واشنطن بوست: كان لرجل الأعمال المتهم برشوة السيناتور مينينديز علاقات عميقة مع مصر

خلاصة

كشف تحقيق نشرته صحيفة واشنطن بوست أن رجل الأعمال وائل حنا المتهم برشوة السيناتور بوب مينينديز لديه «صلات واسعة بالحكومة المصرية تعود إلى أبعد مما ورد سابقًا» وقد شملت ترتيب شحن المعدات العسكرية من الولايات المتحدة إلى مصر.

كشف تقرير أعده مجموعة من المراسلين لصحيفة واشنطن بوست العلاقات الواسعة لرجل الأعمال الأمريكي وائل حنا المتهم برشوة السيناتور الأمريكي بوب مينيديز بالحكومة المصرية.

وتقول الصحيفة الأمريكية إنه وفي أواخر عام 2015، قامت الرافعات في ميناء بحري في جاكسونفيل بولاية فلوريدا برفع طائرات هليكوبتر عسكرية أمريكية بقيمة تصل إلى 40 مليون دولار لكل منها بعناية على متن سفينة شحن ضخمة من المقرر أن تقوم بتسليم المعدات إلى الحكومة المصرية.

الاستعانة بحنا في شحن المعدات

وتلفت الصحيفة إلى أن وزارة الدفاع المصرية لجأت إلى شخصية غير عادية للمساعدة في ترتيب نقل المعدات الثمينة: وائل حنا، رجل الأعمال المصري الأمريكي الذي كان يدير في السابق شركة نقل بالشاحنات ومحطة وقود ومحطة للشاحنات على طول قطاع صناعي في شمال نيوجيرسي. 

ونقلت الصحيفة عن عصام يوسف، مساعد سابق في شركة حنا يدير شركة نقل بحري في نيوجيرسي والذي قال إنه ساعده في ترتيب شحنة نوفمبر 2015: ، قوله «لا أعرف كيف شارك في شحن المساعدات للجيش المصري، كان الأمر غريبًا. الطريقة التي كان يأتيني بها، لم يكن لديه أدنى فكرة عن الشحن. ولكن كان من الواضح أن الحكومة المصرية تثق به».

وبعد ثماني سنوات، أصبحت علاقات حنا بالحكومة المصرية تحت التدقيق.

وبعد تحقيق دام سنوات، اتهمته السلطات الأمريكية في سبتمبر بدفع رشاوى للسيناتور بوب مينينديز وزوجته نادين مينينديز، مقابل أفعال أفادت مصر، بما في ذلك وعد مينينديز بالمساعدة في الحفاظ على تدفق المساعدات العسكرية  إلى مصر.

وزعم ممثلو الادعاء أن حنا، 40 عامًا، أغدق على الزوجين سبائك ذهبية وشيكات ومفروشات منزلية بين عامي 2018 و2022، بينما ساعد في تقديم السيناتور لضباط الجيش والمخابرات المصريين وعمل كوسيط لاتصالاتهم.

علاقات وثيقة بالحكومة المصرية

وخلص فحص أجرته صحيفة واشنطن بوست، استنادًا إلى سجلات ومقابلات مع عشرات الأشخاص الذين يعرفون حنا أو عملوا معه، إلى أن علاقاته بالحكومة المصرية تعود إلى أبعد من ذلك وهي أكثر عمقًا واتساعًا مما ورد في التقارير السابقة. 

وتساعد هذه الروابط في تفسير كيف كان حنا في وضع يسمح له بالاستفادة من علاقته مع مينينديز، الذي كان حتى وقت قريب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، عندما التقيا بعد سنوات من شحن المروحيات وأقاما علاقة يقول المدعون إنها سرعان ما أصبحت مفيدة للطرفين.

ويسلط الفحص الضوء أيضًا على كيفية تحول حنا من رجل أعمال سيئ الحظ في نيوجيرسي إلى شخصية محورية في فضيحة دولية طالت سياسيًا أمريكيًا قويًا وأرسلت موجات من الصدمة عبر العالم الدبلوماسي.

وفي السنوات التي تلت شحن المروحيات المصرية، عهدت السلطات المصرية إلى حنا بمسؤولية وسلطة أكبر، مما أثراه حتى عندما وجد شركاؤه التجاريون والمسؤولون الحكوميون حول العالم أن الترتيبات غامضة.

في عام 2019، بعد أن بدأ حنا المساعدة في تقديم مينينديز لمسؤولي الحكومة المصرية، منحت مصر احتكارًا مربحًا لإحدى الشركات التي أنشأها حنا، مما جعله فجأة لاعبًا في التجارة الدولية.

ومُنحت شركة حنا، حلال، المسؤولية الوحيدة عن التصديق على أن مطابقة اللحوم الحلال المصدرة إلى مصر للشريعة الإسلامية، مما أثار غضب صناعة لحوم البقر العالمية. ويزعم ممثلو الادعاء أن الشركة استخدمت لتقديم رشاوى إلى مينينديز وزوجته.

ووجدت الصحيفة أن مصر سعت لاحقًا إلى توسيع احتكار شركة حنا لتشمل واردات أخرى، مما خلق رد فعل عنيف بين الدبلوماسيين الأجانب.

اتهامات التجسس

وأشارت الصحيفة إلى أنه وفضلًا عن التهم الجنائية، تقوم السلطات الأمريكية بفحص خلفية حنا في إطار تحقيق مكافحة التجسس، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لوصف التحقيق والملاحقة القضائية الجارية.

ويعمل المحققون الفيدراليون على فهم الطبيعة الدقيقة لعلاقة حنا بمسؤولين حكوميين مصريين، بما في ذلك ضباط المخابرات، وإلى أي مدى قد تعود تلك العلاقات إلى الوراء.

ونفى حنا هذه الاتهامات ودفع ببراءته.

تعثر ثم صعود

وتطرقت الصحيفة إلى رحلة حنا، مشيرة إلى أنه عندما كان شابًا في مصر، درس حنا العمل الاجتماعي في إحدى الجامعات وساعد في شركة عائلته للزراعة وتوزيع المواد الغذائية بالجملة، لكنه كان يطمح إلى مهنة تجارية خاصة به في الولايات المتحدة، حسبما قال شخص مطلع على خلفيته.

وبعد وصوله إلى الولايات المتحدة في عام 2006، استقر حنا في البداية على وظيفة في خدمة التنظيف، حسبما قال آندي أصلانيان جونيور، المحامي وشريك حنا منذ فترة طويلة. وقال أصلانيان إنه كان يتردد على كنيستين قبطيتين أرثوذكسيتين في مقاطعة هدسون بولاية نيوجيرسي، وهما كنيسة القديس مرقس والقديس أبانوب والقديس أنطونيوس، وسكن في قبو إحداهما.

بحلول عام 2007، كان لدى حنا الوسائل اللازمة للحصول على رهن عقاري بقيمة 450 ألف دولار لشراء منزل في بايون، نيوجيرسي، وتأسيس شركة نقل بالشاحنات تسمى المنهري، وهي واحدة من عدد قليل من الشركات التي أطلقها في السنوات التالية.

ومع ذلك، فإن خمسة من هذه المشاريع - ثلاث شركات نقل بالشاحنات، وخدمة ليموزين، ومحطة وقود ومحطة للشاحنات - قد انهارت في غضون عقد من الزمن، وفقا لسجلات التأسيس في نيوجيرسي. وكان حنا وشركاته يواجهون دعاوى قضائية متعددة تزعم عدم سداد الديون والشيكات المستحقة، وكان منزله يخضع لقضية رهن عقاري، كما أفاد سجل مقاطعة بيرغن بولاية نيوجيرسي سابقًا.

وعلى الرغم من هذه الاضطرابات، أصبحت علاقات حنا مع المسؤولين الحكوميين المصريين واضحة لأسلانيان، الذي كان يؤدي عملاً قانونيًا في إحدى شركات النقل بالشاحنات التابعة لحنا.

وقال أسلانيان إنه في أواخر عام 2014، قامت وزارة الدفاع المصرية بتعيين أسلانيان للتعامل مع صفقة عقارية في نيوجيرسي – شراء ملحق سكني للدبلوماسيين المصريين – بناءً على توصية حنا فقط.

وقدم حنا التوصية إلى العقيد ياسر حسن، المستشار العسكري المصري الذي كان في نيويورك في ذلك الوقت، وفقًا لشخص مطلع على الترتيبات. وكان حسن يعمل خارج القنصلية المصرية في مانهاتن وكان جزءًا من وفدها لدى الأمم المتحدة، وفقًا لدليل دبلوماسي من ذلك العام.

وقال أسلانيان عن حنا أنه كانت لديه اتصالات جيدة مع الحكومة طوال تلك الفترة. 

فرصة فريدة

في عام 2015، سنحت فرصة فريدة لحنا، وغفًا للصحيفة.

وكانت إدارة أوباما قد رفعت تجميد المساعدات العسكرية لمصر لمدة عامين، ووافقت على استئناف المساعدات السنوية البالغة 1.3 مليار دولار والتي تشمل الطائرات المقاتلة والدبابات والمروحيات. وكان أوباما قد علق المساعدات بعد الانقلاب العسكري عام 2013 الذي أطاح بالحكومة المصرية المنتخبة ديمقراطيًا بقيادة جماعة الإخوان المسلمين. وقرر التراجع عن التجميد حتى تتمكن مصر من محاربة التطرف في المنطقة، بما في ذلك مقاتلي تنظيم الدولة في شبه جزيرة سيناء.

وقال يوسف، المدير التنفيذي البحري في نيوجيرسي، إن حنا اتصل به في ذلك العام لطلب المساعدة في تنسيق شحن المعدات العسكرية نيابة عن وزارة الدفاع المصرية. وقال إنه كان من الواضح له أن حنا لديه خبرة قليلة واتصالات قليلة في مجال الشحن.

وقال يوسف إنه وافق على مساعدة حنا بشرط تقسيم أي عمولة من الشحنة.

سافر يوسف عدة مرات مع حنا لحضور اجتماعات في مكتب وزارة الدفاع المصرية في واشنطن لمناقشة عملية النقل؛ ساعد حنا في الحصول على عروض من شركات الشحن؛ وقال إنه تفاوض على عقد الانتقالات في نوفمبر 2015.

وقال يوسف إنه ذهب هو وحنا إلى ميناء جاكسونفيل، وشاهدا ثلاث مروحيات عسكرية أمريكية تزن 10 آلاف رطل، وتتراوح قيمة كل منها بين 35 مليون إلى 40 مليون دولار، ويجري تحميلها على سفينة شحن تسمى "أوشن فريدوم" في اليوم السابق لتوجهها إلى المدينة الساحلية على البحر المتوسط، الإسكندرية، مصر. وتضمنت الشحنة أيضًا 10 سيارات إسعاف.  

وقال يوسف إنه بعد إتمام الصفقة، وجد صعوبة في الوصول إلى حنا أو تحصيل عمولته. وقال إنه لم يأخذ قط فلسًا واحدًا. وقال يوسف إنه لم يرفع دعوى قضائية، جزئيا، لأنهم لم يضفوا الطابع الرسمي على الاتفاق كتابيا.

ولم يجب محامي حنا على أسئلة محددة حول الشحنة.

وتطرقت الصحيفة كذلك إلى تفاصل منح الحكومة المصرية حنا احتكار التصديق على شهادات الحلال والتي لم يقتصر عملها على اللحوم ولكن توسعت لتشمل مواد غذائية ومشروبات وكان لها عمليات امتدت للبرازيل ودولًا اخرى حول العالم وعلاقة السيناتور الأمريكي بهذه العمليات. 

الموضوع التالي جيوبوليتكال مونيتور: الصراع في غزة.. الآفاق المستقبلية لوقف إطلاق النار الهش
الموضوع السابقصالة التحرير يناقش تراجع الدعم الأمريكي لإسرائيل والمساعدات الإنسانية ونفي خفض الجنيه بعد انتخابات الرئاسة