التليجراف: من رحلات التخييم إلى التجاهل المتعمد، لماذا اختلف الصديقان الأقوى في الشرق الأوسط؟

خلاصة

تستعرض صحيفة التليجراف ما كشفته صحيفة أمريكية مؤخرًا عن وجود خلاف مرير بين ولي العهد السعودي ورئيس الإمارات، الأمر الذي أثار مخاوف بشأن الاستقرار الإقليمي.

نشرت صحيفة التليجراف تقريرًا أعدَّه جيمس روثويل يستعرض فيه التوتر الحالي في العلاقة بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس دولة الإمارات محمد بن زايد.

وأشار الكاتب في مستهل تقريره إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان بدأ أنهما صديقان مقربان عندما شرعا في رحلة تخييم وصيد بالصقور في الصحراء السعودية لمناقشة مسائل الدولة، قبل سبع سنوات فقط.

لكن هذا الأسبوع، وحسب ما يتابع الكاتب، كشف تقرير إعلامي أمريكي مثير عن خلاف مرير بين قادة السعودية والإمارات العربية المتحدة، الأمر الذي أثار مخاوف من أن التنافس بينهما قد يمتد إلى عداء مفتوح.

«سيرون ما يمكنني فعله» 

ولفت الكاتب إلى أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لم يتحدث إلى الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان منذ ستة أشهر، وفقًا لصحيفة السعودي وول ستريت جورنال، التي نقلت عن مصادر متعددة مقربة من الرجلين.

كما يُزعم أن ولي العهد السعودي هدد بفرض حصار على غرار حصار قطر على الإمارات خلال إحاطة غير رسمية مع الصحفيين السعوديين في ديسمبر، محذرًا: «سيرون ما يمكنني فعله».

سعى المسؤولون السعوديون والإماراتيون إلى التقليل من أهمية التفاصيل المثيرة في التقرير والإصرار على أن العلاقات بين البلدين قوية.

وأكد مصدر مقرب من القيادة السعودية أن التنافس بين الحليفين المقربين ليس بالأمر الجديد، مستشهدا بالشراكة العاصفة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

وقالوا إن العلاقة بين الدولتين الخليجيتين لا تزال مستقرة لكنها قد لا تكون دائما في أفضل حال.

وأضافوا أنه لا توجد خلافات بين الدولتين حول كيفية معالجة النزاعات الإقليمية الكبرى، مثل سوريا واليمن، رغم أن كلاهما يسعى لتحقيق مصالحهما.

الصراع على النفوذ

لكن المزاعم تشير إلى أن العلاقة الوثيقة بين الرجلين قد توترت في وقت يكافحان فيه لملء فراغ القوة في الشرق الأوسط الذي خلفته إدارة بايدن.

وقال مسؤول أمريكي كبير لصحيفة وول ستريت جورنال، التي أجرت أيضًا مقابلات مع مسؤولين من دول الخليج وعملاء استخبارات أمريكيين سابقين لتقريرها: «هذان شخصان طموحان للغاية يريدان أن يكونا لاعبين رئيسين في المنطقة»، مضيفًا أنه وعلى مستوى ما، ما زالا يتعاونان، وبشكل عام، ليس من المفيد لواشنطون أن يكون هناك خلاف بين الحليفين. 

منذ أن قللت الولايات المتحدة من انخراطها في الشرق الأوسط، كان محمد بن سلمان يحاول تقديم نفسه على أنه اللاعب الرئيس التالي في المنطقة.

في الأشهر الأخيرة، قاد ولي العهد السعودي جهود العالم العربي لتطبيع العلاقات مع الديكتاتور السوري بشار الأسد، الذي ألقى كلمة في مايو أمام قمة جامعة الدول العربية لأول مرة منذ عقد.

بدأت العملية بالفعل قبل عدة سنوات من جانب الإمارات العربية المتحدة، التي أعادت فتح سفارتها في دمشق في عام 2018، لكن يبدو أن الرياض تأخذ الكثير من الفضل في هذه الخطوة.

وأضاف الكاتب أن ولي العهد طلب المساعدة من الصين في التحسن الكبير في العلاقات بين السعودية وإيران اللتين ستعيدان فتح سفاراتهما وربما يضعان حدًا للحرب المستمرة في اليمن، حيث تدعم الرياض وطهران الجانبين المتعارضين.

يبدو أن سلسلة التحولات الدبلوماسية أحبطت محمد بن زايد، والذي كان منذ وقت ليس ببعيد مرشدًا أكثر من كونه منافسًا للحاكم السعودي.

يقال إن الزعيم الإماراتي لعب دورًا رئيسًا في الضغط على إدارة ترامب لصالح محمد بن سلمان عندما كان نائب ولي العهد - وساعد في تأمين زيارة ترامب رفيعة المستوى إلى السعودية في عام 2017.

تنافس كبير

لكن المنافسات الحالية أعمق بكثير من الدبلوماسية، وذلك لأن كلتا الدولتين الخليجيتين تتنافسان على الاستثمار العالمي وتريدان أن تكون عاصمتهما الموطن المفضل للشركات الغربية الثرية والقوية.

وقال الكاتب إن دبي تتمتع حاليًا بالميزة، لكن السعودية أطلقت سلسلة من مشاريع الاستثمار والبناء، مثل مدينة نيوم الضخمة، والتي تهدف إلى جعل البلاد أكثر جاذبية للأجانب.

عندما سعى محمد بن سلمان لتحديث مملكته المحافظة للغاية، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، أنه طلب المشورة من محمد بن زايد وعين نفس المستشارين الذين استخدمتهم الإمارات لمشروع مماثل قبل عقد من الزمن.

من الناحية الاقتصادية، تشتبك كلتا الدولتين الخليجيتين بشكل متزايد بشأن إنتاج النفط، بينما أطلق محمد بن سلمان شركة طيران وطنية ثانية لتنافس طيران الإمارات.

التكامل أم المنافسة ؟

ويلفت الكاتب إلى التقارير التي تفيد بأن الولايات المتحدة قلقة من أن الصراع على النفوذ والقوة في الخليج قد يضعف الجهود لبناء تحالف أمني ضد إيران العدو اللدود وقد يؤخر العمل على حل الصراع اليمني.

وقال السير جون جينكينز، سفير المملكة المتحدة السابق لدى السعودية، إنه ليس من المستغرب أن تحتدم المنافسات، لكن هذا لن يؤدي بالضرورة إلى انفجار كبير بين محمد بن سلمان و محمد بن زايد.

وأضاف أن محمد بن سلمان يريد تحويل السعودية من بعض النواحي إلى نسخة فائقة التطوير من الإمارات، وهذا التكامل يبدو الآن وكأنه منافسة. ويمكن ادارتها طالما ان الجانبين سعداء بتقديم تنازلات، على حد قوله.

واتصلت الصحيفة بالسلطات السعودية للتعليق لكنها لم تتلق ردا على الفور.

وقال مسؤول سعودي لصحيفة وول ستريت جورنال عندما اتصل به للتعليق على الخلاف المزعوم: «الإمارات شريك إقليمي وثيق للمملكة العربية السعودية، وسياساتنا تتقارب حول مجموعة واسعة من القضايا ذات الاهتمام المشترك».

الموضوع التالي جماعة "الحوثي" تعلن تعثر المفاوضات مع السعودية.. ومصرع ٤ من عناصرها في قتال مع الجيش اليمني
الموضوع السابقأي 24 نيوز: الإسرائيليون على رأس قائمة المستفيدين من التأشيرة الإلكترونية المغربية