رفع عقوبات قيصر: الغاز المصري إلى لبنان ومعه النفوذ الإسرائيلي

خلاصة

تعمل مصر على وضع اللمسات النهائية لتصدير 650 مليون متر مكعب سنوياً من الغاز الطبيعي إلى لبنان، عبر خط الغاز العربي، بنهاية عام 2025، حسب مسؤول حكومي لمنصة "الشرق-بلومبرغ". ويأتي ذلك بعد قرار الكونغرس الأميركي إلغاء قانون عقوبات"قيصر" المفروض على سوريا، وهو ما أزال آخر العقبات أمام تنفيذ الاتفاق الذي...

خبر

تعمل مصر على وضع اللمسات النهائية لتصدير 650 مليون متر مكعب سنوياً من الغاز الطبيعي إلى لبنان، عبر خط الغاز العربي، بنهاية عام 2025، حسب مسؤول حكومي لمنصة "الشرق-بلومبرغ". ويأتي ذلك بعد قرار الكونغرس الأميركي إلغاء قانون عقوبات"قيصر" المفروض على سوريا، وهو ما أزال آخر العقبات أمام تنفيذ الاتفاق الذي وُقّع بين القاهرة ودمشق وبيروت عام 2022. وأوضح المسؤول أن مصر وسوريا ولبنان تعمل حاليًا على تحديث اتفاقيات الربط الكهربائي والغازي لضمان استدامة الإمدادات. ويمتد خط الغاز العربي من العريش مرورًا بالأردن وسوريا وصولًا إلى لبنان، فيما يجري حاليًا تأهيل المقاطع الفنية التي تحتاج إلى صيانة محدودة قبل بدء الضخ.

إشارة

  • انطلق مشروع خط الغاز العربي قبل نحو ربع قرن بهدف ربط الغاز المصري بالسوق الأوروبية عبر الأردن وسوريا ولبنان وتركيا، لكنه توقّف عند الأراضي السورية بسبب الاضطرابات الأمنية التي أعقبت الثورات العربية. وفي عام 2022، دعمت إدارة بايدن إعادة تفعيل المشروع لمواجهة أزمة الطاقة في لبنان، غير أن التنفيذ تأخر آنذاك بسبب سريان العقوبات الأميركية على دمشق.
  • يخدم إحياء خط الغاز العربي طموح مصر للتحول إلى مركز إقليمي لنقل الطاقة. فالقاهرة تسعى إلى توظيف بنيتها التحتية المتقدمة لإسالة الغاز، والاحتياطيات المكتشفة خلال السنوات الأخيرة، لتثبيت موقعها على خريطة أمن الطاقة العالمي وجذب استثمارات أوسع. وفي هذا الإطار، وقعت مصر عام 2022 اتفاقية مع "إسرائيل" بقيمة 35 مليار دولار لتوريد نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز حتى عام 2040، بهدف إسالة الغاز الإسرائيلي في مصر وإعادة تصديره إلى أوروبا.
  • لكنّ تراجع إنتاجية الحقول المصرية دفع القاهرة إلى توجيه جزء من الغاز الإسرائيلي لتغطية الطلب المحلي، ما عزّز الارتباط المصري والإسرائيلي في قطاع الطاقة. ورغم التوترات الأمنية والدبلوماسية على خلفية حرب غزة، فقد تمسّك الجانبان بالاستمرار في "شراكة الطاقة" الاستراتيجية، ووقّعا اتفاقية معدلة رفعت الكميات المصدّرة من 4.5 إلى 12 مليار متر مكعب سنويًا.
  • من هذه الزاوية، بات الطموح المصري لتكريس موقعها كمحور عبور للطاقة يعتمد بدرجة أساسية على انتظام واردات الغاز من تل أبيب، وهو ما يمنح الأخيرة ميزة جيوسياسية، إذ تؤثر جزئيًا في أمن الطاقة المصري، وتجد في القاهرة منصة عبور لتسويق غازها إلى الأسواق الأوروبية والعربية.
  • إن إعادة تفعيل خط الغاز العربي ستُفضي عمليًا إلى إمداد الغاز الإسرائيلي بصورة غير مباشرة إلى السوق العربية (سوريا ولبنان) عبر الأراضي المصرية. ويخدم هذا المسار الأوسع المساعي الأميركية والإسرائيلية لإدماج الاحتلال في البنية الاقتصادية الإقليمية. ولهذا، من المرجّح أن تُبدي تل أبيب حرصًا متزايدًا على استمرار تصدير الغاز إلى مصر وربما زيادته مستقبلًا، بالنظر إلى أن مصر باتت محطة النقل الرئيسية للغاز الإسرائيلي نحو أوروبا والعالم العربي.
  • من جهة أخرى، يُتوقّع أن تُسهم هذه الخطوة في تحسين العلاقات بين القاهرة ودمشق، إذ إن المصالح الاقتصادية المرتبطة بالمشروع قد تُعيد تعريف العلاقة بين البلدين على أساس التعاون البراغماتي. ورغم استمرار التحفّظ المصري تجاه النظام السوري، فإن إعادة تشغيل خط الغاز العربي توفر إطارًا عمليًا لبناء الثقة وتوسيع نطاق التعاون في ملفات الطاقة والإعمار.
  • في المحصلة، يمثل رفع عقوبات "قيصر" نقطة تحول في شبكة التفاعلات الاقتصادية والسياسية في المشرق العربي. فهو يتيح لمصر تعزيز مكانتها كمركز إقليمي للطاقة، ويوفر للبنان متنفسًا جزئيًا في أزمته المزمنة، ويمنح سوريا منفذًا اقتصاديًا ينهي عزلتها. غير أن هذه الفوائد الاقتصادية لا تأتي بمعزل عن هندسة جيوسياسية أوسع تشرف عليها واشنطن، وتستفيد منها دولة الاحتلال الإسرائيلي بصورة مباشرة، إذ يتحول المشروع عمليًا إلى آلية دمج اقتصادي إقليمي جديدة.
الموضوع التالي تعديلات قانون الإجراءات الجنائية: تسوية شكلية تعكس توازنات داخل النظام
الموضوع السابقالعلاقات المصرية–الإسرائيلية في "الصحافة الإسرائيلية" بعد وقف إطلاق النار في غزة