ذا ناشيونال: الدولار الأمريكي يسجل أعلى سعر صرف في السوق السوداء في مصر
بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء في مصر مستوى قياسيًا عند 53 جنيهًا مصريًا وسط دعوات لمصر التي تعاني من ضائقة مالية لخفض قيمة عملتها، كما وصلت أسعار الذهب إلى أعلى مستوياتها هذا الأسبوع في وقت يسعى فيه المصريون إلى الحفاظ على القيمة المتضائلة لمدخراتهم، وفق ما يخلص...
نشر موقع ذا ناشيونال تقريرًا أعدَّه كمال بطيخة يسلط فيه الضوء على ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية إلى أعلى سعر صرف له على الإطلاق في مصر.
يشير الكاتب في مستهل تقريره إلى أن سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء في مصر بلغ مستوى قياسيًا عند 53 جنيهًا مصريًا وسط دعوات لمصر التي تعاني من ضائقة مالية لخفض قيمة عملتها.
ما وراء الأزمة
وينقل الكاتب عن تاجر عملة غير رسمي قوله إن أحدث ارتفاع في سعر السوق السوداء للدولار الأمريكي يرجع إلى تفاقم أزمة العملات الأجنبية في الأسابيع الأخيرة التي ضربت مصر منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية وما تلاها من خروج الودائع الأجنبية.
وقال إن زيادة الطلب على الدولار الأمريكي في أواخر نوفمبر أدى إلى شح الدولار في السوق.
وقال التاجر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته بسبب عدم شرعية عمله: «في نهاية الشهر الماضي، كان هناك ارتفاع ملحوظ في الطلب على الدولار. خرج عديد من الأشخاص أكثر من وقت سابق من هذا العام بحثًا عن الدولار الأمريكي وبمبالغ كبيرة. وقراءتي هي أن الجميع يفعلون ذلك تحسبًا لخفض الحكومة لقيمة الجنيه الذي كنا نتوقع جميعًا حدوثه بعد الانتخابات بوقت قصير، كوسيلة للحفاظ على قيمة مدخراتهم».
لا تزال البنوك المصرية، التي شددت جميعها في الأسابيع الأخيرة وصول المودعين إلى الدولار الأمريكي من خلال بطاقات الخصم والائتمان، تعمل بسعر الصرف الرسمي البالغ 30.9 جنيه مصري للدولار الأمريكي.
ومع ذلك، حذر محللون من أن الجنيه المصري أكبر كثيرًا من قيمته، مما جعل مالكي الدولار يبيعونه في السوق السوداء وليس البنوك.
انخفض معدل التضخم الرئيس في مصر للشهر الثاني على التوالي ليصل إلى 34.6% في نوفمبر.
دور السياسات الحكومية
ويضيف الكاتب أن سياسة الحكومة ساهمت في ارتفاع الطلب على الدولار، وفقًا لمحلل اقتصادي في جامعة القاهرة فضل عدم الكشف عن هويته.
أدى الدين الخارجي المتزايد للحكومة إلى زيادة الطلب على الدولار لأن رسوم خدمة الديون المرتبطة بها تُسدد أيضًا بالدولار الأمريكي.
وقال: «كلما اقترضت الحكومة، ازداد العجز التجاري للبلاد سوءًا، مما يؤدي بدوره إلى زيادة الطلب على الدولار اللازم لخدمة الديون، وسيستمر ارتفاع الطلب في دفع قيمة الدولار إلى الارتفاع مقابل الجنيه»..
وينوّه الكاتب إلى أن الاقتصاد المصري استهلاكي، الأمر الذي يعني أن معظم صناعاتها تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الواردات. وأدت أزمة الدولار وقيود الاستيراد ذات الصلة إلى شل عديد من الصناعات في مصر ورفع أسعار السلع والخدمات الأساسية إلى مستويات غير مسبوقة.
وأضاف المحلل: «في عالم مثالي، ستوفر الحكومة ما يكفي من الدولارات للمواطنين الذين يحتاجون إليها للواردات وتبيعها لهم بسعر الصرف الرسمي البالغ 31 جنيهًا مصريًا. لكن ما ننظر إليه هو أن الحكومة ببساطة غير قادرة على القيام بذلك. لا توجد دولارات كافية متاحة من خلال القنوات الرسمية. الحكومة نفسها من أكبر عملاء السوق السوداء مقابل الدولار الأمريكي في مصر».
دعا بعض كبار قادة الأعمال في مصر الحكومة إلى تعويم العملة من أجل إعادة الثقة إلى الأسواق الرسمية للبلاد وإزالة السوق السوداء المتضخمة.
وهذا أيضًا مطلب أساسي من صندوق النقد الدولي، الذي لجأت إليه مصر لجولة أخرى من التمويل بقيمة 3 مليارات دولار اتفق عليها في نهاية العام الماضي.
وقال الملياردير نجيب ساويرس على هامش مؤتمر اقتصادي في 20 ديسمبر إن «وجود سعرين للصرف في مصر يمثل أزمة حقيقية. نحن لا نتعلم من التاريخ. المشكلة الحقيقية هي ندرة الدولار الأمريكي ونحن نخدع أنفسنا إذا لم نحرر سعر الصرف».
ارتفاع أسعار الذهب
وفي حين اختار بعض المصريين الحفاظ على قيمة مدخراتهم من خلال شراء الدولار، اشترى الكثيرون الذهب كبديل. وبالتالي، سجلت معدلات السبائك في مصر أعلى مستوياتها على الإطلاق يوم الأربعاء، عندما بيع جرام من الذهب عيار 21 قيراطًا مقابل 3300 جنيه مصري، ارتفاعًا من 2800 في أواخر نوفمبر.
ويوضح الكاتب أن أحد الأسباب وراء الارتفاع هو زيادة أسعار الذهب العالمية، بحسب ناجي فرج، مستشار وزير التموين المصري لشؤون الذهب.
وفي مقابلة متلفزة يوم الجمعة، عزا فرج الزيادات العالمية إلى تحديد بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في 13 ديسمبر وسط تقارير تفيد بتوقع تخفيضات في أسعار الفائدة في عام 2024.
ومع ذلك، قال المحلل الاقتصادي إن الارتفاع السريع في مصر يفوق بكثير الزيادات العالمية، موضحًا أنه نظرًا لأن بائعي الذهب يضطرون إلى استيراد بضاعتهم بالدولار الأمريكي، فإنهم سيرفعون أسعارهم مع استمرار الجنيه المصري في فقدان قيمته مقابل الدولار.
وأضاف: «عندما يكون لديك سعر صرف رسمي لا يعكس بوضوح حالة الاقتصاد أو قيمة الجنيه المصري، فإن ذلك ينشط القطاع غير الرسمي، ذلك أن التسعير غالبًا ما يعود إلى القلق الفردي الذي قد يشعر به المتداول بشأن التغييرات في السوق التي قد تجعله يخسر أمواله أو ارتفاع تكلفة المعيشة».
خفضت الحكومة المصرية قيمة عملتها ثلاث مرات منذ مارس 2022 واستمر معدل التضخم في الارتفاع على نحو مطرد منذ ذلك الحين.