الصعاب التي تواجهها مصر في الإبحار في الواقع الجديد متعدد الأقطاب فرصة لواشنطن

خلاصة

في حين أن دول الجوار، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، يمكن أن يتصرفوا بسلاسة بين القوى العظمى المتنافسة، تفتقر مصر إلى المرونة بسبب ضغوطها الاقتصادية الشديدة.

نشرت مجلة ناشيونال انترست الأمريكية مقالًا للباحث في شؤون الشرق الأوسط سام فؤاد يسِّلط الضوء على على الصعوبات التي تواجهها مصر في التعامل مع العالم متعدد الأقطاب الجديد.

وأوضح الكاتب أن الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية من أسرع الدول في الشرق الأوسط التي تستفيد استفادة كاملة من العالم متعدد الأقطاب الجديد الذي وجدا نفسيهما فيه؛ فقد تمكنت الدولتان من استغلال جميع أطراف الصراع بنجاح لتحقيق مصالحهما الخاصة. واستخدمت الرياض على وجه الخصوص بقوة وبشكل صارخ مكانتها الجديدة والأكثر قوة في البيئة الجيوسياسية المتغيرة للضغط لتنفيذ مطالبها من القوى العظمى مع تجاهل فظ لنظام هيمنة عالمي يتلاشى بسرعة.

وفي تناقض صارخ مع الموقف الجريء من جانب الرياض وأبو ظبي، تجلس القاهرة مكتوفة الأيدي ، وتتخبط في طريقها عبر هذا الواقع الجديد. وتنبع هذه الصعوبة من أسباب متنوعة؛ أبرزها اقتصادها المتدهور بسرعة. ومع ذلك، فإن هذا الوضع يوفر للولايات المتحدة فرصة فريدة لمساعدة مصر في تحسين حالة شعبها البائسة، وبالتالي استعادة الكثير من النوايا الحسنة التي فقدتها واشنطن خلال السنوات القليلة الماضية.

وأشارت المجلة إلى أن إحدى أولى العلامات على المشقة التي تتكبدها مصر للتكيف مع البيئة الجيوسياسية المتغيرة ظهرت عندما كُشِف أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أمر بشحن ما يصل إلى 40 ألف صاروخ سرًا إلى روسيا. وقد نفت مصر هذه المعلومات الاستخباراتية المسربة بعد ذلك بوقت قصير. وفي وقت لاحق، أفيد أن مصر، وبدلًا من ذلك، وافقت على بيع ذخيرة المدفعية هذه إلى الولايات المتحدة لنقلها إلى أوكرانيا. ولكن على الرغم من أن مصر خرجت بقوة ضد صحة التقرير فيما يتعلق بهذا النقل المفترض للأسلحة إلى روسيا، بدا أن الخبراء والمراقبين في موسكو وأماكن أخرى يعتقدون أن هذا النقل للأسلحة كان احتمالًا حقيقيًا.

وقالت المجلة إن هذا السلوك يختلف هذا اختلافًا كبيرًا عن سلوك دولة الإمارات، ذلك أن رئيسهل حضر منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، وهو أكبر وأهم قمة اقتصادية في روسيا.

وبالمثل، زار وزير الداخلية الروسي فلاديمير كولوكولتسيف - وهو مسؤول روسي كبير يخضع لعقوبات الغرب - الرياض وعقد اجتماعات مع نظيره عبد العزيز بن سعود. في حين أن الانخراط الدبلوماسي من ناحية وبيع الأسلحة من ناحية أخرى ليسا في الفئة نفسها، فإن موقف الإمارات والسعودية الجريء والقوي في السعي وراء مصالحهما الخاصة قبل كل شيء، مع منحهما مساحة كافية للمناورة والمرونة لعدم الاصطفاف إلى جانب ضد الآخر، واضح. ومن ناحية أخرى، تبدو مصر مترددة وغير حاسمة بشأن مصلحتها الذاتية، وتتناوب بين الذهاب والعودة من جانب إلى آخر إلى ما لا نهاية.

وأجمل الكاتب مقاله بالقول إنه وفي حين أن جيرانها الخليجيين يمكن أن يتصرفوا بانسيابية بين الخصوم من القوى العظمى دون خوف من انتقام، فإن مصر مجبرة على المضي قدمًا والتحرك بمرونة أقل بسبب ضغوطها الاقتصادية الأليمة، مضيفًا أن سعي القاهرة لسياسة خارجية متعددة التوجهات يسمح باتباع طريق وسطي، ولكن هذا لا يمكن أن ينجح إلا إذا كانت الحكومة مرنة بما يكفي لعدم الانحياز الكامل لأحد الجانبين ضد الآخر. وتفتقر الدولة المتعثرة وثقيلة الحركة التي تُقوِّضها مشاكلها الاقتصادية إلى مثل هذه القدرة على المناورة.

ويرى الكاتب أن مشاكل القاهرة الحالية تقدم فرصة، إذ يحاول السيسي بالفعل إجراء محادثات مع ما تبقى من معارضته السياسية - في إشارة إلى أنه يدرك الموقف الصعب الذي تعيشه بلاده. ويجب على واشنطن أن تنتهز هذه الفرصة لتقديم مساعدة اقتصادية للسيسي لتحسين حالة الشعب المصري، بدلًا من مجرد التهديد بوقف المساعدات العسكرية. فمن خلال مساعدة القاهرة على إعادة الاقتصاد المصري إلى مساره الصحيح، يمكن للولايات المتحدة الاستفادة من اللحظة الحالية لصالحها، بدلًا من رؤية مصر في النهاية تفعل ما تفعله دول الخليج، وهو الأمر الذي يضر واشنطن في النهاية.

الموضوع التالي انهيار عقار من ثلاثة عشر طابقا كان يستخدم لإيواء المصطافين في مصر، كثير من الضحايا تحت الأنقاض
الموضوع السابقالتاسعة – يوسف الحسيني – حلقة الإثنين 26-06-2023