فورين بوليسي: لماذا قد تؤجج الحرب في رمضان الاستقرار في المنطقة؟

خلاصة

تتزايد المخاوف من أن تشعل الاشتباكات واستمرار الحرب في غزة خلال شهر رمضان المبارك المنطقة برمتها، وفق ما يخلص تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي.

نشرت مجلة فورين بوليسي تقريرًا للكاتبة إيمي ماكينون تتناول الأسباب التي تجعل من استمرار الحرب في غزة في شهر رمضان أمرًا خطيرًا على استقرار المنطقة.

تقول الكاتبة في مطلع تقريرها إن محادثات وقف إطلاق النار في القاهرة التي تهدف التوسط في وقف القتال في غزة وتأمين إطلاق سراح الأسرى تعثرت قبل أقل من أسبوع من بداية شهر رمضان المبارك.

وأصبح المسؤولون في واشنطن والمنطقة يعتبرون الشهر، الذي من المقرر أن يبدأ يوم الأحد، بمثابة موعد نهائي غير رسمي للتوصل إلى اتفاق وسط مخاوف من أن تؤدي الاشتباكات خلال شهر رمضان إلى زيادة تأجيج المنطقة.

ويسابق المفاوضون من قطر ومصر والولايات المتحدة الزمن من أجل التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يؤدي إلى إطلاق سراح ما يصل إلى 40 أسيرًا إسرائيليًا مقابل وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع، وزيادة شحنات المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر، وإطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين من سجون “إسرائيل”.

تعثر المحادثات

وأشارت المجلة إلى أن المحادثات التي استمرت ثلاثة أيام في القاهرة فشلت هذا الأسبوع في التوصل إلى انفراجة، إذ تبادلت كل من إسرائيل وحماس الاتهامات بعرقلة التوصل إلى اتفاق.

ورفضت حماس الاستجابة لطلبات إسرائيل بشأن قائمة الرهائن الأحياء الذين يمكن إطلاق سراحهم كجزء من الصفقة، بينما قال المسؤول الكبير في حماس أسامة حمدان يوم الثلاثاء إن الحركة تسعى إلى وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية، وهو ما يمثل توسعًا كبيرًا في معايير الصفقة المقترحة.

اشتعال المنطقة

ونقلت المجلة عن ماجد الأنصاري، مستشار رئيس الوزراء القطري، متحدثًا عن الأزمة: «نخشى أن نصل إلى نقطة اللاعودة، حيث قد يصل مستوى التصعيد إلى حرب شاملة في المنطقة، الأمر الذي يشير إلى ضرورة وقف إطلاق النار بحلول شهر رمضان». وقد ردد الرئيس الأمريكي جو بايدن إلحاحه، وحذر من وضع خطير للغاية إذا لم تتوصل الأطراف إلى اتفاق بحلول شهر رمضان

ولفتت المجلة إلى أن بداية الشهر المبارك تجلب معها عددًا من الأحداث والظروف المحددة التي يمكن أن تؤدي بسهولة إلى تصعيد دراماتيكي، ليس فقط في الحرب بين إسرائيل وحماس، بل أيضًا في التوترات المتصاعدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وقال بيني غانتس، عضو مجلس الحرب الإسرائيلي، في خطاب ألقاه الشهر الماضي، إن إسرائيل ستبدأ عمليات هجومية في رفح، جنوب غزة، إذا لم يُطلق سراح الرهائن المتبقين بحلول بداية شهر رمضان. ولجأ نحو 1.5 مليون فلسطيني إلى المدينة، وحذرت جماعات الإغاثة من حمام دم إذا شنت القوات الإسرائيلية هجومًا على المدينة.

قُتل أكثر من 30 ألف فلسطيني في غزة، التي تعرضت لقصف عقابي من القوات الإسرائيلية التي تسعى إلى القضاء على مقاتلي حماس في أعقاب الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر 2023، والذي خلف حوالي 1200 قتيل إسرائيلي واحتجاز 253 رهائن في غزة.

وفي ظل القيود الشديدة المفروضة على إمدادات المساعدات، أصدرت المنظمات الإنسانية تحذيرات متزايدة الخطورة بشأن احتمال حدوث مجاعة في شمال غزة. وحذر رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس يوم الاثنين من أن الأطفال بدأوا يموتون من الجوع.

وقالت زها حسن، باحثة في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: «هناك الكثير على المحك والوقت ينفد. كل شيء سيصل إلى ذروته هذا الأسبوع».

المزيد من الضغوط على الحكومات العربية

ونوهت المجلة إلى أنه وبدون وقف إطلاق النار، سوف تؤثر على الأرجح مشاهد الموت والدمار المستمر في غزة بشكل كبير على مشاعر المسلمين في جميع أنحاء المنطقة مع دخول شهر رمضان، وهو أكثر فترة مقدسة في التقويم الإسلامي، والتي تتميز بالصلاة والصيام والعبادة.

وقال خالد الجندي، مدير برنامج معهد الشرق الأوسط بشأن فلسطين، إن «ذلك يضيف طبقة من الاشمئزاز والغضب إلى الوضع المروع بالفعل». وأضاف: «إنه يضيف المزيد من الضغط على الحكومات العربية لتبدو على الأقل وكأنها تفعل شيئًا ما».

وأشارت المجلة إلى أن المسجد الأقصى في القدس، المعروف لدى اليهود باسم جبل الهيكل، مقدس لكل من اليهود والمسلمين وكان منذ فترة طويلة نقطة اشتعال للتوترات في المدينة القديمة، خاصة خلال شهر رمضان، إذ يسعى عشرات الآلاف من المسلمين إلى زيارة المسجد خلال شهر رمضان وصلاة الجمعة.

وقال جويل براونولد، المدير الإداري لمركز أبراهام للسلام في الشرق الأوسط: «لا يوجد شيء مثل التهديدات التي يتعرض لها المسجد الأقصى والتي تشعل الشوارع».

ودفعت الاشتباكات بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في المسجد الأقصى عام 2021 حماس إلى إطلاق وابل من الصواريخ على إسرائيل، التي ردت بقصف مدفعي ومئات الغارات الجوية التي أدت إلى مقتل أكثر من 200 فلسطيني في غزة.

وقال حسن إن حماس تعتبر نفسها حامية الأقصى والقدس. وقد أطلقت حماس، المُدرجة كمنظمة إرهابية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على هجومها في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل اسم «عملية طوفان الأقصى».

وقال مسؤول إسرائيلي طلب عدم الكشف عن هويته للتحدث بصراحة عن المحادثات إن المسؤولين في إسرائيل يشعرون بالقلق من أن حماس قد تتعمد تأخير مفاوضات وقف إطلاق النار لاستغلال شهر رمضان لتأجيج التوترات في المنطقة. وفي الأسبوع الماضي، دعا رئيس حماس، إسماعيل هنية، الفلسطينيين إلى تنظيم مسيرة إلى الأقصى مع بداية شهر رمضان، في حين دعا المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، وهي جماعة مسلحة أخرى تتخذ من غزة مقراً لها، إلى «شهر الرعب» في خطاب ألقاه مؤخرًا.

أصدر مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يوم الأربعاء تحذيرًا للجمهور من أن الجماعات المسلحة من المرجح أن تستخدم الحرب المستمرة والتوترات حول الأقصى لتحريض مؤيديها على تنفيذ هجمات ضد إسرائيليين وكذلك أهداف غربية.

وكان وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف، إيتامار بن غفير، الذي تشمل حقيبته الموقع المقدس، قد دعا إلى فرض قيود صارمة على المصلين المسلمين الذين يصلون إلى الموقع – بما في ذلك المواطنين العرب في إسرائيل. ولكن في محاولة واضحة للحد من احتمالات الاضطرابات، أعلنت الحكومة الإسرائيلية يوم الثلاثاء أن عدد المصلين المسموح لهم بالوصول إلى الموقع سيكون مماثلًا للسنوات السابقة.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان إن «رمضان مقدس عند المسلمين، وسيجري الحفاظ على قدسية العيد هذا العام كما في كل عام»، لكنه أضاف أنه سيعيد تقييم الوضع أسبوعيًا بناء على الوضع الأمني.

وبينما يتطلع المسؤولون في المنطقة إلى التوصل إلى اتفاق بحلول بداية شهر رمضان في محاولة للسيطرة على التوترات، فإن بداية الشهر لا تعني بالضرورة نهاية الجهود الدبلوماسية لتأمين اتفاق وقف إطلاق النار. وقال براونولد إنه إذا كان هناك زخم كاف، فلا يزال من الممكن التوصل إلى اتفاق خلال شهر رمضان.

الموضوع التالي تواصل مكثف مع جميع التجار.. ضبط الأسعار ضمن أولويات الحكومة بعد الإفراجات الضخمة عن السلع
الموضوع السابقنيويورك تايمز: صندوق النقد الدولي يوافق على حزمة إنقاذ كبيرة لمصر