موجز المشهد المصري الأسبوعي | 11- 18 يوليو 2025

التاريخ : الجمعة 18 يوليو 2025 . القسم : خلاصات أسبوعية

المحور السياسي

 

شهد هذا الأسبوع تركيزًا مصريًا على محاولات تمتين العلاقات داخل القارة الإفريقية، حيث شارك عبد الفتاح السيسي في قمة الاتحاد الإفريقي التنسيقية في مالابو، مؤكدًا التزام مصر بأجندة التنمية والسلم القاري. كما عقد لقاءات مع قادة موريتانيا والجابون وليبيا والنيجر أظهرت سعي القاهرة لتعزيز حضورها كفاعل مركزي في الملفات الإفريقية، خاصة مع رئاستها لمنطقة شمال إفريقيا داخل الاتحاد. كما لعب وزير الخارجية دورًا مكملاً، بتكثيف لقاءاته مع مسؤولين أفارقة لبحث التكامل التجاري والمشروعات الكبرى. هذه التحركات تأتي في وقت تسعى فيه مصر لتأمين مصالحها جنوبًا، في ظل اضطرابات متزايدة في محيطها الإقليمي مثل السودان والقرن الإفريقي.

تصاعدت حدة التوتر المكتوم بين القاهرة وتل أبيب بسبب خريطة الانتشار العسكري الإسرائيلي في رفح. فقد عبرت مصر رسميًا عن رفضها الكامل لمشروع "مدينة الخيام"، معتبرة إياه تهديدًا للأمن القومي المصري، و"قنبلة بشرية موقوتة" على حدودها. وبالتوازي، كثف اللواء حسن رشاد، رئيس المخابرات العامة، جهوده مع قطر والولايات المتحدة لحلحلة مأزق المفاوضات، حيث قُدم مقترح جديد يتضمن وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار وتبادلًا محدودًا للأسرى.

أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تسليط الضوء على أزمة سد النهضة بتصريحات واضحة تدعم الموقف المصري، منتقدًا تمويل بلاده السابق للمشروع. السيسي سارع إلى الإشادة بتلك التصريحات. في السياق نفسه، أكد وزير الخارجية بدر عبد العاطي أن ملف المياه "قضية وجودية"، مع التذكير باللجنة العليا التي تتابع الملف على مستوى رئاسة الوزراء.

نشرت وسائل إعلام إسرائيلية تقارير تتهم مصر بإعاقة عمليات التفتيش الجوية فوق سيناء وتوسيع انتشار قواتها في رفح دون تنسيق مسبق، في انتقاص واضح لاتفاقية كامب ديفيد. يأتي هذا في سياق اتهام واشنطن بوقف مراقبة التزامات المعاهدة منذ اندلاع حرب غزة.

من جانبها؛ أجرت الخارجية المصرية خلال الأسبوع عددا من المباحثات شملت السعودية، والأمم المتحدة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، فضلاً عن اتصالات مع إيران والولايات المتحدة. كما شاركت في بيان عربي–تركي مشترك يدعم وحدة سوريا ويرفض التدخلات الأجنبية.

في محاولة لاستيعاب التذمر الشعبي؛ قدم رئيس الوزراء مصطفى مدبولي اعتذارًا علنيًا للمواطنين على خلفية حوادث الطرق المتكررة، محذرًا في الوقت نفسه مما وصفه بمحاولات "تفجير الداخل" عبر بث الإحباط وفقدان الثقة بالدولة. وفي المقابل، تم الإعلان عن تنظيم مهام نواب الوزراء في 14 وزارة لتعزيز الكفاءة الإدارية، وافتتاح مرافق خدمية جديدة في العلمين.

 

 

المحور الاقتصادي

 

شهد الأسبوع توقيع اتفاقيات لمشروعات صناعية جديدة باستثمارات تتجاوز 300 مليون دولار، منها توسعات تركية في قناة السويس، ومشروعات صينية وهندية وهونغ كونغية في المنوفية والسادات والعين السخنة، ولكنها لا تزال محصورة في قطاعات كثيفة العمالة أو منخفضة التكنولوجيا، مما يجعلها غير قادرة على تحفيز تحول هيكلي في الاقتصاد المصري.

سُجل هذا الأسبوع إعلان عن 3 مصانع تركية جديدة، إضافة إلى توسعات شركة "حياة" ومدينة صناعية جديدة لـ"بولاريس". ورغم الترحيب الرسمي، إلا أن حجم هذه الاستثمارات (140 مليون دولار) لا يزال محدودًا مقارنة بحجم الاقتصاد المصري. ويبدو أن أنقرة لا تزال تستثمر في "الحيز الرمادي"، مستغلة الحاجة المصرية العاجلة لضخ سيولة أجنبية.

برز توجه واضح نحو استخدام الاستثمارات الأجنبية المباشرة لسد فجوات تمويلية، إذ كشف صندوق النقد عن تخصيص 3 مليارات دولار من الاستثمار الأجنبي خلال عام 2024 لسداد الدين العام، بعد تعثر تحصيل عوائد برنامج الطروحات. هذا الاستخدام المالي "الاستثنائي" يعكس هشاشة الإيرادات السيادية، ويطرح علامات استفهام حول جدوى الاستثمارات.

رغم إضافة 2000 ميغاوات من الطاقة المتجددة إلى الشبكة، إلا أن مصر أجّلت استلام شحنات غاز مسال بسبب عدم جاهزية سفن التغويز، ما يكشف مشكلات تنسيق في البنية التحتية. في المقابل، أعلنت الحكومة عن تشغيل كامل لسفن التغويز في السخنة وربطها بالشبكة، في محاولة لتدارك العجز المتوقع خلال أشهر الذروة الصيفية. التناقض بين العقود والشحنات الجاهزة وبين الجاهزية التنفيذية يعكس نمطًا متكررًا في إدارة مشاريع البنية التحتية.

تأرجحت مؤشرات البورصة بشدة خلال الأسبوع، فخسرت أكثر من 28 مليار جنيه في يومين (13 و16 يوليو)، قبل أن تعوّض نحو 44 مليارًا في يومين لاحقين. هذه التقلبات تعكس هشاشة السيولة، واعتماد السوق على مضاربات قصيرة المدى، لا على استثمارات استراتيجية. كما أن ضعف طرح شركات كبيرة يكرّس العزوف المؤسسي، ويزيد من التذبذب الحاد الذي يُنفر المستثمرين الجادين. كما باعت الحكومة هذا الأسبوع سندات بقيمة 38 مليار جنيه بمتوسط فائدة تجاوز 24.

في أخطر إشارة خلال الأسبوع، نشر صندوق النقد الدولي نتيجة المراجعة الثالثة التي طلبت الحكومة المصرية في مارس تأجيل نشرها، انتقد تقرير الصندوق بحدة استمرار سيطرة الجيش على النشاط الاقتصادي، مؤكدًا أن وجود 97 شركة تابعة للمؤسسة العسكرية، 73 منها صناعية، يعرقل التنافس ويمنع نمو القطاع الخاص، كما نشر بنودا مطولة تشرح أبعاد هذه الهيمنة وتقاعس الحكومة عن الإصلاحات الهيكلية. هذا النقد ليس شكليًا، بل يضع الحكومة في زاوية ضيقة أمام الشركاء الدوليين، وقد يؤثر مستقبلاً على برامج التمويل أو شروط الدفعات الجديدة.


 

المحور الأمني

 

أعلنت وزارة الدفاع عن تعيينات عسكرية تؤشر لإعادة ضبط التمركز جنوبًا، حيث عُين اللواء أسامة داود قائدًا لقوات حرس الحدود، واللواء محمد جمال رئيسًا لأركان المنطقة الجنوبية العسكرية، وهي المنطقة المسؤولة عن الحدود مع السودان. التغييرات تأتي في وقت حساس يتزامن مع توسع قوات الدعم السريع في السودان واقترابها من مناطق التماس مع مصر، ما يشير إلى نية القاهرة إعادة تنظيم حضورها العسكري في المثلث الحدودي ورفع درجة الجاهزية.

حقوقيا؛ شهد الأسبوع تصاعدًا في الشكاوى الحقوقية بشأن أوضاع الاحتجاز في مجمع سجون بدر، أبرزها محاولة انتحار أحد المتهمين داخل قاعة المحكمة، ووفاة معتقل سياسي يُعاني من السرطان أثناء نقله في سيارة ترحيلات. كما رصد محامون ظروفًا "مهينة وغير إنسانية" خلال جلسات تجديد الحبس، من بينها احتجاز عشرات المتهمين لساعات داخل أقفاص زجاجية دون تهوية أو مياه. وفي نفس السياق؛ طالبت 17 منظمة حقوقية بالإفراج عن صلاح سلطان بعد تدهور حالته الصحية داخل السجن.

 

 

المحور المجتمعي

 

شهد قطاعا النقل والصحة هذا الأسبوع وقائع أثارت استياءً شعبيًا واضحًا. في أسوان، غادر قطار VIP دون إحدى عرباته المحجوزة، ما تسبب في فوضى تنظيمية وشكاوى بين الركاب. وفي مستشفى بئر العبد، اشتكى مرضى الغسيل الكلوي من إهمال مزمن ونقص الأجهزة، ما أدى إلى تأخر جلسات حيوية. و في قرية دلجا بمحافظة المنيا؛ توفي خمسة أطفال أشقاء خلال أقل من أسبوع، وسط أعراض غامضة، دون إعلان رسمي واضح عن السبب. مما نشر حالة من الذعر في القرية تضاعفت بسبب بطء إعلان نتائج تحاليل الطب الشرعي، في ظل تأكيدات وزارة الصحة بأن "المرض ليس التهابًا سحائيًا"، دون بديل واضح.

عاد ملف الإيجارات القديمة إلى الواجهة بعد تمرير القانون الجديد في البرلمان، وسط اعتراضات من نقابات مهنية وأحزاب معارضة. من جانبه؛ حذر اتحاد المهن الطبية من تهديد آلاف العيادات والصيدليات، بينما بدأت الجبهة الشعبية في جمع توقيعات لمنع التصديق عليه. رغم أهمية إصلاح المنظومة العقارية؛ إلا أن تمرير القانون بصيغته الحالية يعكس ضعف الحوار ، ما قد يفجر أزمة سكنية وخدمية خاصة في الأحياء الشعبية.

استؤنفت أعمال إزالة منازل حي الميناء بالعريش، رغم وعود رسمية سابقة بتجميدها لحين توفير بدائل. تحدث الأهالي عن تهجير دون تعويض حقيقي، في تكرار لتجربة رفح القديمة.

في سياق آخر؛ واصل عدد من الصحفيين المؤقتين والموقوفين من القيد المهني ضغطهم على النقابة والهيئة الوطنية للصحافة، دون تقدم ملموس في تسوية أوضاعهم القانونية. كما ناشدت لجنة اللاجئين الإريتريين المفوضية العليا للاجئين لحل معضلة "الورقة البيضاء" التي يتعيشون بها منذ سنوات، دون منحهم بطاقات لجوء فعلية. في المقابل، استغاثت مواطنة سودانية بالرئيس المصري لوقف ترحيل شقيقها المريض بالسرطان، مؤكدة أنه لا يملك خيارًا آخر للعلاج.