ناشيونال انترست: حان الوقت لتغيير المسار في الشرق الأوسط

خلاصة

يجب أن تؤدي هجمات حماس إلى إعادة نظر جوهرية في موقف الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، وليس مضاعفة السياسات الفاشلة، وفق ما يخلص مقال نشرته مجلة ذا ناشيونال انترست.

نشرت مجلة «ذا ناشيونال إنترست» الأمريكية مقالًا للباحث في معهد كاتو، جون هوفمان، يشير فيه إلى تغيير الولايات المتحدة لسياساتها في الشرق الأوسط. 

يقول الكاتب إن اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس وجه ضربة كبيرة لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. 

وقبل أيام فقط من بدء الحرب، روج مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان لإنجازات إدارة بايدن في المنطقة، مدعيًا أن «منطقة الشرق الأوسط أكثر هدوءًا اليوم مما كانت عليه منذ عقدين». ومع مقتل الآلاف بالفعل، تخاطر الحرب بالتحول إلى كارثة طويلة الأمد مع احتمال تصعيدها إلى صراع على مستوى المنطقة مع عواقب وخيمة.

ومن اللافت للنظر أن بعض المدافعين عن المشاركة الأمريكية العميقة في الشرق الأوسط ألقوا باللوم على فك الارتباط الأمريكي، أو التهديد به، في الكارثة الحالية في المنطقة.

بين الانخراط والانسحاب

وأشار الكاتب إلى أن البعض يرى أن اندلاع الحرب قد أنهى «الوهم بأن الولايات المتحدة يمكنها إخراج نفسها من منطقة هيمنت على أجندة الأمن القومي الأمريكي على مدى نصف القرن الماضي». ويقول آخرون إن الحرب هي ما سيبدو عليه «الشرق الأوسط ما بعد أمريكا». وفقًا لهذا المنظور، يجب على الولايات المتحدة أن تظل منخرطة في الشرق الأوسط - أو أن تتعمق أكثر - لحماية المصالح الأمريكية.

ولفت الكاتب إلى أن الحرب بين إسرائيل وحماس اندلعت وسط تصميمات كبرى لإصلاح النظام الإقليمي - وليس الافتقار إلى التدخل الأمريكي. وعلى الرغم من قيام الإدارات الثلاث الماضية بحملات بناء على وعود للحد من انخراط أمريكا في الشرق الأوسط، فإن السياسة الخارجية للولايات المتحدة في المنطقة متجذرة في الاستمرارية وليس التغيير.

وشدد الكاتب على أن الحرب بين إسرائيل وحماس سوف تضر بالقطع بمصداقية الوضع الراهن لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لأنها توضح أن تفاني واشنطن في النظام الإقليمي غير المستقر وغير الليبرالي كان ضارًا بالاستقرار الإقليمي والمصالح الأمريكية. وقد حدث هجوم حماس والرد الإسرائيلي في ظل سياسة التدخل الأمريكي العميق في المنطقة، وليس الانسحاب منها.

والآن، تجد الولايات المتحدة نفسها على شفا تصعيد خطير وتورط طويل الأمد في الشرق الأوسط. فالحرب الحالية يمكن أن تجذب الولايات المتحدة بسرعة، ضد مصالحها. ولكن بدلًا من إعادة تقييم نهجها الذي يأتي بنتائج عكسية تجاه المنطقة، تبدو إدارة بايدن ملتزمة بخطتها الرامية إلى تركيز السياسة الأمريكية على الضمانات الأمنية والتعاون النووي مع الديكتاتورية في المملكة العربية السعودية مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

مساران

ونوَّه الكاتب إلى أن بايدن قال في حديث لشبكة سي بي أس إن الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية ستستمر، مضيفًا أن الأمر سيستغرق وقتًا. لكن الاتجاه، الانتقال إلى التطبيع منطقي للدول العربية وكذلك لإسرائيل .

بدوره، نفى جيك سوليفان أن يكون هناك «نوع من التوقف الرسمي» لمحادثات التطبيع وأن «الهدف طويل المدى المتمثل في منطقة شرق أوسط أكثر سلامًا وتكاملًا، بما في ذلك من خلال التطبيع، لا يزال محور تركيز السياسة الخارجية للولايات المتحدة». وخلال زيارته لإسرائيل وعديد من الدول العربية، تحدث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين مرارًا عن «مسارين» للمضي قدمًا في الشرق الأوسط:

يتمثل المسار الأول في منطقة تجمع بين العلاقات المتكاملة والتطبيعية بين بلدانها، والأشخاص الذين يعملون في هدف مشترك لتحقيق المنفعة المشتركة. ثم هناك المسار الذي أظهرته حماس في هجومها الصارخ والواضح: العنف والدمار والعدمية. ولا يمكن أن يكون الخيار أكثر وضوحًا. نحن نعلم الخيار الذي نتخذه، ويتخذه شركاؤنا. لدينا عمل يجب القيام به لمواصلة ذلك، بحسب بلينكين.

شرق أوسط جديد قديم

وأضاف الكاتب أن الولايات المتحدة، ومن خلال اتفاقيات أبراهام - التي رُوج لها في البداية على أنها «فجر شرق أوسط جديد» - كانت تأمل في إنشاء تحالف رسمي لترسيخ الوضع الراهن في المنطقة. وصاغ البعض الاتفاقات على أنها «واحدة من أولى العلامات على ظهور نظام ما بعد أمريكا في الشرق الأوسط»، لكن هذا كان دائمًا وهمًا.

وقال الكاتب إن الاتفاقات لم تؤد إلى وجود أمريكي أقل في الشرق الأوسط ولا تمثل استراتيجية خروج لواشنطن. وسواء طبعت إسرائيل والسعودية العلاقات أم لا، فإن الشرق الأوسط الجديد سيبدو إلى حد كبير مثل الشرق الأوسط القديم. 

وسيكون التأثير الرئيس لاتفاقات أبراهام واتفاق التطبيع الإسرائيلي السعودي الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بمثابة نقطة انطلاق لمزيد من الالتزامات الأمريكية في المنطقة في وقت لم يعد فيه الشرق الأوسط يمثل مسرحًا أساسيًا للمصالح الأمريكية.

ويرى الكاتب أن اتفاقات أبراهام لا تمثل دواء شافيًا لمشاكل المنطقة. وهي تمثل إضفاء الطابع الرسمي على نظام سياسي واقتصادي وأمني قسري يهدف إلى الحفاظ على الوضع الراهن في المنطقة. وهي توفر للولايات المتحدة فوائد تافهة بينما تزيد من تفاقم المشاكل الأساسية التي لا تزال تؤدي إلى عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.

وأضاف الكاتب أن التطبيع بين السعودية وإسرائيل لن يؤدي إلى تهدئة التوترات في الشرق الأوسط. فالبلدان ليسا على وشك الدخول في حرب مع بعضهما البعض. وهما متحالفان بشكل غير رسمي ضد إيران. 

ويشدد الكاتب على ضرورة أن تكون الحرب الإسرائيلية الأخيرة مع حماس بمثابة جرس إنذار لواشنطن. ويجب أن ينتج عنها إعادة نظر جوهرية في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وليس مضاعفة السياسات الفاشلة.

الموضوع التالي بلومبرج: جميع الأطراف تتودد إلى مصر باعتبارها محورية للاجئي غزة
الموضوع السابقالمونيتور: كل الأنظار تتجه إلى قطر «الحاسمة» في جهود الإفراج عن الرهائن