياسية لاستيعاب الغضب الشعبي. فهو يعرض عديدًا من السيناريوهات المحتملة التي قد تواجهها مصر بمرور الوقت، وأكثرها ترجيحًا هو «الاضمحلال البطيء، الذي يعقبه انهيار سريع للنظام، على نحو أشبه إلى حد كبير بزوال الرئيس السابق حسني مبارك».

كتاب مصر في عهد السيسي يُقدم نظرة عامة مقلقة حول استيلاء الجيش المصري على السلطة القانونية والاقتصادية والسياسية على حساب المجتمع المدني والمصلحة العامة. وهو كتاب يستحق القراءة.