فورين بوليسي: مصر تُولي وجهها شطر صندوق النقد الدولي مرة أخرى
مصر تُولي وجهها شطر صندوق النقد الدولي مرة أخرى، وذلك في وقت أضرت الحرب في غزة بالاقتصاد المصري المتعثر بالفعل، وفق ما يخلص تقرير لمجلة فورين بوليسي.
نشرت مجلة فورين بوليسي تقريرًا للكاتبة نصموت غباداموسي يتناول لجوء مصر مرة أخرى لصندوق النقد الدولي لمساعدتها في التغلب على أزمتها الاقتصادية.
تقول الكاتبة إن صندوق النقد الدولي من الممكن أن يزيد برنامج الإنقاذ المصري بسبب تأثير الحرب في غزة المجاورة. وفي الشهر الماضي، أجرت مصر محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن زيادة محتملة في قرضها البالغ 3 مليارات دولار إلى أكثر من 5 مليارات دولار.
وقالت كريستالينا جورجيفا المديرة التنفيذية للصندوق لرويترز يوم الجمعة إن صندوق النقد الدولي «يدرس بجدية» في زيادة محتملة لخطة الإنقاذ المصرية. وأدلت جورجيفا بهذه التصريحات على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في سان فرانسيسكو.
وقالت إن حرب إسرائيل ضد حماس لا تدمر سكان غزة واقتصادها فحسب، بل تمثل صعوبات للدول المجاورة مصر ولبنان والأردن من خلال فقدان السياحة وارتفاع تكاليف الطاقة.
الأزمة الاقتصادية
وتشير الكاتبة إلى أن مصر هي ثاني أكبر مدينة لصندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين. وفي العقد الماضي، ارتفع الدين الدولي للقاهرة من 37 مليار دولار في عام 2010 إلى 164 مليار دولار حتى سبتمبر. وأصبحت البلاد تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الاستثمارات الأجنبية قصيرة الأجل ولكنها كانت بطيئة في تنفيذ الإصلاحات المالية الضرورية. وارتفع معدل التضخم إلى ما يقرب من 40% في سبتمبر، وهو مستوى قياسي (قبل أن ينخفض نقطتين مئويتين الشهر الماضي).
وكما قال عبد الرحمن منصور مؤخرًا في مجلة فورين بوليسي، اعتمد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على القروض لتمويل مشاريع كبرى، بما في ذلك عاصمة جديدة ذات فوائد اقتصادية قليلة «قد ينتهي بها الأمر إلى مدن أشباح».
وطالب صندوق النقد الدولي السلطات المصرية بتعويم العملة، التي خُفضت قيمتها ثلاث مرات منذ مارس 2022، مما أدى إلى خسارة 50 بالمئة من قيمتها مقابل الدولار ورفع تكاليف الغذاء على السكان.
ومع ذلك، لم يقم صندوق النقد الدولي بعد بإجراء مراجعتين مقررتين للبرنامج من شأنها أن تطلق حوالي 700 مليون دولار من شرائح القروض المتأخرة وتؤدي إلى انخفاض رابع متوقع في قيمة الجنيه المصري.
نفي صفقات لقبول اللاجئين
وأضافت الكاتبة أن مصر كانت تأمل في تعزيز قطاع السياحة لديها سنويًا بنسبة 30 في المائة، لكنها تشهد إلغاءات بنحو 10 في المائة من إجمالي الحجوزات. ونفت القاهرة تقارير إعلامية مختلفة عن صفقة محتملة لقبول اللاجئين الفلسطينيين مقابل تخفيف عبء الديون الأمريكية.
ورفض وزير الخارجية المصري سامح شكري، الخميس، مزاعم بأن إسرائيل والولايات المتحدة عرضتا إلغاء الديون مقابل قبول الفلسطينيين النازحين.
وذكرت صحيفة فايننشال تايمز في أكتوبر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغط على الزعماء الأوروبيين للضغط على مصر لقبول اللاجئين من غزة، لكن فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة رفضت الاقتراح ووصفته بأنه غير واقعي نظرًا لموقف مصر القوي ضد استقبال اللاجئين الشامل.
ولم يُسمح إلا للأطفال المصابين بجروح خطيرة، والأطفال الخُدج، والمواطنين الأجانب ومزدوجي الجنسية بمغادرة غزة عبر معبر رفح الحدودي المصري – وهو نقطة الخروج الوحيدة غير الإسرائيلية. ويخشى المسؤولون المصريون حدوث نزوح دائم للفلسطينيين إلى مصر، فضلًا عن الأعباء المالية والأمنية في حالة حدوث نزوح جماعي.
رفض الهجوم الإسرائيلي
وأشارت الكاتبة إلى أن بلدان الجنوب العالمي تقترب من بعضها البعض في معارضة الهجوم الإسرائيلي على غزة. وعقد وفد من وزراء خارجية السلطة الفلسطينية وإندونيسيا والدول العربية بما فيها مصر اجتماعًا هذا الأسبوع في بكين لبحث الحرب في غزة. ثم توجه وفد الدول العربية الإسلامية إلى موسكو يوم الثلاثاء.
وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي خلال الاجتماع في بكين إن «الوضع في غزة يؤثر على جميع البلدان في جميع أنحاء العالم، ويشكك في الإحساس الإنساني بالصواب والخطأ وفي الحد الأدنى للإنسانية»، وحث المجتمع الدولي على التحرك العاجل لمنع الحرب من الانتشار.
وقال شكري خلال اللقاء إن بلاده «تبذل قصارى جهدها لتوصيل المساعدات إلى غزة عبر معبر رفح، لكن سياسة إسرائيل في عرقلة دخول المساعدات ممنهجة لإجبار الفلسطينيين على مغادرة غزة في ظل القصف والحصار المستمر».
وتحرص السلطات المصرية على رؤية نهاية فورية للعنف في غزة ليس فقط لأسباب إنسانية ولكن أيضًا لإدراكها أنها كلما طال أمد الحرب، زاد تأثيرها على الاقتصاد المصري المضطرب بالفعل.