إنفورميد كومنت: استعراض نقدي لكتاب الأزمة الوجودية للإخوان المسلمين

خلاصة

يقدم الكاتب مارك مارتوريل جونينت استعراضًا نقديًا لكتاب "الأواصر المقطوعة: الأزمة الوجودية للإخوان المسلمين" والذي كتبه عبد الرحمن عياش وعمرو عفيفي ونهى عزت، وذلك في تقرير نشره موقع إنفورميد كومنت. وأشاد الكاتب بالجهد المبذول في الكتاب ومساهمته العظيمة لفهم إشكاليات الخلاف داخل جماعة الإخوان، ويأخذ عليه عدم اهتمامه بالدينامكيات الإقليمية...

استعرض الكاتب مارك مارتوريل جونينت كتاب "الروابط الممزقة: الأزمة الوجودية للإخوان المسلمين" والذي كتبه عبد الرحمن عياش وعمرو عفيفي ونهى عزت، وذلك في تقرير نشره موقع إنفورميد كومنت. 

يستهل الكاتب استعراضه بالإشارة إلى أن 3 يوليو 2023 صادف الذكرى العاشرة للانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المصري محمد مرسي من السلطة، مما مهد الطريق لإقامة نظام استبدادي بقيادة الجنرال العسكري عبد الفتاح السيسي. 

ويقول الكاتب إن الإطاحة بمرسي أدخلت جماعة الإخوان المسلمين، المنظمة الاجتماعية والسياسية التي دعمته، في ما يعتبره الكثيرون أشد أزماتها منذ تأسيسها عام 1928 . 

لمحة تاريخية

ويلفت الكاتب إلى أن مؤلفو الكتاب يقدمون لمحة تاريخية عن جماعة الإخوان المسلمين قبل فحص مسارها خلال العقد الماضي. 

ويعتمد الكتاب اعتمادًا كبيرًا على مقابلات متعددة مع أعضاء سابقين وحاليين في جماعة الإخوان المسلمين. وبشكل عام، يرى المؤلفون أن الإخوان يجدون أنفسهم في أدنى نقطة في تاريخهم المئوي تقريبًا، ومع ذلك، وباعتبارها منظمة مرنة ستعود على الأرجح بفضل القدرة على التكيف التي أظهرتها دائمًا في مواجهة الأزمات، وفقًا للكاتب.

وأشار الكاتب إلى أن علاقة الإخوان بالدولة المصرية كانت تاريخيًا علاقة معقدة؛ قمعها الرئيس جمال عبد الناصر في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وتمكنت من إقامة وجود قوي في الجامعات والنقابات في السبعينيات عندما بدأ الرئيس أنور السادات انفتاحًا سياسيًا محدودًا. وفي عهد خليفة السادات حسني مبارك، تمتع الإخوان بتفاهم ضمني مع النظام خلال الثمانينيات بينما نشروا قيمهم المحافظة بين المجتمع المصري.

انهار هذا التفاهم الضمني في أوائل التسعينيات عندما وضع نظام مبارك حدًا لنفوذ جماعة الإخوان المسلمين بين طلاب الجامعات والعمال. في سياق التحول النيوليبرالي في مصر، أصبح الإخوان يلعبون دورًا أكبر في تقديم الخدمات والسلع الأساسية لقطاعات المجتمع الأكثر حرمانًا. ووسعت جماعة الإخوان المسلمين عضويتها في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكن دورها السياسي اقتصر على المشاركة في الاحتجاجات التي سمح بها نظام مبارك، مثل المظاهرات ضد العنف الإسرائيلي في فلسطين أو الغزو الأمريكي للعراق.

تغيير كبير

وأضاف الكاتب أنه وبالنسبة لمنظمة تعرضت تقليديًا للقمع أو، في أحسن الأحوال، للتسامح من جانب الدولة المصرية، كان توليها سلطة الدولة في يونيو 2012 - على الرغم من ظل الجيش الذي يلوح في الأفق دائمًا - تغييرًا عميقًا. 

ويصف المؤلفون قرار الإخوان بالترشح للرئاسة المصرية بأنه مدفوع بهدفين متنافسين. فمن ناحية، سعت الجماعة إلى تجنب الملاحقة القضائية على يد نظام جديد من خلال السيطرة على سلطة الدولة نفسها مع إظهار صورة الاعتدال. ومن ناحية أخرى، أراد الإخوان منع الجماعات والشخصيات الإسلامية المتشددة، مثل الداعية السلفي والمرشح الرئاسي حازم صلاح أبو إسماعيل، من الحصول على الدعم بين المتعاطفين مع الإخوان. لكن هذا استلزم التأكيد على النزعة المحافظة للإخوان.

بداية الأزمة

وقال الكاتب إن سعي الإخوان المتزامن لتحقيق هذه الأهداف غير المتوافقة أدى إلى سياسات متناقضة ورسائل مختلطة للجمهو. وكذلك كانت السياسة الخارجية لمرسي مربكة أيضًا، حيث حولت التغييرات المتكررة للرئيس «تكتيكات الإخوان للبحث عن حلفاء إلى سلسلة من التجارب والأخطاء». وإذا كانت الفترة القصيرة في السلطة فترة مضطربة للإخوان، فقد ألقى انقلاب يوليو 2013 جماعة الإخوان في فوضى، حيث تشتت القادة الذين نجوا من الاعتقال في مصر والمنفى، وخاصة في قطر والسودان وتركيا وماليزيا.

بقي ثلاثة أعضاء فقط من مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين في مصر لم يسجنوا - جزء صغير بالنظر إلى أن المكتب كان يضم عشرين عضوًا في تلك المرحلة. وهؤلاء الأعضاء الثلاثة، الذين انضموا جميعًا إلى المكتب بعد عام 2011 وكانوا بالتالي وافدين جددًا إلى المستويات العليا من الإخوان، قرروا إنشاء اللجنة الإدارية العليا في عام 2014 لقيادة الإخوان من داخل مصر. وبرز محمد كمال كشخصية رئيسة في تلك اللجنة، التي سعت إلى ضم أعضاء أصغر سنًا من الإخوان إلى الهيكل القيادي الجديد.

كما تبنت اللجنة موقفًا تصادميًا متزايدًا تجاه الحكومة المصرية، زنصاعد هذا الموقف بعد أن وافقت أغلبية ضئيلة من اللجنة على خطط لتنفيذ هجمات عنيفة محدودة ضد النظام المصري الجديد. وتسمح لنا المقابلات مع أعضاء الإخوان العاديين التي أجراها المؤلفون بفهم أفضل للتغييرات التي تحدث بعد أن فقد الإخوان السلطة. ويسأل أحد الأشخاص الذين جرى مقابلتهم: «ماذا كان من المفترض أن نفعل، فقط نترك الناس، وخاصة النساء، يتعرضون للضرب أو الاعتقال من الشوارع؟»

أدى تصعيد اللجنة إلى حملات قمع جديدة ضد الإخوان. وعلاوة على ذلك، سيكتشف كمال وشركاؤه قريبًا أن «تغيير حركة واسعة مثل الإخوان ليس بالمهمة السهلة». وشهدت القيادة التاريخية لجماعة الإخوان في السجون المصرية والمنفى بقلق تضاؤل قوتها على تصرفات الإخوان، والتي كان يوجهها قادة ذوي خبرة محدودة اجتذبت عديدًا من الثوار الشباب.

الانقسامات

وأشار الكاتب إلى أن محمود عزت، المرشد العام بالإنابة لجماعة الإخوان بعد سجن المرشد العام محمد بديع في أغسطس 2013، كان قد اختبأ ولم يُعرف عنه سوى القليل. لكن في مايو 2015، أصدر عزت بيانًا يأمر بحل اللجنة الإدارية وإنشاء لجنة جديدة تخضع لقيادة الإخوان في المنفى. وعارضت اللجنة الإدارية قرار عزت، لكن المرشد العام بالإنابة والقيادة التاريخية في المنفى استحوذت على معظم الموارد المالية للإخوان. وشرعوا في قطع التمويل عن المكاتب الإقليمية في مصر التي تدعم اللجنة الإدارية وتفرض نفسها تدريجيًا. وقُتل كمال، الذي شارك في تأسيس أول لجنة وأصبح زعيمها، على يد قوات الأمن المصرية في أكتوبر 2016.

أعقب انقسام كمال عزت فترة أخرى من التوترات الداخلية بعد اعتقال عزت في أغسطس 2020. وسيُظهر هذا الصراع الجديد أن «القيادة التاريخية لم تكن موحدة»، محمود حسين، وكان أحد أعضاء مكتب الإرشاد الذي تصادف خروجه من مصر وقت انقلاب يوليو 2013، قد اكتسب مكانة مهيمنة على الاتصالات بين الإخوان في مصر والقيادة في المنفى. واتهم القائم بأعمال المرشد العام الجديد بعد اعتقال عزت، إبراهيم منير، حسين بمنع الرسائل التي أرسلها المرشد العام محمد بديع من السجن إلى القيادة في المنفى.

ندوب عميقة

ويتابع الكاتب: على الرغم من وفاة إبراهيم منير في نوفمبر 2022، بدا أن الإخوان قد عادوا إلى الاستقرار النسبي بعد ذلك بسرعة. لكن الصراعات الداخلية تركت ندوبًا عميقة على المنظمة.  ويوثق مؤلفو الكتاب قرار عديد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين التخلي عن الجماعة.  وذكر بعضهم أن جماعة الإخوان لم تعد تسير على مُثل مؤسسها حسن البنا، بينما أعرب آخرون عن خيبة أملهم من انقسام كمال - عزت.

ولفت الكاتب أن الإخوان ليسو وحدهم لذين يمرون بأزمة طويلة ولكن مصر نفسها؛ فقد هيمنت الانتخابات الوهمية والقمع المستمر على الجبهة السياسية على فترة حكم السيسي، ومشاريع التباهي وتراكم الديون التي لا يمكن السيطرة عليها على الجبهة الاقتصادية. وقدم السيسي باستمرار الإخوان على أنهم عدو موجود في كل مكان لتبرير استمرار الدولة في قمع المجتمع المصري، كما يكتب عبد الله العريان، أستاذ مشارك في جامعة جورج تاون. 

ويلفت الكاتب إلى أن شعبية الإخوان سوف تستمر في مصر، كما يتوقع مؤلفو  الكتاب، لأن الأسباب الكامنة وراء شعبية الحركة «جوهرية في إخفاقات الدولة في التعامل مع مشاكل المجتمع». 

رؤية نقدية

ويقول الكاتب إن ما يأخذه على الكتاب هو اهتمام مؤلفوه المحدود بكيفية تأثير الديناميكيات الدولية لسياسة الشرق الأوسط على مصير الإخوان. في حين استوعبت قطر وتركيا أعضاء الإخوان بعد انقلاب 2013، دعمت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة قمع السيسي المناهض للديمقراطية للحركة الإسلامية. وكما يفصل ماتيو كولومبو من معهد كلينجيندايل، فإن العامل الرئيس في الأزمة الحالية لجماعة الإخوان المسلمين هو «البيئة السياسية الإقليمية القمعية المتزايدة المدعومة بقوة من = السعودية والإمارات». 

ويرى الكاتب أن كتاب عياش وعفيفي وعزت هو جزء مثير للإعجاب من البحث والتحليل. وهناك سببان رئيسان لذلك. الأول، ينجح المؤلفون في جعل السياسات الداخلية المحيرة للإخوان مفهومة لأولئك الذين قد يكون لديهم فهم عام فقط للسياسة والتاريخ المصري. الثاني، بفضل وصولهم إلى كبار القادة وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، يُظهر المؤلفون فهمًا عميقًا للتنظيم من أعلى إلى أسفل ومن أسفل إلى أعلى. ويُشكٍّل الكتاب عملًا لا يمكن تجاهله لفهم المسار المضطرب لجماعة الإخوان المسلمين في العقد الماضي.

الموضوع التالي العفو الدولية: حرمان المحامية المسجونة ظلما هدى عبد المنعم من الرعاية الصحية
الموضوع السابقإف اكس إمباير:: السيولة من النقد الأجنبي معرضة للخطر في مصر إذا توقف برنامج صندوق النقد الدولي