المحادثات الإيرانية الأمريكية.. لن تفضي إلى اتفاق لكنها ستقلل المخاطر الجيوسياسية
التحسن الطفيف في العلاقة بين واشنطن وطهران سيساهم في تحسين البيئة الجيوسياسية في الشرق الأوسط. رغم ذلك، ما زال من الصعب تحقيق اتفاق رسمي، مثل العودة إلى "اتفاق إيران النووي" في البيئة السياسية العالمية الحالية؛ وعلى الصعيد العالمي الأوسع، ستستمر إيران في اتباع سياستها الخارجية المستقلة حتى لو كان هذا...
المحادثات الأمريكية الإيرانية غير المباشرة الأخيرة تتماشى مع التوقع بأن التوترات بشأن برنامج إيران النووي ستظل تحت السيطرة؛ فبعد سلسلة من المصالحات بين إيران والدول المجاورة التي تهدف لتخفيف المخاطر الأمنية من قبل إيران، وبوادر حسن النية من الجانبين الإيراني والأمريكي (لهجة المرشد الأعلى المخففة، إفراج أمريكا عن حوالي 2.7 مليار دولار) يمكن النظر إلى المحادثات غير المباشرة، التي تتم عبر وسطاء مثل عُمان، على أنها اتفاق تبادل صفقات؛ فمن المرجح أن تفرج إيران عن السجناء الأمريكيين وتوافق على السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول المستمر إلى مواقعها النووية المختلفة، لمراقبة مستويات التخصيب لديها. بالمقابل، ستفرج الولايات المتحدة عن بعض الأصول المجمدة، على الأرجح مباشرةً إلى الدائنين الإيرانيين (مثل السبعة مليارات دولار في بنوك كوريا الجنوبية). ويمكن أيضًا أن تسمح واشنطن (بشكل غير رسمي) بحجم أكبر من صادرات النفط الإيراني وأن تكون أكثر تقبلًا للاستثمار والمعاملات التجارية بين إيران ودول الشرق الأوسط؛ حيث لا يتطلب هذا النوع من الاتفاقات غير الرسمية موافقة الكونغرس، كما إن له مصلحة وطنية (نقل المواطنين الأمريكيين المحتجزين حاليًا كسجناء سياسيين في إيران).
وسيساهم هذا أيضًا في تقليل المخاطر الأمنية خصوصًا البحرية منها في المنطقة، وهذا يمثل مصلحة رئيسية للولايات المتحدة. وبالنسبة لإيران، فإن هذا من شأنه أن يعزز المعنويات ويوفر بعض الدعم للعملة في السوق الموازية، وبالتالي يخفف قليلًا من حجم ضغوط التضخم.
كما إن التحسن الطفيف في العلاقة بين واشنطن وطهران سيساهم في تحسين البيئة الجيوسياسية في الشرق الأوسط؛ حيث سيؤدي تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران على الأرجح إلى تحسن تدريجي في حجم التجارة والاستثمار بينهما. وبعد تصريحات في هذا الإطار من وزيرة الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى في الـ14 من حزيران/ يونيو الماضي، ستوافق البحرين غالبًا على إعادة فتح سفارتها في طهران خلال الأشهر المقبلة، حيث ستكون آخر دولة في مجلس التعاون تعيد العلاقات الدبلوماسية مع إيران.
رغم ذلك، ما زال من الصعب تحقيق اتفاق رسمي، مثل العودة إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة" المعروفة باسم "اتفاق إيران النووي" في البيئة السياسية العالمية الحالية؛ وعلى الصعيد العالمي الأوسع، ستستمر إيران في اتباع سياستها الخارجية المستقلة حتى لو كان هذا على خلاف ما تريده الولايات المتحدة.