مودرن دبلوماسي: الشراكة المصرية الروسية في خضم منطقة مضطربة

خلاصة

يناقش مقال نشره موقع مودرن دبلوماسي العلاقة الروسية المصرية، ويسلط الضوء على زيادة التعاون بين البلدين وكذلك العقبات أمامهما، ويخلص المقال إلى أن الشراكة المصرية الروسية لها أهمية استراتيجية لكلا البلدين. ويربط هذا بعدم الاستقرار السياسي الأوسع والاضطرابات في جميع أنحاء الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة.

استعرض الباحث الروسي إيفان بوشاروف، مساعد برامج في مجلس الشؤون الدولية الروسي، أفق العلاقات المصرية الروسية في منطقة مضطربة، وذلك في مقال نشره موقع مودرن دبلوماسي.

يستحضر الكاتب في بداية مقاله ما حدث قبل عشر سنوات تقريبًا وتحديدًا في 30 يونيو 2013، تاريخ مرور عام على تنصيب الرئيس المصري محمد مرسي، وذلك في خضم وضع ينذر بالخطر. لعدة أيام ، هز معارضو مرسي مصر بمظاهرات ضد الرئيس وحزبه الحرية والعدالة، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين.

ووفقًا للكاتب، فقد نزل ملايين المصريين إلى الشوارع للاحتجاج في يونيو 2013. فمع المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المستعرة في البلاد والمطالب السياسية المتزايدة للشعب المصري، اضطرت القوات المسلحة المصرية، التي كانت تتمتع في السابق بثقة الجمهور، إلى الكشف عن الطبيعة الحقيقية لقوتها. في 3 يوليو 2013، أعلن وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي آنذاك الإطاحة بالرئيس مرسي.

تراجع العلاقات المصرية الروسية في عهد الإخوان

وأوضح الكاتب أن الإخوان المسلمون لم يتمكنوا من الاحتفاظ بالسلطة سوى لعام واحد. ولم تكن تلك الفترة مفيدة بأي حال من الأحوال للعلاقات الروسية المصرية. 

فمن ناحية، كانت مصر واحدة من أهم الوجهات السياحية للروس. روسيا، بدورها، كانت المورد الرئيس لمصر للقمح، وهو أمر بالغ الأهمية للقاهرة من حيث ضمان الأمن الغذائي. ومن ناحية أخرى، في عام 2003، صنفت المحكمة العليا للاتحاد الروسي جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية. 

وبالإضافة إلى ذلك، كانت هناك آراء متضاربة بشأن طرق حل الأزمة السورية. واقترح مرسي إنشاء منطقة حظر طيران فوق سوريا، مما سيوجه ضربة ساحقة لموقف بشار الأسد في البلاد.

مرحلة جديدة مع صعود السيسي

ومع ذلك، ووفق ما يضيف الكاتب، فقد تغير الكثير منذ يوليو 2013. عندما أصبح السيسي الرئيس الجديد للبلاد في عام 2014، دخلت روسيا ومصر مرحلة جديدة في علاقاتهما الثنائية. وتتسم هذه المرحلة أساسا بمحاولات لتكثيف التعاون العسكري - التقني. وكانت هناك تقارير من نوفمبر 2013، تكشف عن عقود بين روسيا ومصر للإمدادات العسكرية يبلغ مجموعها حوالي 3 مليارات دولار. وكان هذا التطور مهمًا للغاية لمصر، نظرًا لأن الولايات المتحدة علقت مبيعات أسلحتها بعد صيف 2013 المضطرب.

بعد بداية الأزمة الأوكرانية في عام 2014، واجه التعاون العسكري التقني بين موسكو والقاهرة قيودًا خطيرة.

التعاون في مكافحة الإرهاب

ومع ذلك، كانت هناك تقارير عن إرسال طائرات هليكوبتر هجومية متعددة الأغراض من طراز كيه أيه -52 إلى مصر لحاملات طائرات هليكوبتر من طراز ميسترال. وكانت إمدادات الأسلحة مهمة لمصر من حيث مكافحة الإرهاب، بحسب التقرير.

وعلى مدى السنوات العشر الماضية، شهدت مصر عددًا كبيرًا من الهجمات الإرهابية. وكانت واحدة من أكبر تلك الهجمات تفجير طائرة روسية أثناء تحليقها فوق شبه جزيرة سيناء في 31 أكتوبر 2015. وربما كان هذا الحادث أحلك صفحة في تاريخ العلاقات الثنائية الروسية المصرية. وقتل في هذا التفجير 224 شخصا. ولأسباب أمنية، اضطرت روسيا إلى تعليق الحركة الجوية مع المطارات المصرية؛ وكان هذا الحظر ساري المفعول في مدن المنتجعات المصرية حتى صيف عام 2021.

وترى روسيا أن مسألة الإرهاب الدولي مقلقة للغاية. في السنوات الأخيرة، دعمت موسكو القاهرة في حربها ضد هذا التهديد. ومنذ عام 2015، أجرت روسيا ومصر مرارًا تدريبات عسكرية مشتركة يمارسان فيها مكافحة التهديدات الإرهابية.

الشراكة المصرية الروسية 

ويتابع الكاتب: وفقًا لمفهوم السياسة الخارجية الروسية، تهتم روسيا بتشكيل هيكل أمني إقليمي شامل مستدام في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتحاول مصر بدورها بناء علاقات متوازنة على أساس مبادئ مثل احترام السيادة وعدم تدخل القوى الدولية (ليس فقط روسيا، ولكن أيضًا الولايات المتحدة والصين)، فضلًاعن اللاعبين الإقليميين.

من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى الوضع في ليبيا، تشترك روسيا ومصر في مواقف مماثلة بشأن عديد من القضايا المدرجة على جدول أعمال المنطقة. ومن المهم كذلك أن مصر تفضل استعادة سيادة سوريا على كامل أراضيها، على الرغم من أن القاهرة لم تستَعِد بعد العلاقات الدبلوماسية مع دمشق.

ويرى الكاتب أن التعاون بين روسيا ومصر في قطاع الطاقة يستحق اهتمامًا خاصًا. في عام 2015، وقعت شركة غازبروم وشركة إيجاس المصرية عقدًا لإرسال إمدادات الغاز المسال إلى مصر. في العام نفسه، وقعت روسيا ومصر اتفاقية بشأن بناء محطة الضبعة الوطنية، والتي من المرجح أن تظل مشروعًا رئيسًا في التعاون الروسي المصري لسنوات عديدة قادمة.

في عام 2018، ظهرت اتفاقية حكومية دولية بشأن إنشاء وشروط الأعمال الروسية في المنطقة الصناعية لقناة السويس. وسيتيح إطلاق هذه المنطقة فرصًا إضافية لتوريد سلع روسية الصنع إلى بلدان في الشرق الأوسط وأفريقيا.

ويؤكد الكاتب في ختام مقاله أنه ورغم الصعوبات التي ستمر بها روسيا ومصر حتمًا، فلا شك أن الشراكة بين موسكو والقاهرة لها مكانة خاصة وتحمل كذلك أهمية استراتيجية لكليهما. وستستمر العلاقات الروسية المصرية في التطور بوصفها شراكة متبادلة المنفعة.

الموضوع التالي الإندبندنت: شركة سفر تفيد بارتفاع حجوزات السفر لمصر وتركيا بسبب أسعار العملات
الموضوع السابقميدل إيست أي: الولايات المتحدة 'أخفقت في ردع الانتهاكات الحقوقية في مصر' بعد 10 سنوات منذ مذبحة رابعة