ذا ناشيونال: هل تنجح الدبلوماسية الإقليمية فيما فشل فيه بايدن في غزة ؟
يبدو أن إسرائيل عازمة على عدم وقف إطلاق النار، الأمر الذي يضع البيت الأبيض في مأزق متزايد الصعوبة، وقد يكون أمام الدبلوماسية الإقليمية فرصة في تحقيق ما فشلت فيه إدارة بايدن، وفق ما يخلص تقرير لموقع ذا ناشيونال.
نشر موقع ذا ناشيونال تقريرًا للكاتبة راغدة درغام تتناول فيه مساعي الدبلوماسية الإقليمية لوقف إطلاق النار في غزة.
تلفت الكاتبة في مستهل تقريرها إلى أن الخلل الرئيس الذي يعيب الترتيبات الانتقالية في التعامل مع وضع معقد ومأساوي مثل غزة هو أن تلك الترتيبات تخضع لحسابات مرعبة وغير أخلاقية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تقويض أي أمل في السلام.
ويظل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار أمرًا غير مرجح في هذا الوقت: فقد أبلغت إسرائيل الوسطاء، بما في ذلك الولايات المتحدة، بأنها تحتاج إلى مهلة حتى منتصف ديسمبر لاستكمال هدفها المتمثل في القضاء على أو تدمير قيادة حماس في قطاع غزة.
ويقول محللون إن إسرائيل أقل اهتمامًا بإحياء التهدئة التي تحققت بجهود أمريكية ومصرية وقطرية، بينما فضلت حماس إطالة أمدها لمواصلة المفاوضات لإطلاق سراح الأسرى والرهائن. وبطبيعة الحال، تنظر حماس أيضًا إلى الهدنة باعتبارها فرصة لإعادة تجميع صفوفها واستعادة زمام المبادرة، في حين تزعم إسرائيل أنها أصبحت على وشك تحقيق أهدافها ـ إطلاق سراح كل الرهائن قبل إنهاء سيطرة حماس على قطاع غزة. ولهذا السبب اختارت إسرائيل استئناف الأعمال العدائية.
تحديات أمام بايدن
وتشير الكاتبة إلى أن وجد الرئيس الأميركي جو بايدن نفسه مضطرًا إلى الموافقة ضمنيًا على استمرار الهجوم الإسرائيلي، خاصة وأن تبريره كان إطلاق حماس صاروخًا في انتهاك مزعوم لوقف إطلاق النار. لكن إدارته أعربت عن أملها في أن تتخذ إسرائيل إجراءات إضافية للحد من الخسائر في صفوف المدنيين باتباع نهج أكثر حذرًا إذا وسعت هجومها على جنوب غزة.
وتشكل التطورات في الضفة الغربية أيضًا مصدر قلق لإدارة بايدن، التي تعمل مع الأطراف المعنية، بعيدًا عن الأضواء، للتوصل إلى خطة لتحقيق الاستقرار السياسي في غزة. وهذا يتطلب بالضرورة تعاون السلطة الفلسطينية.
وأوضحت الكاتبة ان التحدي الذي يواجه بايدن هو احتمال قيام الكونجرس بتأليب الرأي العام ضد البيت الأبيض إذا بدت الإدارة أقل تعاطفًا مع إسرائيل، التي لا تزال حليفًا مفضلًا يحظى بحماية إلى حد كبير من التدقيق. ويشكل هذا معضلة معقدة، خاصة في عام انتخابي ساخن.
لكن حرب غزة حولت الأضواء أيضًا إلى قيادة بايدن، مما حرم الرئيس السابق دونالد ترامب من بعض الأضواء. ويرى البعض أن تعامل بايدن مع الصراع يمكن أن يكسبه بعض النقاط الانتخابية، خاصة إذا نجح في منع تصعيده إلى أزمة إقليمية أو دولية.
ومع ذلك، هناك منظور آخر يرى أن ترامب يحقق مكاسب من خلال تجنب التورط في قضية غزة، إذ يُرجح أن تكون أي نقطة سياسية تُسجل من حرب غزة قصيرة الأجل. وبالتالي قد يواجه بايدن صعوبة في تكرار النجاحات الكبيرة التي حققها الرؤساء السابقون، مثل اتفاقيات كامب ديفيد.
وتعوّل إدارة بايدن على تحقيق نقلة نوعية تؤمن إنجازًا تاريخيًا للرئيس. ولذلك فإن الإدارة غير راضية عن الترتيبات المؤقتة وتعمل بنشاط من أجل التوصل إلى تسوية دائمة. وهم يتواصلون مع الدول المؤثرة في الشرق الأوسط لضمان نجاح الحل الدائم.
الدبلوماسية الإقليمية
ولفتت الكاتبة إلى أن من بين الشركاء الأساسيين الدول العربية والإسلامية، ممثلة في اللجنة الوزارية التي تشكلت في قمة الرياض الأخيرة والدول العربية التي طبعت العلاقات مع إسرائيل، مثل الإمارات العربية المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، تلعب الدول التي تتمتع بنفوذ على حماس، مثل قطر ومصر وتركيا وإيران، دورًا في الجهود الجارية.
وتواصلت اللجنة الوزارية برئاسة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، مع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وخاطبت مجلس الأمن في نيويورك. وشارك وزير الخارجية ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في جلسة لمجلس الأمن، مما يعكس الدور المحوري لقطر في مفاوضات وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل.
وقد يقول البعض إن اللجان والاجتماعات والخطب وحدها لن تكفي، طالما امتنعت الدول العربية والإسلامية عن استخدام النفوذ والعقوبات ضد إسرائيل بسبب انتهاكها المستمر للقوانين الدولية وقواعد الحرب، لا سيما فيما يتعلق بحماية المدنيين، واستمرار تنفيذ التهجير القسري من غزة بشكل فعال.
وربما تصبح هذه الإجراءات ضرورية إذا استمرت إسرائيل في مقاومة الضغوط الأميركية والدولية. لكن في الوقت الحالي، تستخدم اللجنة الوزارية فقط النفوذ السياسي والاقتصادي – العربي والإسلامي – لإقناع إسرائيل بقبول وقف إطلاق النار ومن ثم حل الدولتين مقابل التعايش وربما التطبيع. وهدف اللجنة الوزارية التي عينتها قمة الرياض هو ضمان أقصى الحقوق الوطنية للفلسطينيين وإيجاد تسوية دائمة وعادلة، بدلًا من قرع طبول الحرب.
كل هذا يترك إدارة بايدن في موقف حساس وسط رأي عام منقسم داخل الولايات المتحدة وإسرائيل. والحقيقة أن الرأي العام الإسرائيلي يتجه نحو الانتقام وليس التعايش والاستيطان. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الانقسامات الفلسطينية الداخلية تعيق تحقيق اختراق تاريخي نحو تسوية شاملة.
وترى الكاتبة أن يوم 7 أكتوبر كان حدثًا غيّر التاريخ، والأحداث اللاحقة قدمت إسرائيل للعالم بطريقة لم تكن معروفة من قبل. وامتدت الإدانة العلنية العالمية إلى الجانبين.
وتضيف الكاتبة أننا لا نزال في مرحلة انتقالية محفوفة بالمخاطر، ولكن فرصة التوصل إلى تسوية تاريخية لم تضيع. غير أن الطريق أمامنا لا يزال محفوفًا بالصعوبات والعقبات.