نيويورك تايمز: فوز مضمون يخلو من الإثارة في الانتخابات الرئاسية في مصر
من المؤكد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي سيفوز في الانتخابات الرئاسية بعد تصويت استمر ثلاثة أيام، في وقت حولت فيه الحرب في غزة تركيز المصريين من الكارثة الاقتصادية إلى ضمان أمن البلاد، وفق ما يخلص تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.
اهتمت صحيفة نيويورك تايمز بانتهاء التصويت في الانتخابات الرئاسية مع نتيجة محسومة لصالح الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
وتقول الصحيفة إن بطاقة الاقتراع كانت تضم أربعة مرشحين عندما صوت المصريون في الانتخابات الرئاسية التي جرت هذا الأسبوع، ولكن مع استثناء نادر، لم يظهر سوى وجه واحد منهم من اللوحات الإعلانية واللافتات والحافلات وأعمدة الإنارة في جميع أنحاء مصر: وهو وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ووفقاً لبيانات حكومية في الانتخابات السابقة، فاز السيسي بنسبة 97% من الأصوات في آخر محاولتين انتخابيتين له، في عامي 2014 و2018. ويُتوقع نتيجة مماثلة هذه المرة أيضًا.
وأشارت الصحيفة إلى مظاهر الاحتفال التي طغت على المشهد والأغاني الوطنية وحتى حديث الصحف المصرية عن حضور المتزوجين حديثًا بثوب الزفاف إلى لجان الاقتراع.
وقالت الصحيفة إنه وفي بلد لا توجد فيه مساحة تقريبًا للمعارضة، ووسائل إعلام مقيدة ومعارضة ضعيفة، لا يمثل انتصار السيسي مسألة تشويق كبير. وبدا أن الطاقة الرسمية وجهت بالكامل بدلًا من ذلك نحو تعزيز نسبة الإقبال على التصويت، وهو مقياس لشعبية السيسي التي كان من المرجح تؤدي الأزمة الاقتصادية إلى تآكلها، وما ولدته من استياء عميق ويأس.
أموال وتخويف
ووفقًا للصحيفة، يبدو أن جهود الحشد للتصويت تنطوي على بعض التشجيع الواضح.
ونقلت الصحيفة عن أربعة أشخاص في العاصمة القاهرة قولهم إنهم حصلوا على 200 جنيه مصري لكل منهم – أي ما يعادل حوالي 6.67 دولار – بعد التصويت. وقال آخرون كُثر إنهم صوتوا فقط لأنهم سمعوا أنه سيجري تغريمهم إذا لم يفعلوا ذلك، أو لأن أصحاب العمل أعطوهم إجازة مع تعليمات صريحة لاستخدامها للإدلاء بأصواتهم.
ولا يبدو أن فكرة اختيار أي من المرشحين الثلاثة الآخرين، وجميعهم مجهولون، تخطر على بال أحد. وقال عدد قليل منهم إنهم أبطلوا أوراق اقتراعهم عن قصد من خلال وضع علامة على المرشحين الأربعة؛ وقال الباقون إنهم صوتوا للسيسي.
وقال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، في بيان إنه رغم وجود غرامة لعدم التصويت، إلا أنها لم تُطبق على الإطلاق. وقال إن تقديم الأموال أو السلع مقابل الأصوات يعد جريمة جنائية، لكنه رفض مزاعم مثل هذه العروض ووصفها بأنها إشاعات.
وأوضح الناخبون الذين قالوا إنهم تلقوا مدفوعات أنهم بحاجة إلى المال. وقال آخرون، الذين قاطعوا الانتخابات، إنهم تخلوا عن التصويت تماما.
صعوبات اقتصادية
وقالت نادية عسران (63 عاما وهي أرملة ضابط شرطة متقاعدً)، التي كانت تتناول القهوة مع شقيقتها في حي شبرا الذي تسكنه الطبقة المتوسطة الدنيا في القاهرة: «كنت أحب السيسي كثيرًا، لكنني الآن سئمت»، مستشهدة بارتفاع الأسعار وصعوبة المعيشة.
واعتبرت أن الطرق والكباري وغيرها من المشاريع الضخمة من أهم إنجازات السيسي الكبيرة. لكنها قالت: «هذا أمر جيد لأبنائنا وأحفادنا. ولكن كيف تساعدني تلك الأشياء الآن؟».
وقالت شقيقتها وهي تشير لإحدى لافتات السيسي:«لماذا نصوت؟ سينجح على أي حال. ولماذا ينفقون الكثير على الدعاية الانتخابية بينما نعاني بشدة من الأسعار؟»، مما يعكس السخرية واسعة النطاق بشأن النتيجة.
ورغم انخفاضه قليلًا في نوفمبر، فقد سجل التضخم السنوي مستويات قياسية بلغت نحو 40 بالمئة هذا العام في الوقت الذي تواجه فيه مصر أزمة اقتصادية تراجعت فيها قيمة العملة واختفاء المواد الأساسية من أرفف البقالة.
وقال الناخبون إن الـ 200 جنيه التي حصلوا عليها مقابل الإدلاء بأصواتهم كانت تبلغ قيمتها حوالي 12.50 دولارًا في عام 2019، عندما منح الاستفتاء الدستوري السيسي الحق في الترشح لولاية ثالثة، ومدد الفترات الرئاسية من أربع إلى ست سنوات.
يقول الاقتصاديون إن الانهيار الاقتصادي في مصر نشأ عن سوء الإدارة، وأبرزها إنفاق السيسي الباذخ على الأسلحة والمشروعات الضخمة مثل المدن الجديدة، وهو فورة أدت إلى تراكم ديون كبيرة على ما كان بالفعل اقتصادًا غير سليم هيكليًا.
وأشارت الصحيفة إلى أن السيسي، الجنرال السابق الذي صعد إلى السلطة في انقلاب عسكري عام 2013، نجح أيضًا في إقناع عديد من المصريين بأنهم بحاجة إلى زعيم قوي مثله لدرء الحرب والفوضى والدمار التي ابتلعت الكثير من دول الجوار في السنوات الأخيرة، بما في ذلك ليبيا والسودان والآن قطاع غزة.
وقالت نادية نجم، 28 عاماً، وهي ربة منزل في شبرا الخيمة، وهي منطقة تسكنها الطبقة العاملة شمال شرق القاهرة، والتي قالت إنها صوتت بفخر لصالح السيسي، مشيرة إلى أنه يضمن الأمن والاستقرار، مضيفة أن الأمر صعب، لكننا على الأقل أفضل حالًا من البلدان الأخرى.
لكن في نظر الآخرين الذين رفضوا التصويت أو قالوا إنهم صوتوا فقط خوفًا من الغرامة، فإنهم يشعرون بالإهانة المتمثلة في عدم معرفة كيف يوفرون ثمن وجبات الأسبوع المقبل، أو كيف يجهزون ابنتهم المقبلة على الزواج أو الديون المستمرة، وكلها أمور تفوق في نظرهم الخوف من عدم الاستقرار.
تأثير الحرب في غزة
ومع ذلك، فقد حولت الحرب في غزة المجاورة تركيز بعض المصريين مرة أخرى إلى تهديدات أخرى مثل الإرهاب، الذي يقول السيسي إنه حاربه بنجاح في شمال سيناء، وما يعتبره عديد من المصريين حملة إسرائيلية لدفع سكان غزة إلى مصر.
وقالت ياسمين فؤاد، 39 عامًا، التي تمتلك محلًا لبيع إكسسوارات الهواتف المحمولة في بنها، إنها خططت في البداية لمقاطعة الانتخابات باعتبارها احتجاجًا هادئًا على السيسي والتضخم الذي تسبب فيه.
وقالت إن الأزمة في غزة غيرت رأيها وقررت المشاركة، موضحة أن اللحظة الحالية تستلزم وقوف الجميع خلف الرئيس.