ميدل إيست آي: مصر تصل إلى طريق مسدود.. وأمل السيسي الوحيد الآن هو معجزة

خلاصة

مصر في خضم ورطة مالية صعبة، ويبدو أن حل النظام يدور حول انتظار معجزة تتمثل في تدفق للدولارات للسماح له بإدارة تخفيض آخر لقيمة العملة، والذي لا يبدو أنه وشيك. وبعبارة أبسط، وصل السيسي إلى طريق مسدود وينتظر نجاة غير متوقعة، حسبما يخلص مقال نشره موقع ميدل إيست أي.

سلَّط مقال للكاتب مجاد مندور نشره موقع ميدل إيست أي الضوء على الوضع الاقتصادي الصعب في مصر وكيف وصلت مصر إلى طريق مسدود في أزمتها الاقتصادية الطاحنة. 

ويشير الكاتب في مستهل مقاله إلى أن السيسي، في قمة مالية في باريس الشهر الماضي، دعا المقرضين إلى إظهار مزيد من "التفهم" لأزمة الديون المتدهورة في بلاده. وفي الأسبوع السابق، بدا أن السيسي استبعد إجراء تخفيض مستقبلي لقيمة الجنيه، الذي فقد نصف قيمته منذ فبراير 2022.

برر السيسي ذلك بسبب مخاوف تتعلق بـ "الأمن القومي"، في إشارة مستترة إلى اضطرابات جماعية محتملة إذا فقد الجنيه المزيد من قيمته واستمر التضخم في الارتفاع. وتتعارض هذه الخطوة مع شرط أساسي لحزمة دعم صندوق النقد الدولي البالغة 3 مليارات دولار والتي وافق الصندوق عليها أواخر العام الماضي، والتي نصت على الالتزام بسعر صرف مرن.

وبحسب الكاتب، يبدو أن هذه السلسلة من التصريحات والقرارات السياسية تعكس وعيًا من القاهرة بأن استمرار خفض قيمة العملة وتشديد السياسة النقدية لن يعالج أزمة الديون المتفاقمة في مصر، بينما تُظهر في الوقت نفسه مقاومة ملحوظة للإصلاحات الضرورية التي يمكن أن تخفف من الأزمة.

ويبدو أن حل النظام يدور حول انتظار معجزة تتمثل في تدفق للدولارات للسماح له بإدارة تخفيض آخر لقيمة العملة، والذي لا يبدو أنه وشيك. وبعبارات أبسط، وصل السيسي إلى طريق مسدود وينتظر النجاة غير المتوقعة.

ومع ذلك، وحسبما يتابع الكاتب، فإن القرارات التي يتخذها النظام عقلانية، مما يمنع حدوث تحول جذري في نموذج رأسمالية الدولة العسكرية في قلب الأزمة. ويعكس قرار الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة الذي اتخذه البنك المركزي الأسبوع الماضي الفهم بأن التضخم ليس ناجما عن زيادة الطلب؛ وتفترض النظرية الاقتصادية التقليدية أنه يمكن معالجتها برفع أسعار الفائدة.

ويلفت الكاتب إلى العبء الثقيل على ميزانية الدولة الذي يُحدثه رفع أسعار الفائدة،والذي يزيد من تفاقم أزمة الديون، ويفشل في جذب تدفقات رأس المال بالعملة الصعبة، وهو أمر بالغ الأهمية للتخفيف من حدة الأزمة.

في السنة المالية المقبلة، من المقرر أن تستهلك أقساط القروض والفوائد 56 في المائة من الميزانية - وهو رقم مذهل، أكثر من الإنفاق العام والدعم الاجتماعي مجتمعين، اللذين يبلغان 13.5 في المائة و 12.2 في المائة على التوالي. ولن يساعد رفع الفائدة في تخفيف عبء الديون على ميزانية الدولة.

وعلى الرغم من عدد من التخفيضات خلال العام الماضي، ظل الجنيه تحت الضغط، مع فشل تخفيضات العملة في توليد التدفقات المطلوبة بالعملة الصعبة.

في السوق السوداء، لا يزال تداول الجنيه المصري عند حوالي 38 جنيها للدولار، وهو أعلى بكثير من سعر الصرف الرسمي البالغ 30.9 جنيها.

ويضيف الكاتب متسائلًا: كيف يتوقع النظام تلبية احتياجاته التمويلية وتكوين احتياطيات كافية لإدارة تخفيض آخر لقيمة العملة؟ ولا يقدم صانعو السياسة المصريون إجابات واضحة، بخلاف الالتزام ببرنامج الخصخصة. ومع ذلك، فإن الطلب على أصول الدولة المصرية من المستثمرين الخليجيين يبدو فاترًا في أحسن الأحوال، مع مطالب صارمة.

على سبيل المثال، أفادت التقارير أن شركة استثمار عقاري سعودية قدمت عرض بقيمة 400 مليون دولار الشهر الماضي مقابل 70 في المائة من أسهم شركة إسكان مصرية - وهو عرض أقل بكثير من قيمة الأراضي المملوكة للشركة، والتي تقدر بنحو 2.5 مليار دولار. وهذا يعكس الموقف التفاوضي الضعيف للحكومة واستعداد المستثمرين لممارسة الضغط في خضم الأزمة.

وأشار الكاتب إلى أن دول الخليج تطالب بجولة أخرى من تخفيض قيمة العملة، وهو ما استبعده النظام بالفعل، مما يمهد الطريق لمفاوضات مطولة مع استحقاق التزامات القاهرة، لافتًا إلى أن التزامات سداد ديون مصر هائلة، مع 3.86 مليار دولار في شكل اقتراض قصير الأجل و 11.38 مليار دولار ديون طويلة الأجل مستحقة في النصف الثاني من عام 2023. وبدون تحول كبير في برنامج الخصخصة أو قرض كبير آخر من صندوق النقد الدولي، سيصبح الوضع صعبًا للغاية.

وسيكون لهذا الجمود عواقب وخيمة، أبرزها انهيار نموذج النظام للنمو المدفوع بالديون. والواقع أن مع عجز النظام الواضح على الوصول إلى مصادر تمويل إضافية، من الصعب تخيل أنه سيكون قادرًا على مواصلة برنامجه لمشاريع البنية التحتية التي تغذيها الديون.

لكن هذا لا يعني أن الشكل العسكري لرأسمالية الدولة في مصر سوف يختفي. بدلًا من ذلك، من المرجح أن تصبح أكثر افتراسًا، مستغلة مصادر أخرى للأموال العامة لتغذية نموها.

والأكثر إثارة للقلق هو العواقب إذا لم تؤتي تكتيكات النظام القاسية ثمارها، ولم "يتفهم" الدائنون كما يأمل السيسي. في الواقع، مع رفض النظام الشديد نزع الطابع العسكري عن الاقتصاد وتنفيذ تفويضات حوكمة الشركات على الشركات المملوكة للجيش، يقامر السيسي بأن مصر أكبر من أن تفشل، مع مصير ملايين المصريين على المحك.

وفي حال كانت المقامرة خاطئة، فإن أزمة اقتصادية هائلة ستجتاح البلاد، مع انخفاض سريع في قيمة العملة، وتضخم مفرط وتراجع اقتصادي مدمر كنتيجة مرجحة لها، حسبما يختم الكاتب.

الموضوع التالي بيانات رسمية أظهرت أن معدل التضخم في مصر يسجل أعلى مستوى قياسي له عند 36.8٪ في يونيو
الموضوع السابق"السعودية" تطلب اعتماد مشروع قرار "مكافحة الكراهية الدينية" ردًا على حرق نسخ من المصحف