السيسي يجب أن يخشى اللحظة التي يقرر فيها المصريون أنه ليس لديهم ما يخسرونه
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ينفق المليارات على مشاريع للتباهي فيما تعاني بلاده من أزمة اقتصادية طاحنة. فهل يخاف من جنرالاته لدرجة أنه ينام في قصر مختلف كل ليلة؟
نشرت صحيفة هآرتس تحليلًا للكاتب تسفي برئيل استهله الكاتب باقتباس لما تكتبه الصحف الغربية "يبدو أن الجيش المصري يريد أن يصنع المعكرونة بالإضافة إلى الحرب". فعندما يعتزم الرئيس المصري خصخصة شركاته، يأمره الجيش بنسيان ذلك الأمر.
وتطرق الكاتب لما ذكره السيسي خلال كلمته بالمؤتمر الوطني للشباب في الإسكندرية والتي قال فيها إننا بنبني دولة رغم غضب الناس من غلاء المعيشة..
وعلَّق الكاتب قائلًا إن السيسي قد لا يعرف سعر الخضار في السوق ومقدار ارتفاع سعر اللحوم، وحتى عندما يتجول على دراجة رياضية فارهة برفقة حراس الأمن ويلتقي "بشكل عشوائي" مع المواطنين، فإنه يسمع المديح فقط، لكنه مدرك للأزمة الاقتصادية العميقة في بلاده.
عندما يقول السيسي للجمهور بأنه ينوي فتح مساكن لسكان الأحياء الفقيرة بتكلفة تزيد عن 4 مليارات دولار أو أنه ينوي تمهيد ممشى بطول 8 كيلومترات على ساحل الإسكندرية، فإنه يدرك جيدًا أن الجمهور يرى ذلك على أنه نفقات زائدة تأتي على حساب نوعية حياتهم.
سئم "الفقراء والعراة" من إنقاذ القاهرة
واستعرض الكاتب قائمة بمشاريع السيسي الفخمة مثل توسعة قناة السويس بتكلفة 8 مليارات دولار، وإنشاء عاصمة إدارية جديدة بتكلفة تقدر بـ 58 مليار دولار، وقطار فائق السرعة بتكلفة 23 مليار دولار، وغيرها من المشاريع، والتي يعودها بعضا بالنفع في المستقبل، لكن في غضون ذلك، تراكمت ديون مصر الخارجية وبلغت 163 مليار دولار، ويتوقع البنك الدولي أن يصل إجمالي ديونها إلى حوالي 95 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام - أكثر من 260 مليار دولار.
يبرر السيسي للجمهور أنه يتعامل مع إرث صعب يتراكم منذ سنوات، لكنه لم يذكر أنه كان يشغل منصب الرئيس منذ حوالي تسع سنوات، وخلال فترة ولايته تراجع الاقتصاد إلى الحضيض. ويقول السيسي إن مصر لم تتعاف بعد من أزمة فيروس كورونا، لكنه لم يذكر أنه قبل فترة طويلة من الوباء اضطرت مصر للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، وفي بداية العام تلقت 3 مليارات دولار أخرى. ويحاول السيسي طمأنة الناس ويطلب منهم التحلي بالصبر، لكنه لا يقدم أفقًا اقتصاديًا.
وأشار الكاتب إلى أن السيسي زار السعودية في أبريل الماضي لطلب المساعدة من ولي العهد السعودي بحسب تقارير غير رسمية لكنه فشل في إقناع ولي العهد بملء خزائنه الفارغة.
ويرى الكاتب أن الانتقاد الاقتصادي الرئيس للسيسي يتعلق بسيطرة الجيش الاحتكارية على الاقتصاد. وبحسب التقارير الغربية، "يبدو أن الجيش المصري يريد صناعة المعكرونة وكذلك الحرب"، في إشارة إلى سيطرة الجيش على المصانع والمشاريع المدنية. كلما أعلن السيسي عن اهتمامه بخصخصة الشركات الحكومية، بما في ذلك شركات الجيش، أخبره كبار ضباط الجيش أن ينسى ذلك. وحتى المطلب السعودي الذي يشترط بحسب تقارير في وسائل الإعلام العربية المساعدة على تقليص حصة الجيش في الاقتصاد ، فشل في تحقيق نتائج.
ولفت الكاتب إلى أن صحيفة الإيكونوميست نشرت الأسبوع الماضي مقالًا مهمًا حول الطريقة التي يدير بها السيسي البلاد. وذكر المقال أن السيسي يخاف بشدة من جنرالاته لدرجة أنه ينام في قصر مختلف كل ليلة.
بالفعل في يناير، حذر أحد الخبراء البارزين في الشأن المصري، البروفيسور روبرت سبرينغبورغ، من احتمال أن يثور الجيش المصري ضد زعيمه. وقال: "إذا كنت رئيسًا يرى أن المؤسسة العسكرية العملاقة تزيد من قوتها بشكل أكبر، عليك أن تسأل نفسك، ماذا سيحدث إذا أخبرتك هذه المؤسسة العسكرية يومًا ما أنها لم تعد بحاجة إليك. بعد كل شيء، هذا ما حدث لمبارك، عندما كان السيسي نفسه أداة لتنفيذ الإطاحة به.
في بداية العام، أجرى السيسي سلسلة من عمليات الاستبدال في قيادة الجيش، بما في ذلك بعض الضباط الذين خدموا في مناصبهم لمدة نصف عام فقط. بالإضافة إلى ذلك، أكد أن كبار الضباط سيخدمون لفترات قصيرة نسبيًا، دون تحديد حد أدنى للمدة. وقد فُسرت هذه الخطوات في مصر على أنها "إجراء وقائي" ضد ترسيخ مكانة ونفوذ أشخاص في الجيش بحيث يمكن أن يهددوا النظام.
ويختم الكاتب بقوله إن هذا قد يكون هو جنون العظمة الذي يصيب كل زعيم استبدادي، لكن هذا الارتياب في مصر له أساس تاريخي. وفي غضون ذلك، يمتنع السيسي عن إلحاق الضرر بالجيش اقتصاديًا، ويمنحه الجيش دعمه الكامل. وستظهر مسألة مستقبل السيسي عندما يقرر المواطنون المصريون أنه ليس لديهم المزيد ليخسروه.