خلاصة شهر يونيو 2025

التاريخ : الخميس 03 يوليو 2025 . القسم : خلاصات شهرية

 

المحور السياسي

 

كثّفت مصر تحركاتها الدبلوماسية والسياسية في يونيو 2025، وسط تصعيد غير مسبوق في الإقليم، ناتج عن المواجهة المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، وتفاقم الوضع في غزة. حيث قام الرئيس عبد الفتاح بنشاط دبلوماسي، شمل اتصالات مع قادة فرنسا، ألمانيا، تركيا، إيران، اليونان، قطر، قبرص، سلطنة عُمان، والبحرين، أكّد خلالها رفض مصر القاطع لأي توسيع للصراع، محذرًا من مخاطره على أمن المنطقة، وداعيًا لوقف فوري لإطلاق النار، واستئناف المفاوضات النووية الأمريكية–الإيرانية برعاية سلطنة عمان. كما شدد على مركزية القضية الفلسطينية، وضرورة الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية مستقلة، باعتبار ذلك أساسًا لأي استقرار إقليمي دائم. كما أدان السيسي الهجوم الإيراني على قاعدة العديد في قطر، خلال اتصاله بأمير قطر، في تحرك يُظهر تقاربًا لافتًا بين القاهرة والعواصم الخليجية المتضررة.

في السياق ذاته، قام وزير الخارجية بدر عبد العاطي بسلسلة اتصالات ولقاءات تجاوزت الخمسين خلال الشهر، شملت وزراء خارجية إيران، السعودية، الولايات المتحدة، دول الاتحاد الأوروبي، إلى جانب مشاركته في منتدى أوسلو ومجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي بإسطنبول. تمحورت الرسائل المصرية حول ضرورة خفض التصعيد، ورفض المساس بسيادة الدول، مع تركيز خاص على الوضع في غزة، حيث أكدت القاهرة مرارًا دعمها لوقف إطلاق النار وتسهيل دخول المساعدات، واستعدادها لاستضافة مؤتمر إعادة الإعمار. كما دعا عبد العاطي لتسوية شاملة للقضية الفلسطينية، وربط بوضوح بين تصعيد إسرائيل ضد غزة واستفزاز إيران، وبين تفاقم الأزمات الإقليمية.

على المستوى الداخلي، سعى الرئيس والحكومة لتثبيت الجبهة الداخلية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، في ظل ما وصفه مدبولي بـ"الوضع الإقليمي بالغ الخطورة". أُعيد تفعيل لجنة الأزمات، وتم التأكيد على توافر المخزون الاستراتيجي من السلع والطاقة، وتوسيع الاعتماد على الطاقة المتجددة وسفن التغييز، وسط تحذيرات من ارتفاع محتمل في أسعار النفط. وأطلقت الحكومة خططًا استثمارية جديدة، أبرزها طرح 11 مطارًا أمام القطاع الخاص، وإعلان أول إنتاج لسيارة محلية بنسبة تصنيع 45% بالتعاون مع "ستيلانتس"، وتوقيع اتفاق تجارة حرة مع صربيا. كما ترأّس مدبولي مؤتمرات اقتصادية استعرضت التقدّم في برنامج الإصلاح مع صندوق النقد، وأعلنت عن مشاريع كبرى في الطاقة والصناعة والنقل. وفي المقابل، صدّق السيسي على تعديلات قانوني مجلسي النواب والشيوخ، وسط تحفّظات من أحزاب حول تأثيرها على التعددية

 

 

المحور الاقتصادي

 

شهد شهر يونيو 2025، عدد من التطورات الاقتصادية والمالية، وسط تداعيات الحرب الإيرانية الإسرائيلية، حيث دفع التوتر الإقليمي الحكومة إلى تعديل أولوياتها الاستثمارية والمالية، وتعزيز قدراتها في الطاقة والتجارة الدولية.

فيما رفع البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد المصري إلى 3.8% خلال 2024/2025 بدعم من زيادة الاستثمارات والإصلاحات المالية، في حين ارتفعت خدمة الدين الخارجي بنسبة 37% إلى 21.3 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالي. وفي الوقت نفسه، شهد الجنيه ضغوطًا كبيرة وتراجع أمام الدولار، وسط موجة تخارج أجنبي جزئي من أدوات الدين، ودفع ذلك الحكومة لإصدار تعديلات ضريبية، بينها فرض ضريبة 10% على البترول الخام ورفع القيمة المضافة على المقاولات والسلع الكمالية، بإجمالي حصيلة متوقعة تصل إلى 200 مليار جنيه.

اقتصاديًا، أبرمت القاهرة صفقات مع شركات عالمية لاستيراد 125 شحنة غاز، وبدأت ضخ الغاز إلى الأردن بعد توقف الإمدادات الإسرائيلية، ثم أوقفتها مؤقتًا لصالح المصانع المحلية التي أعيد تزويدها جزئيًا اعتبارًا من 27 يونيو. كما أُسندت مناطق استكشاف جديدة في المتوسط والدلتا لعمالقة عالميين كـ"شيفرون" و"إيني"، فيما عادت تدفقات الغاز الإسرائيلي تدريجيًا إلى مليار قدم مكعب يوميًا.

على مستوى الاستثمار، أعلنت الحكومة عن صفقة منتظرة في رأس شقير لصالح صندوق خليجي، وأطلقت مصر وآلية أوروبية ضمان استثماري بقيمة 1.8 مليار يورو، كما افتتحت شركة BSH الألمانية أول مصنع لها في مصر وأفريقيا، بالتوازي مع مفاوضات قطرية لاستثمار 3.5 مليار دولار في الساحل الشمالي، ومحادثات تركية للاستحواذ على شركات غزل ونسيج محلية.

فيما أُجّل افتتاح المتحف الكبير إلى الربع الأخير من 2025، وتراجعت حجوزات السياحة بنحو 10% على خلفية الحرب. وفي البرلمان، تم إقرار موازنة 2025/2026 بإجمالي استخدامات 6.8 تريليون جنيه، ووافق على قروض أوروبية وفرنسية بقيمة 4.1 مليار يورو، بجانب قوانين جديدة تنظم ملكية الدولة في الشركات وتعديلات ضريبية مثيرة للجدل.

خارجيا، قررت مصر إنشاء منطقة لوجستية على الحدود مع السودان، والتوسع في خطوط "رورو" مع تركيا والسعودية لتسريع حركة التجارة. كما تم الإعلان عن محطة طاقة شمسية جديدة في جيبوتي، في إطار دور متزايد لمصر في القارة الأفريقية.

أما على صعيد المشروعات، أطلقت مصر أول اتفاقيات لبيع الكهرباء بين القطاع الخاص مباشرة، بقيمة 400 ميجاواط، في خطوة أولى لتحرير سوق الطاقة، بينما واصل الصندوق السيادي مراجعة برنامج الطروحات لتوسيع قاعدة الشركات إلى 60 شركة.

وبينما استؤنفت مفاوضات بيع بنك القاهرة إلى بنك إماراتي، تعطلت الصفقة بسبب خلافات التسعير، في وقت تسعى فيه الحكومة لتقليص الدين العام عبر تحويل أراضي في رأس شقير إلى وزارة المالية لاستخدامها في إصدار صكوك سيادية.

 

 

المحور الأمني
 

تصاعدت التوترات الحقوقية والأمنية في مصر خلال يونيو 2025، على خلفية إجراءات أمنية مشددة واتهامات بانتهاكات ضد نشطاء ومواطنين، تزامنًا مع تحركات دولية تضامنية مع غزة، حيث شهدت القاهرة ومناطق أخرى حملات أمنية متفرقة، كان أبرزها مقتل موظف أوقاف سابق واثنين من أقاربه برصاص الشرطة في قنا، استنادًا إلى محضر قديم، وسط تشكيك في ملابسات العملية ومطالبات بتحقيق عاجل. بالتوازي، فتحت النيابة تحقيقًا بجريمة قتل مأساوية في سوهاج، حيث أقدم أب على ذبح أطفاله الثلاثة والانتحار، فيما شهدت الشرقية واقعة إطلاق نار من ضابط شرطة على مجموعة من الشباب. وتواصلت الشكاوى من تفتيش مهين للنساء أثناء زيارة ذويهن في سجن المنيا، إلى جانب اتهامات بتقاعس أمني عن مواجهة تجارة المخدرات في أسوان رغم الحملات الرسمية.

في السياق الدولي، واجهت السلطات المصرية انتقادات واسعة بسبب تعاملها مع المشاركين في "قافلة الصمود" إلى غزة، حيث تم منع الدخول، والاعتقال، والترحيل القسري لنشطاء من جنسيات مختلفة، مع تسجيل حالات ضرب ومصادرة ممتلكات وقطع للاتصالات، رغم تنسيق بعضهم مسبقًا مع الجهات الرسمية. وأكدت الخارجية أن دخول سيناء يتطلب موافقات رسمية، بينما ضغطت إسرائيل علنًا على مصر لمنع وصول الناشطين إلى رفح، ما فسره مراقبون على أنه رضوخ لضغوط خارجية، أثار غضبًا شعبيًا وتضامنًا حقوقيًا.

كما استمرت حملات الاعتقال الداخلي، أبرزها حبس 8 شباب رفعوا لافتات داعمة لغزة، والتحقيق مع يحيى حسين عبد الهادي بعد شهور من الحبس الاحتياطي، وسط اتهامات بالتحريض ونشر أخبار كاذبة. وفي المقابل، أُطلق سراح الناشط الإسباني الفلسطيني "سيف أبو كشك"، بعد تعرضه للتوقيف والضرب، إلى جانب إطلاق فرنسيين، بينما تواصل ترحيل النشطاء وتضييق الخناق على المسيرات السلمية.

وعلى الجانب الآخر، استقبل وزير الداخلية نظيره الصربي، ووقّعت الكلية الفنية العسكرية اتفاقيات مع شركات محلية، بينما ناقش رئيس الأركان مع نظيره الليبي التنسيق الحدودي، على خلفية سيطرة قوات الدعم السريع على المثلث الحدودي جنوب مصر. وفي تطور نوعي، وثّقت مؤسسة حقوقية سقوط مسيّرة - يُرجّح إطلاقها من اليمن - داخل منطقة سكنية بسيناء بعد استهدافها من طائرة إسرائيلية، ما يعكس هشاشة الوضع الأمني في شبه الجزيرة.

كما تصاعد الجدل بعد أن منعت الشرطة عشرات المستأجرين من حضور مؤتمر بالإسكندرية حول قانون الإيجار القديم، في خطوة رأى فيها مراقبون محاولة لتكميم الأصوات المعارضة للتعديلات التي أُقرّت برلمانيًا مؤخرًا. وعلى صعيد الإعلام، نفت النيابة العامة ارتباط استقالة أحد أعضائها بقضية سارة خليفة المتهمة بالمخدرات، مهددة بملاحقة الصفحات التي نشرت تلك الأنباء.

وفي تطور لافت، كشف تقرير نشره "ميدل إيست مونيتور" عن دعم أمني مصري مزعوم لميليشيا "أبو شباب" في غزة، من خلال تسهيل مرورها عبر معبر رفح، ما يلقي بظلال من الشك على طبيعة التوازنات المعقدة في سيناء، وسط التصعيد الإقليمي المتواصل.

 

المحور المجتمعي

 

خلال شهر يونيو 2025، تزايدت التحركات العمالية والاحتجاجات النقابية في مصر على وقع أزمات اقتصادية متفاقمة، بينما تصاعد التوتر بين السلطات والنشطاء، في ظل تشديد أمني واسع واتهامات بانتهاكات حقوقية، ترافقت مع كوارث متكررة أعادت إلى الواجهة ملف الإهمال المؤسسي.

في الفيوم، بدأ أكثر من 2000 عامل بشركة سيراميكا إينوفا إضرابًا عن العمل احتجاجًا على تأخر صرف الأجور ومساهمة صندوق الطوارئ، ما دفع الشركة إلى إغلاق المصانع وتبرير القرار بالأزمة المالية. ورغم وعود الإدارة، استمرت الاحتجاجات وسط تعزيزات أمنية، إلى أن عاد عمال خط إنتاج (ب) للعمل بعد صرف جزء من مستحقاتهم، في وقت طالبوا فيه بالشفافية في إدارة أموال الدعم الحكومي. وفي سياق متصل، شكا عمال اليومية بالشركة المصرية لتجارة الجملة من تدني الأجور وغياب التثبيت، بينما نظم صحفيو المؤسسات القومية وقفة احتجاجية لتفعيل قرار تعيينهم.

الاحتجاجات امتدت إلى النقابات، إذ أعلنت "قائمة الاستقلال" مقاطعة انتخابات الأطباء، فيما صعّد المحامون تحركاتهم ضد رسوم الميكنة بوقفات احتجاجية، أعقبها قرار بالإضراب يومي 7 و8 يوليو. كما قضت محكمة القضاء الإداري بوقف انعقاد الجمعية العمومية الطارئة للنقابة، معتبرة القرار من اختصاص المجلس فقط، ما فجر انقسامًا داخل الجسم النقابي. في المقابل، علّق صحفيو "الطريق" احتجاجهم بعد تعهد النقابة بحل أزمة خصم بدل التدريب، بينما دعا المجلس لاجتماع عاجل مع الأعلى للإعلام.

حقوقيا، حبس نشطاء رفعوا لافتات داعمة لغزة، وتجديد حبس القيادي العمالي شادي محمد. كما وثّقت حالات إهمال طبي في أقسام الشرطة، وعودة ثمانية مختفين قسرًا من أسوان، وسط استمرار الانتهاكات في سجن المنيا. وفي الإسماعيلية والقاهرة، تصاعدت الانتهاكات ضد "قافلة الصمود" المتجهة إلى غزة، حيث تم الاعتداء على النشطاء واعتقال وترحيل المئات، بينهم أجانب من فرنسا وكندا وسويسرا، رغم التأكيد على التنسيق المسبق. وتزامن ذلك مع مطالب إسرائيلية بمنع الوصول للحدود، ما أثار غضبًا شعبيًا واسعًا، ردّت عليه الخارجية المصرية بالتشديد على ضرورة الحصول على موافقات رسمية.

أمام هذا المشهد المضطرب، وقعت كارثة إنسانية في المنوفية راح ضحيتها 19 فتاة في حادث على الطريق الدائري الإقليمي، تبعه حادث آخر لقوات الأمن على الطريق ذاته، وسط اتهامات للحكومة بالتقصير في تطوير البنية التحتية، وتأخرها في التعزية وتحمل المسؤولية. واعتُبر الحادث كشفًا للفشل المؤسسي في حماية العاملات الريفيات، بينما واصلت الجهات الرسمية تحميل المسؤولية لسائق الشاحنة، وسط مطالب بتحقيق شفاف.