معهد الشرق الأوسط: مصر تعيد ترتيب أولوياتها.. تحول استراتيجي نحو قطر وتركيا وإيران

خلاصة

يخلص مقال نشره معهد الشرق الأوسط حول تحول مصر الاستراتيجي الأخير تجاه قطر وتركيا وإيران إلى أن مصر تستهدف من خلال إعادة ترتيب أولوياتها تحقيق أهداف محلية مثل تخفيف أزمتها المالية، وأخرى إقليمية مثل الحفاظ على استقرار حدودها الغربية والقرن الأفريقي وكذلك السعي للتوصل لإتفاق بشأن سد النهضة والحد من...

نشر معهد الشرق الأوسط مقالًا للباحث عمرو صلاح محمد يستعرض فيه دلالات التحول الاستراتيجي لمصر تجاه قطر وتركيا وإيران. 

ويقول الكاتب إنه وفي حين يعزو البعض تحول مصر الاستراتيجي الأخير تجاه قطر وتركيا وإيران إلى التغييرات في السياسات الخارجية لحلفاء مصر المؤثرين، الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، نحو التعامل مع هذه الدول، فإن الدافع الأساسي لهذا التحول هو أهداف مصر المحلية والإقليمية.

تخفيف الأزمة المالية

وأوضح الكاتب أن أحد الأهداف الأكثر إلحاحًا هو تخفيف الأزمة المالية في مصر، والتي دفعت القاهرة إلى البحث عن مصادر أخرى للعملة الأجنبية، مثل الاتصال بالمانحين الآخرين وجذب المستثمرين الأجانب. 

ويمكن أن توفر استعادة العلاقات مع قطر وتركيا وإيران فرصًا للشركات المصرية في جهود إعادة الإعمار بعد الصراع في ليبيا وسوريا، فضلًا عن تعزيز قطاع السياحة.

محور إقليمي للغاز

وأضاف الكاتب أن مصر تهدف كذلك إلى أن تصبح مركزًا إقليميًا للغاز الطبيعي المسال، وقد يكون استثمار قطر في هذا القطاع مفيدًا.

وأشار الكاتب إلى أن مصر لا تزال بحاجة إلى تعاون تركيا، التي عارضت جهودها الطموحة للتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط. وقد يؤدي خفض التصعيد مع تركيا إلى تسوية بشأن المنطقتين الاقتصاديتين البحريتين لكل من البلدين وتعزيز التنقيب المصري في المنطقة.

كسر الكماشة

وينوِّه الكاتب إلى أن إعادة تنظيم مصر لأولويات سياستها الخارجية يمكن أن يؤدي، من الناحية السياسية، إلى تحقيق الاستقرار على حدودها الغربية مع ليبيا والقرن الأفريقي، حيث تتمتع تركيا وإيران بنفوذ كبير. ويمكن أن يساعد التقارب مع تركيا مصر على كسر الكماشة التركية من الغرب والجنوب، بينما تسعى أيضًا إلى التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير، الذي سعت مصر للتوصل إلى اتفاق مع إثيوبيا منذ عام 2014. 

وأوضح الكاتب أن المساعدة المحتملة من الجهات الفاعلة المؤثرة في القرن الأفريقي، بما في ذلك تركيا وإيران، يمكن أن تساعد في حل أزمة سد النهضة والذي فشل في حلها القوى التقليدية، وذلك لأن كلا البلدين لديهما علاقات قوية مع الحكومة الإثيوبية. 

ووقعت تركيا، ثاني أكبر مستثمر أجنبي في إثيوبيا، اتفاقية تعاون عسكري مع أديس أبابا في عام 2021 وسط تصعيد مع القاهرة. ويشير استخدام الطائرات المسيرة التركية والإيرانية في حرب رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في تيغراي إلى دعم عسكري تركي وإيراني محتمل.

 علاوة على ذلك، عرضت تركيا التوسط في المفاوضات بين إثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة قبل بضع سنوات. اليوم، من خلال الاقتراب من إيران وتركيا، يمكن أن تستفيد مصر من نفوذها على إثيوبيا للمساعدة في التوصل إلى اتفاق عادل لكلا الجانبين.

تعزيز أهميتها الاستراتيجية للغرب

وأضاف الكاتب أن أحد الأهداف يتمثل  أيضًا في تعزيز أهميتها الاستراتيجية للغرب. ففي حين أن تطلعات مصر إلى أن تصبح مركزًا للغاز الطبيعي المسال يمكن أن تعزز أهميتها لأوروبا، فإن القاهرة تدرك أيضًا الحاجة إلى تعزيز أهميتها للولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن أهمية مصر للولايات المتحدة في السابق كانت تعتمد في الغالب على مساهماتها في مكافحة الإرهاب، والوساطة الإقليمية المشتركة، واتفاقية السلام مع إسرائيل. ومع ذلك، فإن المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط آخذ في التطور والقوى الإقليمية الناشئة تضطلع الآن ببعض ما كانت مصر تقوم به في السابق.

ويلفت الكاتب إلى هدف أخر للحكومة المصرية وهو الاستمرار في تفكيك جماعة الإخوان المسلمين في الشتات، والحد من تأثيرها في الداخل عبر آلتها الدعاية والتي تسعى للاستفادة من ضعف النظام المحلي بسبب الأزمة الاقتصادية. وقد سمح التقارب مع تركيا وقطر لمصر بتعطيل وجود قادة الجماعة والشخصيات الرئيسة في كلا البلدين، مع الضغط على الآخرين للانتقال إلى مكان آخر وتقليل لهجة منتقديهم.

ويرى الكاتب في ختام مقاله أن  إعادة التنظيم الإقليمي لمصر يمكن اعتباره بمثابة استجابة للديناميكيات الداخلية والإقليمية. ومع ذلك، لا تزال القاهرة تواجه تحديات متعددة. وعلى الرغم من أن التمويل من المصادر الخارجية قد يساهم في تخفيف الأزمة الاقتصادية في مصر، إلا أنه لا يمكن أن يحل محل الإصلاحات المحلية اللازمة. وعلاوة على ذلك، سيتوقف نجاح مصر في تحقيق أهدافها الإقليمية على عدة عوامل. وتشمل هذه العوامل متانة الروابط المكونة حديثًا في منطقة ديناميكية وما يمكن أن تقدمه مصر للدول الثلاث في المقابل.

الموضوع التالي الإبقاء على رئيس الأمن الوطني.. وزير الداخلية يعتمد تنقلات الشرطة الجديدة
الموضوع السابقمنظمات حقوقية: "خطاب التفويض" سمح للسلطات بتوظيف الذرائع الأمنية لتعزيز قبطتها