استطلاع رأي لــ "معهد واشنطن" يكشف اتجاهات الجمهور السعودي تجاه القضايا الكبرى
التاريخ : الأحد 16 يوليو 2023 . القسم : دراسات
ما زال الإسلام "المعتدل" يستميل السعوديون، على الرغم من بعض المعارضة المستمرة
وبحلول آذار/مارس ونيسان/أبريل 2023، وافق نحو نصف السعوديين (43 في المئة) على هذا القول: " "علينا الاستماع إلى الذين يحاولون تفسير الإسلام بطريقة أكثر اعتدالًا وتسامحًا" وحداثةً". وبلغت هذه النسبة الآن حوالي ضعف الرقم المسجَّل منذ ست سنوات فقط، وحافظت على استقرارها إلى حدٍ ما على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وفي ما يتعلق بهذا السؤال الرئيسي، شملت النتائج غير المتوقعة إطلاقًا وإنما التي أثبتتها الاستطلاعات على مر السنوات الأخيرة، انقسام الآراء بالتساوي تقريبًا بين الراشدين السعوديين الشباب والأكبر سنًا. فالنسبة التي تؤيد الإسلام "المعتدل" في صفوف من تقلّ أعمارهم عن 30 عامًا لا تزيد ولا تقلّ عن نسبة الأكبر منهم سنًّا. وفي هذا الاستطلاع الأخير، يوافق الربع من كل جيل تقريبًا "بشدة" على هذا التفسير الجديد، فيما يعرب ربعٌ آخر من كل جيل عن موافقته "إلى حدٍ ما". وعلى صعيد معظم الأسئلة الأخرى أيضًا، لم تكن ببساطة الاختلافات المتوقعة بين الأجيال كبيرة جدًا من الناحية الإحصائية في هذه النتائج.
فيما لا يزال الفساد يُقلق نحو نصف الجمهور السعودي، لا تحظى الاحتجاجات بشعبية
بلغت أيضًا الآراء السعودية بشأن غياب المظاهرات المناهِضة للفساد في المملكة مستوى الأغلبية المستقرة. واعتبارًا من آذار/مارس ونيسان/أبريل 2023، وافق 78 في المئة من السعوديين على هذا الرأي: "إنه لأمر جيد ألا نشهد احتجاجات جماهيرية في الشوارع ضد الفساد، كما يحصل في دول عربية أخرى". وارتفعت هذه النسبة بشكل طفيف منذ عام 2020 حين وافق 48 في المئة فقط على الأقل إلى حد ما على إنه "من الجيد أننا لا نشهد أي تظاهرات كبيرة في الشارع حاليًا ".
ومع ذلك، أفاد حوالي نصف السعوديين (54 في المئة) في استطلاعات رأى سابقة إجريت في أواخر عام 2022 بأن المملكة "لا تبذل جهودًا تُذكَر" من أجل "الحد من الفساد في الاقتصاد والسياسة". كما كشفت نتائج استطلاع الرأي الذي اجري في تشرين الثاني /نوفمبر2018 أن أغلبية أكبر إلى حد ما من السعوديين (63٪) أعربوا عن الرأي نفسه، مما يشير إلى تحول إيجابي متواضع في المواقف السعودية تجاه هذه القضية. وفي خلال فترة الأربع سنوات تلك، أفاد عدد أكبر بقليل من السعوديين (بنسبة ارتفعت من 13 في المئة إلى 21 في المئة) بأن البلاد "تبذل جهودًا حثيثة" لمكافحة الفساد.
ما زالت أهمية العلاقات مع إيران منخفضة بنظر السعوديين، لكنّ حدّة هذا الرأي تراجعت
تُشكل إيران إحدى القضايا القليلة التي تظهر حولها اختلافات ملحوظة في المواقف بين الأغلبية السنّية (حوالي 90 في المئة) من المواطنين السعوديين والأقلية الشيعية الصغيرة (حوالي 10 في المئة)، التي يتركز معظمها في المنطقة الشرقية من البلاد. على سبيل المثال، في حين أن 60 في المئة من السنّة السعوديين يعتبرون إيران "عدوًا"، لا يوافق على ذلك سوى 39 في المئة من الشيعة السعوديين.
وعلى نحوٍ مماثلٍ، يقول ثلثا السنّة السعوديين (68 في المئة)، ولكن حوالي نصف الشيعة السعوديين فقط (54 في المئة)، إن "عودة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران" ستُحدِث آثارًا سلبية في المنطقة. وهذه الإجابات مهمة أيضًا إذ تعطي مثلًا على الاختلاف الشعبي غير العلني مع السياسة الرسمية، وتضيف المصداقية إلى النتائج العامة للاستطلاع.
وردًا على سؤال ذي صلة تم طرحه في استطلاعات الرأي السابقة، تبدو الاتجاهات مع مرور الوقت معتدلة إلى حد ما، إذ رأت الأغلبية الساحقة من السعوديين (88 في المئة) أن العلاقات مع إيران على أنها قليلة الأهمية في عام 2017، وحافظ 80 في المئة منهم تقريبًا على هذا الرأي في عام 2022. ولكن قال عدد أقل من السعوديين في عام 2022 (44 في المئة) مقارنةً بعام 2017 (58 في المئة) إن العلاقات مع إيران "غير مهمة على الإطلاق".
قد يشير هذا التغيّر في المشاعر إلى عداء سعودي أقل بشكل عام تجاه إيران كونها مصدر تهديد لوجود المملكة العربية السعودية. ومن المثير للدهشة أن نسبة ملحوظة من السعوديين (85 في المئة) تُوافق على هذا القول: "ستحمل ضربة أمريكية أو إسرائيلية كبيرة على إيران تداعيات خطيرة وتنعكس سلبًا على بلادنا". ويشمل هذا الرقم حوالي النصف (48 في المئة) من السعوديين الذين يؤيدون هذا القول "بشدة". وعلى نحوٍ غير متوقعٍ أيضًا، تُعرب في المقابل نسبة أدنى إلى حدٍ ما من نصف السعوديين (43 في المئة) عن موافقتها على هذا الطرح الاستفزازي بشكل متعمد: "بما أن إيران تقترب كثيرًا من امتلاك قنبلة نووية، حان الوقت لكي تحصل دولة عربية على واحدة أيضًا".
تزداد أهمية العلاقات مع الصين وروسيا وفق الآراء، لكن ما زالت الولايات المتحدة تحتفظ بأهميتها
يرى الآن معظم السعوديين الولايات المتحدة إما "صديقة" (17 في المئة)، أو "شريكة أمنية" (32 في المئة)، أو "شريكة اقتصادية" (33 في المئة) في المقام الأول. وتحظى الصين اليوم بآراء أكثر إيجابية، ولو على الصعيد الاقتصادي بالدرجة الأولى: فهي "صديقة" بالنسبة إلى 17 في المئة، و"شريكة أمنية" بالنسبة إلى 11 في المئة، و"شريكة اقتصادية" بالنسبة إلى 62 في المئة.
وتلفت النظر أيضًا النتائج الإيجابية للغاية التي حققتها روسيا عمومًا: فهي "صديقة" بالنسبة إلى 20 في المئة، و"شريكة أمنية" بالنسبة إلى 34 في المئة، و"شريكة اقتصادية" بالنسبة إلى 41 في المئة. وعلاوةً على ذلك، وتماشيًا مع هذا التقييم السائد، وافقت نسبة مدهشة تعادل ثلاثة أرباع السعوديين (74 في المئة)، ابتداءً من آذار/مارس ونيسان/أبريل 2023، على الأقل "إلى حدٍ ما" على القول التالي المثير للجدل على نحو متعمد: "في الحرب الجارية بين روسيا وأوكرانيا، ستتمثل أفضل نتيجة بانتصار روسيا، بما في ذلك ضم أراض أوكرانية واسعة إلى روسيا".
اتجاهات السعوديين مع مرور الوقت: الولايات المتحدة وروسيا والصين
عندما سُئل السعوديون في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 عن "مدى أهمية العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة؟"، اعتبرت الأغلبية (56 في المئة) أن هذه العلاقات غير مهمة جدًا أو غير مهمة على الإطلاق. إلا أن هذه النسبة تمثّل تحسنًا طفيفًا مقارنة بنسبة 60 في المئة السعوديين الذين تبنوا هذا الرأي منذ خمس سنوات، في تشرين الأول/أكتوبر 2017.
وبين عامَي 2017 و2022، أشار السعوديون إلى ازدياد أهمية العلاقة بين المملكة العربية السعودية وروسيا. فقد أظهر الاستطلاع الذي أُجري في تشرين الأول/أكتوبر 2017 أن 62 في المئة من السعوديين يعتبرون علاقات المملكة مع روسيا "غير مهمة إلى حدٍ ما". ولكن هذه النسب انعكست الآن تقريبًا وتراجعت، حيث أفاد 44 في المئة من السعوديين في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 بأن العلاقات مع روسيا "غير مهمة"، كما أفادت أغلبية السعوديين (53 في المئة) بأنها تنظر إلى العلاقات السعودية الروسية بدرجة معيّنة من الأهمية.
كانت مواقف السعوديين تجاه أهمية وعدم أهمية العلاقات مع الصين في عام 2017 متساوية نسبيًا بنسبة 46 في المئة و50 في المئة على التوالي. لكن بعد مضى خمسة سنوات، أصبح السعوديون أقل انتقادًا للعلاقات مع الصين حيث ينظر نحو 60 في المئة من السعوديين إلى العلاقات مع الصين بدرجة معيّنة من الأهمية.
يتوافق الحس المتزايد بأهمية العلاقات السعودية الصينية والسعودية الروسية مع الشعور المتنامي بعدم إمكانية الاعتماد على الولايات المتحدة كشريك. ففي عام 2021، انقسمت آراء السعوديين بالتساوي حول ما إذا كانت المملكة العربية السعودية تستطيع "الاعتماد على الولايات المتحدة هذه الأيام" أم يتعيّن عليها بدلًا من ذلك "التطلع أكثر إلى روسيا والصين كشريكتين"، واعتبر 49 في المئة أنه يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة في حين عارض 49 في المئة ذلك. وبعد عامٍ واحدٍ، اعتبرت أغلبية السعوديين (61 في المئة) أنه من الأفضل أن تتطلع بلادهم أكثر إلى روسيا والصين كخيارٍ بديلٍ.
ملاحظات منهجية
يستند هذا التحليل إلى نتائج استطلاعات قائمة على مقابلات شخصية أجريت من تشرين الأول/أكتوبر 2017 إلى آذار/مارس ونيسان/أبريل 2023 مع عينات تمثيلية على المستوى الوطني مؤلفة من 1000 مواطن سعودي. واتّبع اختيار العينات إجراءات الاحتمالية الجغرافية القياسية، ما أسفر عن هامش خطأ إحصائي يبلغ حوالي 3 في المئة. وقد أجرت هذه الاستطلاعات شركة تجارية إقليمية تتمتع بدرجة عالية من الكفاءة وذات خبرة وطابع غير سياسي على الإطلاق. وتم توفير ضوابط صارمة للجودة وضمانات للسرية في كافة مراحل العمل الميداني. ويمكن الاطلاع على معلومات إضافية حول المنهجية، بما فيها الاستبيانات الكاملة ومجموعات البيانات مع التصنيفات الديمغرافية، على منصة بيانات الاستطلاعات التفاعلية الخاصة بـ"معهد واشنطن".