تقدير "إسرائيلي".. لن تنتهي حماس وإن قتل قادتها ودمرت قدراتها العسكرية في غزة
حتى لو قتل الجيش الإسرائيلي قيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ودمر قدراتها العسكرية في غزة، فلن تنتهي الحركة في ظل ولاء الكثير من المدنيين في القطاع لها، بالإضافة إلى تحالفاتها الإقليمية ووجود أنصار لها في كل الدول العربية والإسلامية تقريبا، حتى التي أقامت علاقات مع "إسرائيل".
حتى لو قتل الجيش الإسرائيلي قيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ودمر قدراتها العسكرية في غزة، فلن تنتهي الحركة في ظل ولاء الكثير من المدنيين في القطاع لها، بالإضافة إلى تحالفاتها الإقليمية ووجود أنصار لها في كل الدول العربية والإسلامية تقريبا، حتى التي أقامت علاقات مع “إسرائيل”.
تلك القراءة طرحها المحلل الإسرائيلي تسفي بارئيل، في تحليل بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية (Haaretz) ترجمه "الخليج الجديد"، في ظل مؤشرات متواترة على قرب شن جيش الاحتلال هجوما بريا على غزة، ضمن مواجهة متواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
بارئيل قال إن "خطة عمل الجيش الإسرائيلي في غزة تقوم على هدف رئيسي واحد، هو تدمير قدرات حماس وطمس احتمالات إحيائها كقيادة محلية، وهي خطة طموحة وضرورية، لكن ثمنها سيكون باهظا جدا ونتائجها غير مضمونة، على افتراض أنها ممكنة تماما".
واعتبر أن النظام الجديد في غزة "من غير الممكن أن يتجاوز القطاع المدني التابع لحماس، وهم نحو أربعين ألفا من البيروقراطيين يعملون ويكسبون الرزق نتيجة ولائهم للحركة، وبينهم آلاف المعلمين وضباط الشرطة والأطباء ومعلمي رياض الأطفال والأئمة والمهندسين".
ويعاني سكان غزة، وهم نحو 2.2 مليون فلسطيني، من أوضاع معيشية متدهورة للغاية؛ جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في 2006.
درس العراق
و"مثل الحال مع غزة، كانت إدارة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش (عام 2003) تأمل في "تطهير" العراق من حزب البعث التابع للرئيس صدّام حسين (أطاحت به واشنطن في غزو عسكري)، في الجيش القطاع المدني، وإنشاء عراق جديد، لكنه كان فشلا ذريعا"، كما أضاف بارئيل.
ولفت إلى أنه "تم فصل الآلاف من الجنود والضباط من الجيش العراقي؛ لأنهم كانوا أعضاء في الحزب، ولأنهم لم يكن من الممكن أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه من دون قسم الولاء للحزب والرئيس".
وتابع: "كما تم فصل المحاضرين الجامعيين والقضاة والمعلمين والأطباء وأعضاء الحزب؛ ما وضع أول حاكم أمريكي فعلي للبلد المهزوم، بول بريمر، في وضع صعب أعاق احتمال إعادة تأهيل العراق لسنوات".
و"في نهاية جهد سريع ومخطط له بشكل عشوائي، وجدت (واشنطن) نفسها من دون جيش عراقي فاعل أو قوة شرطة أو نظام قضائي أو مدارس"، كما زاد بارئيل.
وأردف: "وخلال فترة قصيرة، تحول الذين تم فصلهم من الجيش إلى جيش إرهابي يوجه العمليات ضد قوات التحالف الدولي التي كانت تحكم العراق، وتعاونوا أيضا مع تنظيم القاعدة ولاحقا مع تنظيم الدولة".
وجود إقليمي
بارئيل قال إن "الفارق بين حماس وحزب البعث يمكن في النطاق الواسع لوجود حماس الإقليمي، والذي يمتد إلى ما هو أبعد من غزة".
وأوضح أن لدى حماس "قوات مسلحة في لبنان تعمل في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وأثبتت قدرتها على إطلاق الصواريخ على إسرائيل، كما أن المصالحة بين حماس وسوريا بعد فترة طويلة من قطع العلاقات، يمكن أن توفر لحماس فرصة إضافية".
ومضى قائلا: "ويمكن للمرء أن يفترض أيضا أن إسرائيل لن ترغب في بدء حرب مع قطر، التي تستضيف عددا من القيادات السياسية لحماس".
وزاد بأن "لدى حماس أنصار في كل دولة عربية وإسلامية تقريبا، بما في ذلك الدول التي وقعت اتفاقيات سلام مع إسرائيل، مما وفّر للحركة تبرعات أساسية لوجودها ومعداتها العسكرية، ويمكن أن تتزايد بعد أن "تسحق" إسرائيل حماس في غزة".
ومن أصل 22 دولة، تقيم 5 دول عربية، هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب، علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تحتل أراضٍ في سوريا وفلطسين ولبنان منذ حرب 1967.
و"تواجه هذه البلدان الآن قلقا عميقا بشأن العواقب التي قد تترتب على إسقاط حماس (...) ويخشى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن يكون هناك آلاف من نشطاء حماس من بين مئات الآلاف من اللاجئين الذين يمكنهم الاستقرار على طول الحدود (في سيناء)، وتحويلها إلى قاعدة ضد إسرائيل بالتعاون مع الجماعات (...) العاملة في سيناء"، بحسب بارئيل.
نظام جديد
بارئيل قال إن "هذا لا يعني أن المعركة ضد حماس يجب أن تتوقف نتيجة التهديد. في غزة على الأقل، يتعين على إسرائيل أن تعمل على تحييد قدرات حماس العسكرية، ولكن يتعين عليها أيضا أن تضع في الاعتبار التهديدات الجديدة التي قد تنتج عن هذه الحملة العسكرية".
وتابع: "أخطر هذه التهديدات هو أن حماس ستتحول من منظمة تدير دويلة تسعى إلى الحفاظ على سلطتها السياسية في منطقة محددة، وشن حرب ضد إسرائيل منها، إلى منظمة تبدأ بالتعاون مع الجماعات (...) الأخرى في جميع أنحاء العالم لا لتلحق الضرر بالأهداف الإسرائيلية فحسب، بل بأي شخص يساعد إسرائيل، وخاصة الولايات المتحدة، ما قد يؤدي ذلك إلى حرب تدوم لسنوات عديدة".
وشدد على أن هذا "التهديد ليس نظريا، فقد أعلنت الميليشيات الشيعية في العراق والحوثيين في اليمن، وكلاهما وكلاء لإيران في المنطقة، أنهم سيضربون أهدافا أمريكية في ظل الحرب في فلسطين".
و"حتى لو حققت الحرب ضد حماس أهدافها، فمن غير الممكن أن تنتهي من دون خطة خروج تضمن نظاما جديدا في غزة (...)؛ للتأكد من عدم ظهور أي تهديد جديد في القطاع"، كما ختم بارئيل.
وردا على "اعتدءات إسرائيلية يوميا بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته"، أطلقت (حماس) وفصائل مقاومة فلسطينية أخرى من غزة عملية "طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، وقتلت أكثر من 1400 إسرائيلي وأسرت 199 آخرين، بينهم عسكريون برتب مرتفعة، وفقا لمصادر إسرائيلية رسمية.
ولليوم الحادي عشر تكثف الطائرات الإسرائيلية قصفها على غزة، مستهدفة المباني السكنية والمرافق فضلا عن قطع إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والمرافق الأساسية الأخرى، بالتزامن مع رفع وتيرة المداهمات لمدن ومخيمات الضفة الغربية المحتلة؛ مما أسفر عن مقتل 2808 فلسطينيين وإصابة 10950، بحسب بيانات رسمية.