ذا ناشيونال انترست: السرد الإعلامي المؤيد لروسيا يترسخ في مصر

خلاصة

بما أن العالم العربي، بل وجزء كبير من الجنوب العالمي، «يتحوط لرهاناته» وينوع خيارات سياسته الخارجية، فمن الحكمة أن ينتبه صناع السياسات المعنيون في الغرب إلى حرب الكلمات والسرديات التي يخسرونها بشدة، وفق ما يخلص تقرير نشرته مجلة ناشيونال انترست.

نشرت مجلة ذا ناشيونال انترست تقريرًا للكاتب جوخان سينكارا يستعرض ازدهار السردية المؤيدة لروسيا والمناهضة للغرب في مصر من بين دول شرق أوسطية عدة.

تشير المجلة في مطلع تقريرها إلى زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 6 ديسمبر من العام الماضي إلى منطقة الشرق الأوسط وتحديدًا إلى الإمارات والسعودية مع تصاعد المخاوف من تمدد الصراع في غزة إلى حرب إقليمية أوسع.

وعلى الرغم من قصرها، فقد حظيت زيارة بوتين باهتمام وتفاعل واسع النطاق على كل من وسائل الإعلام الاجتماعية ووسائل الإعلام التقليدية، وخاصة في العالم العربي. وبمساعدة السردية المتزايدة الانتشار بأن دول الخليج لم تعد تابعة للغرب، تشجع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأوسع بعضها البعض على البحث عن شراكات مع القوى العالمية الأخرى، مثل الصين وروسيا.

واشتعلت وسائل الإعلام الاجتماعية والتقليدية بمقاطع فيديو للمصافحات «الأخوية» الشهيرة الآن بين بوتين والزعيم الفعلي للمملكة العربية السعودية، محمد بن سلمان. علاوة على ذلك، بعث حفل الترحيب الكريم الذي تلقاه الرئيس بوتين في الإمارات العربية المتحدة من محمد بن زايد، برسالة إلى الغرب مفادها أن بوتين لا يزال يتمتع بعلاقات قوية مع ما كانا يعتبران ذات يوم اثنين من أقرب حلفاء أمريكا.

كل هذا لم يأت من فراغ. لقد دأبت روسيا على مضايقة القادة في الخليج والمنطقة الأوسع، مستفيدة من وضعها الذاتي الحذر كشريك بديل، والذي يمكن أن يوفر للدول الغنية بالنفط خيارات غير غربية ونفوذا محتملا لتعزيز مصالحها.

ازدهار السردية الروسية في مصر

وتلفت المجلة إلى أن مصر لم يغب عنها هذا التحوط الجيوسياسي، وهي الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم العربي. لبعض الوقت، تمتعت روسيا ومصر بعلاقات إيجابية نسبيًا، سواء عسكريًا، أو اقتصاديًا، أو سياسيًا، أو في الآونة الأخيرة، في مجال الإعلام.

وفي يونيو 2023، زار وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مصر للقاء الرئيس السيسي. وقبيل الزيارة، أشارت تقارير إعلامية إلى أن جهاز المخابرات العامة المصري، الذي يملك معظم القنوات الإعلامية في البلاد، أصدر قرارًا يقضي بتوجيه وسائل الإعلام إلى الترويج للرواية الروسية بشأن الصراع في أوكرانيا والرجوع إلى الأخبار المنشورة على قناة أر تي العربية وسبوتنيك العربية كمصادر رئيسة للمعلومات والتقارير الإعلامية.

وفي حين يمكن اعتبار ذلك بادرة مجاملة مع أكبر دبلوماسي روسي في المدينة، فقد أثبت التعاون الإعلامي وتنسيق الروايات بين البلدين أنه مستمر.

وتقول المجلة إن نظرة سريعة على التغطية المصرية لزيارة بوتين إلى الخليج توضح وضوحًا جليًا أن وسائل الإعلام المصرية تنشر الرواية الروسية على نطاق واسع. والواقع أن إحدى الرسائل الأساسية التي روجت لها وسائل الإعلام الروسية كانت أنه على الرغم من العقوبات التي فرضها الغرب ومذكرة الاعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، نجح بوتين في كسر الحصار الغربي، وإحباط أجندته الرامية إلى تحويل النظام الروسي إلى نظام منبوذ.

ولم تكن وسائل الإعلام المصرية مخيبة للآمال، إذ رددت عشرات العناوين الرئيسة المشاعر نفسها. وجاء في عنوان لصحيفة «المصري اليوم» أن «زيارة نادرة تخرج بوتين من العزلة الدولية» ليحظى باستقبال دافئ في الخليج، بينما جاء في عنوان آخر من موقع «صدى البلد» الإخباري «تجاهل بوتين مذكرة الاعتقال وذهب إلى الشرق الأوسط«.

تناغم وانسجام

ومع اكتساب خدمات أر تي وسبوتنيك العربية جذبًا هائلًا في مصر، تمكنت مواقعها الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي وقنواتها التلفزيونية بنجاح من دفع الرواية الرسمية الروسية إلى جميع مستويات المجتمع المصري، وفقًا للمجلة.

ويبدو أيضًا أن وكالات الأنباء المصرية تروج للرواية الروسية ذاتها. وفي الواقع، وقعت صحيفة الأهرام، المزود الرائد للأخبار في البلاد، اتفاقية رسمية مع وكالة أنباء روسية رسمية.

وفي بلد يواجه بالفعل قيودًا على حرية الإعلام، فإن الروايات السائدة في مصر ليست من قبيل الصدفة. ومع ذلك، فإن الطبيعة المنتشرة في كل مكان تقريبًا للرسائل المعادية للغرب، وهي رسالة التراجع والانحطاط التي تتناقض مع صورة روسيا التي يُفترض أنها خيرة، لا تواجه أي نوع من أنواع المقاومة.

وبما أن العالم العربي، بل وجزء كبير من الجنوب العالمي، «يتحوط لرهاناته» وينوع خيارات سياسته الخارجية، فمن الحكمة أن ينتبه صناع السياسات المعنيون في الغرب إلى حرب الكلمات والسرديات التي يخسرونها بشدة.

الموضوع التالي ذا ناشيونال: صفقة الإمارات تمنح المصريين راحة أكثر في شهر رمضان
الموضوع السابقسكاي نيوز: سعر الحرية.. الشركة التي تتربح الملايين من بؤس غزة