جولة خليجية لأردوغان.. ما المتوقع في ظل علاقات معقدة ؟
بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الإثنين، جولة خليجية لمدة ثلاثة أيام تشمل السعودية وقطر الإمارات، ومن المتوقع أن تشهد توقيع صفقات بمليارات الدولارات في مجالات عديدة، بينها خصخصة أصول مملوكة للدولة وجذب استثمارات مباشرة وحتى صفقات دفاعية، بحسب تحليل لكاثرين شاير في موقع إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله"...
بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الإثنين، جولة خليجية لمدة ثلاثة أيام تشمل السعودية وقطر الإمارات، ومن المتوقع أن تشهد توقيع صفقات بمليارات الدولارات في مجالات عديدة، بينها خصخصة أصول مملوكة للدولة وجذب استثمارات مباشرة وحتى صفقات دفاعية، بحسب تحليل لكاثرين شاير في موقع إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله" (Deutsche Welle) ترجمه "الخليج الجديد".
وقال أردوغان، في لقاء مع صحف تركية، الأسبوع الماضي: "خلال زيارتنا، ستتاح لنا فرصة متابعة الدعم الذي ستقدمه هذه الدول لتركيا، لقد أعربوا بالفعل عن استعدادهم لضخ استثمارات جادة خلال اتصالاتي معهم، وآمل أن يُحسم ذلك خلال الزيارة".
ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين أتراك قولهم إنهم يأملون في جذب استثمارات خليجية مباشرة بقيمة 10 مليارات دولار خلال جولة أردوغان، ضمن ما يتراوح بين 25 مليار دولار و30 مليار دولار على المدى البعيد.
ويشير ذلك إلى الأهمية الاقتصادية التي يوليها أردوغان إلى جولته الخليجية (الأولى له خارجيا منذ إعادة انتخابه)، خاصة في ظل الضغوط التي يتعرض لها اقتصاد بلاده، في ظل معدلات تضخم مرتفعة وانخفاض قيمة الليرة، وفقا لكاثرين.
وتابعت أن "أردوغان يرى جولته الخليجية، بعد إعادة انتخابه في مايو/ أيار الماضي (لفترة رئاسية جديدة تستمر 5 سنوات)، ضرورية لدعم الاقتصاد التركي وتعزيز قيادته داخل البلاد، على ضوء أن دول الخليج الغنية بالنفط ساعدت أنقرة في حل أزمة العملات الأجنبية على الأقل على المدى القصير عبر اتفاقيات مبادلة العملات المباشرة وإيداع أموال في حسابات الدولة التركية".
وقدمت قطر والإمارات لتركيا حوالي 20 مليار دولار في اتفاقيات مبادلة العملات، فيما أودعت السعودية في مارس/ آذار الماضي 5 مليارات دولار في البنك المركزي التركي للمساعدة في دعم الاقتصاد.
ولم تكن العلاقات التركية-الخليجية، بحسب كاثرين، على وفاق دائم، إذ تتسم علاقة أنقرة مع دول الخليج بالكثير من التعقيد، وقد عادت من التنافس والشقاق إلى الانفراج وعلاقات أكثر ودية.
مع قطر.. أفضل علاقة
ومن بين دول الخليج، كانت العلاقة بين تركيا وقطر الأفضل، فأنقرة حليفة الدوحة لأكثر من 10 سنوات، واصطفت إلى جانبها عام 2014 إبان أزمتها مع السعودية والإمارات والبحرين ومصر، كما أضافت كاثرين.
وأردفت أن الأزمة الدبلوماسية تفاقمت مع فرض الدول الأربع حصارا جويا وبريا على قطر بين يونيو/ حزيران 2017 ويناير/ كانون الثاني 2021؛ مما دفع تركيا إلى إرسال مواد غذائية ومياه وأدوية وقوات إلى قطر.
وتابعت أنه "كرد للجميل، وقفت الدوحة إلى جانب أنقرة؛ إذ ضخت استثمارات مالية كبيرة في تركيا وارتفع الاستثمار القطري في تركيا بنسبة 500% بين 2016 و2019".
مع الإمارات.. علاقة إيجابية
وفيما يتعلق بأبوظبي، فقد تبنت نهجا معتدلا وغير مغالٍ مع أنقرة، ورغم توتر العلاقات خلال الأزمة الخليجية، إلا أن تركيا عمدت إلى تعزيز علاقة إيجابية بشكل متزايد مع خصومها السابقين في الخليج، خاصة السعودية والإمارات، منذ عودة قطر إلى الحظيرة الدبلوماسية الخليجية، وفقا لكاثرين.
ولفتت إلى أنه بعد ثلاثة أيام من فوز أردوغان بالسباق الرئاسي الأخير، وقَّعت تركيا والإمارات اتفاقية تجارية بقيمة 40 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة، مع احتمالات بإبرام صفقات دفاعية.
وأواخر العام الماضي، أفادت تقارير صحفية بأن الإمارات تجري مفاوضات لعقد صفقة لشراء طائرات مسيّرة عسكرية من طراز "بيرقدار بي بي 2" تركية الصنع، فيما جرى تسليم 20 طائرة مسيّرة إلى الإمارات في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
مع السعودية.. علاقة متقلبة
عندما يتطرق الحديث، بحسب كاثرين، إلى العلاقات التركية-الخليجية، فإن "المملكة تقف على طرف النقيض من قطر".
وقالت الباحثة التركية سينم جنكيز، في تحليل لـ"منتدى الخليج الدولي" في مايو/ أيار الماضي: "انخرطت تركيا والسعودية في تنافس إقليمي قوي على النفوذ والقيادة على مر التاريخ".
وتابعت سينم، الباحثة في جامعة قطر، أنه "منذ مطلع القرن الحالي، يمكن وصف العلاقات بين البلدين بأنها متقلبة، فبعد (ثورات) الربيع العربي عام 2011، وقفت تركيا إلى جانب قطر في دعم المتظاهرين المناهضين للحكومات في دول عربية، لا سيما سوريا".
وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "توب" للاقتصاد والتكنولوجيا بتركيا، سابان كارداس، في تحليل صدر أواخر 2021، إن "دول الخليج الأخرى كانت قلقة من أن تركيا ربما لديها نوايا عدوانية وأنها تسعى إلى التدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى وتوسيع نفوذها في العالم العربي، لذا اختاروا تصنيف تركيا بمثابة عنصر مزعزع لاستقرارها".
وفي 2018، أدت واقعة مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول إلى قطيعة دبلوماسية شبه كاملة بين أنقرة والرياض، وطالب رجال أعمال سعوديون في 2020 بمقاطعة السلع التركية، وبدأت المملكة في اتخاذ مواقف ضد تركيا في النزاعات الدولية، خاصة في سياق نزاع الأخيرة مع اليونان ومصر، بحسب كاثرين.
وزادت بأن "الدور التركي الصاعد في العالم الإسلامي أثار غضب السعودية، حيث كانت الرياض تمتلك هذا الدور بفضل مكانتها في قلوب المسلمين، إذ تحتضن على أراضيها الحرمين الشريفين، المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة".
وأوضحت أنه "رغم التنافس طويل الأمد، إلا أن أسوأ مراحل العداء بين البلدين تبددت إلى حد ما العام الماضي، حيث حظت الرياض بعلاقة اقتصادية مع أنقرة، وباتت التجارة السعودية مع تركيا الأسرع نموا مقارنة بباقي دول الخليج".
وتجاوزت التجارية الثنائية عتبة الـ6.5 مليار دولار العام الماضي، وبلغت خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري 3.4 مليارات دولار، وفقا لصحيفة "ديلي صباح" التركية الأسبوع الماضي.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، أفادت وكالة "بلومبرج" الأمريكية بأن مسؤولين من شركة "أرامكو"، عملاق النفط السعودي، اجتمعوا مع حوالي 80 مقاولا تركيًا في أنقرة لمناقشة مشاريع محتملة بقيمة 50 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة.
ويعتقد مراقبون، وفقا لكاثرين، أن قطاع التسليح والدفاع التركي قد يجذب اهتمام السعودية، إذ قد تشهد المرحلة المقبلة شراء الرياض طائرات مسيرة عسكرية تركية من طراز "بيرقدار بي بي 2"، على غرار الإمارات، وربما تسيير دوريات في طرق شحن النفط.