أوراسيا ريفيو: إسرائيل وقطر.. علاقة متوترة ومضطربة
وصلت العلاقة بين إسرائيل وقطر، والتي ظلت متوترة ومعقدة لفترة طويلة، إلى مستوى منخفض جديد، وقد تكون لها انعكاسات خطيرة على الاستقرار والأمن الإقليميين، وفق ما يخلص مقال نشرته مجلة أوراسيا ريفيو.
نشرت مجلة أوراسيا ريفيو مقالًا للكاتب ألطاف موتي تستعرض فيه التوتر والتقلبات التي تشهدها علاقات قطر مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
يشير الكاتب في مستهل مقاله إلى جذور تاريخ الصراع الحالي بين إسرائيل وحركة حماس والذي تصاعد بعد فوز حماس في الانتخابات عام 2007 وسيطرتها على غزة وفرض إسرائيل حصارًا على القطاع.
وأشار الكاتب إلى أن الجولة الحالية من الحرب أثارت احتجاجات واشتباكات في الضفة الغربية والقدس وإسرائيل، حيث أعرب الفلسطينيون والعرب الإسرائيليون عن تضامنهم مع غزة وغضبهم من سياسات إسرائيل. وقد أثر الصراع أيضا على العلاقات والديناميات بين الأطراف الفاعلة الإقليمية والدولية التي لها جداول أعمال ووجهات نظر مختلفة بشأن الصراع.
دور ومصالح قطر
ولفت الكاتب إلى أن قطر، التي تربطها علاقات وثيقة بحماس وتقدم مساعدات إنسانية وإنمائية لغزة، تشارك في جهود الوساطة بين إسرائيل وحماس منذ اندلاع الحرب. وتعمل قطر مع مصر وتركيا والولايات المتحدة، التي تشارك أيضًا في عملية الوساطة، للتوسط في وقف إطلاق النار واتفاق تبادل الأسرى بين الجانبين. كما تستضيف قطر المفاوضين الإسرائيليين وحماس في الدوحة، حيث يجرون محادثات غير مباشرة.
ويرى الكاتب أن دور قطر ومصالحها في المنطقة معقدة ومتعددة الأوجه، مشيرًا إلى أن قطر دولة صغيرة ولكنها غنية، ولديها ثالث أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم ودخل فردي مرتفع. وهي عضو أيضًا في مجلس التعاون الخليجي. ومع ذلك، اتبعت قطر أيضًا سياسة خارجية مستقلة وطموحة، غالبًا ما تختلف عن حلفائها في مجلس التعاون الخليجي وتدعم مختلف الجهات الفاعلة والقضايا في الشرق الأوسط وخارجه.
ويعد دعم قطر لحماس جزءًا من استراتيجيتها الأوسع لدعم الحركات والجماعات الإسلامية، مثل جماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها قطر قوى شرعية وشعبية للتغيير والديمقراطية في المنطقة. ودعمت قطر بنشاط انتفاضات الربيع العربي في عام 2011، وقدمت المساعدات المالية والإعلامية التي ساهمت في سقوط الأنظمة الاستبدادية في تونس ومصر وليبيا.
وأضاف الكاتب أن مشاركة قطر في المنطقة كانت مدفوعة برغبتها في تعزيز نفوذها ومكانتها الإقليمية والدولية، ومواجهة هيمنة منافسيها. كما استثمرت قطر بكثافة في قوتها الناعمة مثل استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، وإنشاء شبكة الجزيرة الإعلامية، ورعاية المبادرات الثقافية والتعليمية.
وكذلك أثار دور قطر ومصالحها في المنطقة انتقادات ومعارضة من بعض جيرانها وخصومها الذين يتهمون قطر بالتدخل في شؤونهم الداخلية وزعزعة استقرار المنطقة ودعم الإرهاب. ففي عام 2017، فرضت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر حصارًا دبلوماسيًا واقتصاديًا على قطر، وقطعت العلاقات وفرضت عقوبات، مطالبة قطر بوقف دعمها لحماس والجماعات الإسلامية الأخرى ومواءمة سياساتها مع دول مجلس التعاون الخليجي. وقد رُفع الحصار جزئيًا في يناير 2021، بعد التوصل إلى اتفاق مصالحة، لكن التوترات وعدم الثقة الكامنة لا تزال قائمة.
ادعاءات وردود فعل إسرائيل
ونوَّه الكاتب إلى أن إسرائيل اتهمت قطر بالتحيز وعدم المساعدة في عملية الوساطة، ودعم حماس بالمال والسلاح. وزعمت إسرائيل أيضًا أن قطر تحاول تقويض دور مصر كقوة إقليمية ووسيط سلام، وزيادة نفوذها في المنطقة.
وبحسب صحيفة هآرتس، فإن التحذير الإسرائيلي لقطر سلمه رئيس الموساد، ديفيد بارنيع، الذي زار الدوحة في 2 ديسمبر 2023، برفقة مدير وكالة المخابرات المركزية، ويليام بيرنز. ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي لم تذكر اسمه قوله إن بارنيع أبلغ القيادة القطرية أن إسرائيل لن تتسامح مع تدخل قطر في المنطقة، وأن إسرائيل ستتخذ إجراءات ضد مصالح قطر إذا استمرت في دعم حماس.
رد الفعل القطري
ولفت الكاتب إلى أن رد قطر على التحذير الإسرائيلي جاء متحديًا، وقالت قطر إنها لن تتخلى عن دورها كوسيط، أو دعمها للقضية الفلسطينية. كما اتهمت قطر إسرائيل بانتهاك الهدنة والمبادئ الإنسانية بقصف مجمع مدينة حمد في غزة الذي مولته قطر ويأوي آلاف العائلات.
في 3 ديسمبر 2023، وهو اليوم نفسه الذي نُشر فيه مقال صحيفة هآرتس، استأنفت إسرائيل غاراتها الجوية على غزة، واستهدفت ودمرت مجمع مدينة حمد الممول قطريًا في خان يونس، والذي كان مشروعًا سكنيًا للعائلات ذات الدخل المنخفض، بزعم استخدام حماس المجمع كمركز قيادة ومستودع للأسلحة. وادانت وزارة الخارجية القطرية الهجوم ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وقالت قطر إنها ستحمل إسرائيل المسؤولية عن أفعالها، وأنها ستطلب الدعم والتدخل الدولي لحماية المدنيين والبنية التحتية في غزة. كما قالت قطر إنها لن ترهبها أو تردعها التهديدات الإسرائيلية، وأنها ستقف إلى جانب مبادئها وقيمها.
وأكد الكاتب أن العلاقة بين إسرائيل وقطر، والتي ظلت متوترة ومعقدة لفترة طويلة، وصلت إلى مستوى منخفض جديد، وقد تكون لها انعكاسات خطيرة على الاستقرار والأمن الإقليميين، لافتًا إلى أن تهديد إسرائيل بتصفية الحسابات مع قطر قد يؤدي إلى تصعيد التوترات وأعمال العنف، وقد يقوض الثقة والتعاون اللازمين للتوصل إلى حل سلمي ودائم.
وكانت قطر لاعبًا رئيسًا ومثيرًا للجدل في أزمة غزة، باعتبارها وسيطًا ومانحًا، وكذلك داعمًا وحليفًا لحركة حماس. وأظهرت قطر دورها الإنساني والدبلوماسي في المنطقة، وقوتها ونفوذها على الأطراف المتصارعة. ومع ذلك، واجهت قطر أيضًا معارضة وعدوانًا من إسرائيل، التي حذرت قطر من عواقب دعمها لحماس. ويشكل دور قطر في أزمة غزة فرصة لتحديد هويتها ودورها في المنطقة والعالم، والعمل من أجل إيجاد حل سلمي ودائم للصراع يحترم حقوق وكرامة جميع الأطراف المعنية.