تايمز أوف إسرائيل: لا يجب أن تخاطر إسرائيل بالتعاون مع مصر

خلاصة

تقول الباحثة «ميرا تزوريف» إنه على عكس قطر، التي تزدهر مع وجود حماس في السلطة، فإن إسرائيل ومصر تشتركان في هدف مشترك – تخليص غزة من حماس، وفق ما يخلص تقرير نشرته صحيفة تايمز أوف إسرائيل.

استعرض تقرير نشرته صحيفة تايمز أوف إسرائيل أهمية العلاقات المصرية الإسرائيلية وذلك في مقابلة مع الخبيرة في الشأن المصري ميرا تزوريف.

تلفت الصحيفة العبرية في مستهل تقريرها إلى أن مصر حذرت إسرائيل مرارًا على مدى الأسابيع العديدة الماضية من الهجوم البري في غزة من أن خطط فرض السيطرة الأمنية على طريق فيلادلفيا سوف يشكل تهديدًا خطيرًا للعلاقات الثنائية.

ومع ذلك، يبدو أن القيادة الإسرائيلية لا تهتم بمظالم القاهرة. وفي عمل آخر من الوقاحة الدبلوماسية، في جلسة الإبادة الجماعية في لاهاي هذا الشهر، اتهم الفريق القانوني الإسرائيلي القاهرة بعرقلة تسليم المساعدات الإنسانية إلى غزة، مما دفع الرئيس المصري السيسي إلى طرح إمكانية استدعاء سفيره من تل أبيب.

بالإضافة إلى ذلك، زعمت إسرائيل أن جارتها تسمح بتهريب الأسلحة إلى غزة، وهو ادعاء نفاه رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان نفيًا قاطعًا ووصفه بأنه محض أكاذيب.

وحذرت الدكتورة ميرا تزوريف، محاضرة أولى في قسم تاريخ الشرق الأوسط وأفريقيا وباحثة بارزة في مركز موشيه ديان بجامعة تل أبيب، من تجاهل الخلاف المتزايد مع الجارة الغربية لإسرائيل والشريك الأمني الرئيس.

وقالت في مقابلة مع تايمز أوف إسرائيل: «لقد صمدت معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر لما يقرب من أربعة عقود ونصف من الحروب والتوترات الإقليمية التي لا تعد ولا تحصى، ولكن لم يكن هناك حديث من قبل عن تعرضها للخطر».

وعلى مدى أكثر من 20 عامًا، قامت تزوريف بالتحقيق في التاريخ الاجتماعي والثقافي والسياسي لمصر، مع التركيز على الشباب والنساء والأقليات. وتتناول أبحاثها أيضًا جماعة الإخوان المسلمين والعلاقات المصرية الإسرائيلية.

أثارت اقتراحات كبار المسؤولين الإسرائيليين للسيطرة على طريق فيلادلفيا ردود فعل قاسية بشكل خاص من القاهرة، حيث قال أحد المشرعين المصريين إن الخطة تشكل «انتهاكا لمعاهدة السلام» التي وقعتها مصر مع إسرائيل في عام 1979.  .

في هذه الأثناء، أفادت إذاعة الجيش يوم الخميس أن البلدين يقتربان من اتفاق لحل قضية ممر فيلادلفيا، مع احتمال ممارسة إسرائيل «نفوذًا معينًا» على الممر، ربما عبر وسائل تكنولوجية غير محددة، ولكن من دون وجود مادي على طوله الحدود.

لكن الخلاف أدى إلى توتر العلاقات بين الجارتين في وقت حرج للمنطقة بأكملها، مما أدى إلى تصعيد غير مسبوق في الخطاب على الجانب المصري.

وحذرت تزوريف من أنه «إذا استمرت إسرائيل في دفع مصر إلى الزاوية، فسوف يأتي ذلك بنتائج عكسية في النهاية».

وفي عام 2005، وقعت الدولتان «اتفاقية فيلادلفيا»، التي نصت على أن تتولى مصر مسؤولية تأمين المحور بطول 14 كيلومترًا بـ750 جنديًا. ولتلبية مخاوف إسرائيل، عرضت مصر بعد بداية الحرب تعزيز تلك الوحدة الحدودية، لكن ذلك لم يكن كافيًا للحكومة الإسرائيلية.

وبدلًا من الدخول في مفاوضات مع مصر، تحدث نتنياهو عن احتلال الممر، في حين تحدث وزير الزراعة ومدير الشاباك السابق آفي ديختر ووزير الخارجية إسرائيل كاتس عن السيطرة على الممر.

وينظر إلى هذا المصطلح في مصر على أنه تهديد لسلامة أراضيها وسيادتها - وهي قيم مقدسة لمصر - وانعدام الثقة في قدرة القاهرة على توفير الأمن الفعال.

ولفتت الخبيرة في الشأن المصري إلى أن مصر مجتمع يتمحور حول الشرف، على المستويين الشخصي والوطني، وبالتالي فإن انعدام الثقة هذا يعتبر إهانة.

وردًا على الأحادية الإسرائيلية والغطرسة الواضحة، رفضت مصر تسليم إسرائيل صورًا التقطت من مراكز المراقبة التابعة لها على طول حدود غزة ــ وهي لفتة طبيعية لو لم تكن العلاقات متوترة إلى هذا الحد.

وأشارت إلى أن أن الحديث عن الاحتلال الإسرائيلي له صدى تاريخي في آذان مصر.

منذ استعادة مصر سيناء، اهتمت مصر كثيرًا بإبقائها نظيفة من أي تهديدات – خاصة الميليشيات الإسلامية [ينشط فرع داعش في شمال شبه الجزيرة منذ عام 2014].

ومن خلال إصرارها على استعادة السيطرة على طريق فيلادلفيا، تُظهر إسرائيل تجاهلًا تامًا لاتفاق عام 2005 وانعدام الثقة في قوات الأمن المصرية، وهذا ما يدق أجراس الإنذار في القاهرة.

على مدار العقد الماضي، أراق الرئيس السيسي قدرًا كبيرًا من دماء الجيش المصري في محاولة تطهير سيناء من وجود الميليشيات الإسلامية واستعادتها كوجهة سياحية، وفقًا للباحثة.

وهي واحدة من الإنجازات القليلة التي يمكن أن يتباهى بها خلال فترة رئاسته. فهو لن يقبل تحت أي ظرف من الظروف باستقرار مليوني فلسطيني من غزة في شبه جزيرة سيناء، كما اقترح بعض كبار المسؤولين الإسرائيليين.

وأعلن السيسي أنهم قد يعرضون الأمن القومي لمصر للخطر، لأن اللاجئين من غزة سيضمون بين صفوفهم مسلحي حماس، الذين سيحولون سيناء دائمًا إلى منطقة حرب ونقطة انطلاق للهجمات ضد إسرائيل، مما يؤدي إلى الانتقام من الجيش الإسرائيلي.

وتقول الخبيرة الإسرائيلية إنه وبطريقة ما، كانت الحرب بين حماس وإسرائيل بمثابة نعمة لصورة السيسي. فمن ناحية، سمحت له بإظهار الوجه الإنساني لمصر، من خلال فتح ممر مساعدات إلى غزة والسماح للجرحى الفلسطينيين بالدخول مؤقتا إلى سيناء لتلقي العلاج الطبي في المستشفيات المصرية.

ومن ناحية أخرى، أتيحت للسيسي الفرصة لإظهار وطنيته الجامحة ــ من خلال الرفض الصارم للضغوط الإسرائيلية الرامية إلى تهجير سكان غزة إلى سيناء والحفاظ على سيادة مصر الإقليمية.

لكن الاقتصاد المصري في حالة يرثى لها، والبطالة مرتفعة، ويعيش 60% من السكان بالقرب من خط الفقر أو تحته، وخاصة الشباب. ويجلس  السيسي على برميل بارود، وإذا لم يحقق نتائج، فإن استقرار حكمه سيكون في خطر.

فهو يحكم باعتباره مستبدًا، لكنه لا يزال يعتمد على موافقة الشارع المصري، الذي يراقب عن كثب كل تحركاته في هذه الحرب.

وشددت تزوريف على أهمية العلاقات مع مصر وضرورة أن تحافظ على التعاون معها، مشيرة إلى أن مصر على عكس قطر، التي تزدهر مع وجود حماس في السلطة، تشاطر إسرائيل هدفًا مشتركًا؛ ألا وهو تخليص غزة من حماس.

الموضوع التالي المونيتور: وزير الخارجية الفرنسي الجديد سيجورن بأول يزور مصر ولبنان وإسرائيل والأردن
الموضوع السابقنيويورك تايمز: ماذا يمكن أن نقول لأطفال غزة؟