موقف مصر تجاه إعادة العلاقات الإيرانية وديًا لكن ليس وثيقًا

خلاصة

عقد مسؤولون مصريون سلسلة من الاجتماعات مع نظرائهم الإيرانيين حول سبل الارتقاء بالعلاقات الدبلوماسية بين البلدين. حيث يرجح أن يكون الدافع وراء تغير موقف مصر تجاه إيران، هو قرار إعادة إنشاء قنوات دبلوماسية رسمية بين الرياض وطهران. إذ تعتمد السياسة الخارجية المصرية على تعزيز نفوذها الجيوسياسي في العالم العربي.

عقد مسؤولون مصريون سلسلة من الاجتماعات مع نظرائهم الإيرانيين حول سبل الارتقاء بالعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتي ظلت فاترة منذ الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، حيث يرجح أن يكون الدافع وراء تغير موقف مصر تجاه إيران، هو قرار إعادة إنشاء قنوات دبلوماسية رسمية بين الرياض وطهران. إذ تعتمد السياسة الخارجية المصرية على تعزيز نفوذها الجيوسياسي في العالم العربي، وغالبًا ما ينطوي ذلك حاليًا على أخذ إشارات من شركاء خليجيين أكثر نفوذًا، ويعملون أيضًا كداعمين ماليين للبلاد.

في هذا السياق، يعتبر التقارب العربي الإيراني جزءًا من اتجاه أوسع للقوى الإقليمية في الشرق الأوسط لتأكيد استقلالها الاستراتيجي، وهذا يعني الابتعاد عن السياسة الغربية التي تهدف للضغط على إيران من خلال العقوبات والعزلة الدبلوماسية والردع العسكري، لكبح برنامجها النووي ووقف تدخلها العسكري في المنطقة. وقد خلص قادة الخليج مؤخرًا إلى أن هذه السياسة غير فعالة وبالتالي تحولوا نحو التهدئة؛ حيث تحرص السعودية على إنهاء حرب اليمن التي بدأتها عام 2015، وتستطيع إيران المشاركة في حل هذا الصراع كراعٍ للحوثيين.

بالعودة إلى العلاقات المصر الإيرانية، واستنادًا إلى البيانات الرسمية ووسائل الإعلام المحلية في كلا البلدين، يبدو أن إيران أكثر حماسًا من مصر بشأن إعادة إحياء العلاقات؛ حيث ستكون مصر قلقة من الدعم الذي تقدمه إيران إلى حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في غزة كجزء من تنافسها الشديد مع "إسرائيل". وقد دُعيت مصر مرارًا للتوسط بين "إسرائيل" والفصائل الفلسطينية أثناء اندلاع أعمال العنف بينهما. إضافةً لذلك، وفيما يتعلق بهذه القضية والملف الأكبر وهو الأمن في سيناء، فقد طورت مصر روابط دفاعية واستخباراتية وثيقة مع "إسرائيل". وعليه، فإن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، سيكون حذرًا من تعريض هذه العلاقة للخطر من خلال التحرك بسرعة كبيرة في تطوير العلاقات مع إيران.

وفي سياق القلق المصري ذاته، جدير بالذكر أن من دواعي القلق الأخرى هي علاقات مصر مع الغرب الذي يفرض عقوبات شديدة على إيران. وإن كانت أهمية دول الخليج للاقتصاد العالمي تعني أن القوى الغربية على الأرجح ستكون أكثر تحملًا لتقاربها مع إيران، فإن مصر بشكل عام تنسج خيطًا أدقّ مع الدبلوماسيين الغربيين الذين يشعرون بالقلق بشأن سجل نظام "السيسي" في مجال حقوق الإنسان. لهذا السبب، يُتوقع أن يكون موقف مصر تجاه إعادة العلاقات الإيرانية وديًا لكن ليس وثيقًا. عمليًا، ستكون الخطوة الأولى بين مصر وإيران تبادل السفراء وإعادة فتح السفارتين بالكامل في عاصمتيهما، بينما ستظل مصر منقادة للشركاء الخليجيين في هذه القضية ومتمسكةً في الوقت ذاته بدرجة من التردد، وبالتالي ستبقى علاقاتها مع إيران محدودة.

الموضوع التالي أمينًا جديدًا للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني يعزز سيطرة الحرس الثوري
الموضوع السابقستراتفور: رغبة "أردوغان" في توسيع النفوذ التركي إقليميًا تعني أنه قد يصبح أكثر حزمًا