ملخص الحلقة:

استهل أسامة جاويش الحلقة بالحديث عن التفريط في الأصول الاستراتيجية لمصر لصالح جهات أجنبية، خصوصًا موانئ أبوظبي التي تسعى للسيطرة على شركة الإسكندرية لتداول الحاويات بعد امتلاكها حصصًا سابقة. وأوضح جاويش أن هذه الصفقات أصبحت نمطًا متكررًا، كما حدث مع شركات الأسمدة، ما أدى إلى خسائر اقتصادية وانعكاسات مباشرة على معيشة المصريين. كما تناول تطوير شاطئ الغرام في مرسى مطروح، حيث جُرد السكان المحليون من ممتلكاتهم لصالح مستثمرين خليجيين، وزيادة ثروة عائلة سويرس مع التهرب الضريبي، مقابل ارتفاع أعباء ديون الأسر، ما يعكس اتساع الفجوة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

كما تطرق جاويش إلى الخلاف الحاد بين ترامب ونتنياهو بعد اغتيال القيادي في حماس رائد سعد دون إشعار واشنطن، حيث اضطر نتنياهو لتقديم تنازلات محدودة دون تعديل السياسات الكبرى لإسرائيل، وسط ضغوط مستشاري ترامب والمجموعات اليهودية المتطرفة. واستعرض الوضع الإنساني في غزة، مع تحذيرات الأمم المتحدة من خطر تجمد المواليد، واستمرار القصف وخروقات وقف إطلاق النار. وأوضح الدكتور علي الأعور أن القمة المرتقبة بين نتنياهو وترامب، وربما حضور السيسي، قد تحدد بعض الإجراءات العملية مثل فتح معبر رفح ووجود قوات متعددة الجنسيات، بينما تبقى حركة حماس جزءًا من النظام الفلسطيني، ونزع سلاحها لم يعد أولوية إسرائيلية، وسط استمرار معاناة المدنيين وانعدام المساءلة الدولية.

مضامين الفقرة الأولى: استحواذ موانئ أبوظبي على شركة الإسكندرية لتداول الحاويات وتوسيع النفوذ الإماراتي في الموانئ المصرية

استهل أسامة جاويش الحلقة بالتأكيد على أن الحكومة المصرية بقيادة السيسي تفرط في الأصول الرابحة لصالح جهات أجنبية، وتحديدًا موانئ أبوظبي، تحت غطاء سداد الديون. ووفقًا لتقرير الشرق بلومبرج، تسعى موانئ أبوظبي للسيطرة على شركة الإسكندرية لتداول الحاويات عبر شراء إلزامي لحصة 32%، بعد أن استحوذت سابقًا على 19.3% من الأسهم من الشركة السعودية للاستثمار و32% من حصة الحكومة المصرية، بينما تتوزع باقي الأسهم بين الشركة القابضة للنقل البحري والنهري وهيئة ميناء الإسكندرية وصغار المساهمين. تأسست الشركة عام 1984 وتمتلك محطتين استراتيجيتين في مينائي الإسكندرية والدخيلة، بإيرادات 8 مليارات جنيه وأرباح 6 مليارات، وتشمل خدماتها تحميل وتفريغ الحاويات والنقل والتخزين والتخليص الجمركي، وتعد مصدرًا مهمًا للعملة الصعبة، حيث تمر عبرها 36% من واردات مصر و23.8% من صادراتها.

وأشار جاويش إلى أن هذا النمط من الاستحواذ الخليجي أصبح متكررًا، كما حدث مع شركات الأسمدة مثل أبو إير والمصرية موبكو، ما أدى إلى إهدار مليارات الدولارات وخسائر استراتيجية وانعكاسات مباشرة على معيشة المصريين. كما تطرق إلى شاطئ الغرام في مرسى مطروح، حيث أوقفت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة أعمال 63 جهة حكومية وخاصة ونقابية ضمن خطة تطوير الشواطئ، وسط تنافس مستثمرين سعوديين وقطريين وإماراتيين، مع تعويضات منخفضة جدًا تتراوح بين 75 و95 جنيهًا للمتر مقابل أسعار فعلية بين 7000 و10000 جنيه، ما يجرد السكان المحليين من ممتلكاتهم ويضعهم أمام واقع معيشة صعب، بينما تضمن الإمارات موطئ قدم دائم في الساحل الشمالي.

وانتقل جاويش للحديث عن ثروة عائلة سويرس وأعمالها الضخمة في مصر والخارج، حيث قفزت ثروة نجيب سويرس بنسبة 50% خلال 2025 لتتخطى 10.5 مليار دولار، مستفيدًا من ارتفاع أسعار الذهب واستثمارات العقارات والتعدين، بينما تحصل الحكومة على جزء محدود من الأرباح، وتتهرب الشركة من الضرائب عبر تسجيل شركات في الإمارات وهولندا وجزر العذراء البريطانية، مع استمرار العمليات في مصر تحت غطاء شركات هولندية. وأضاف أن الأسر المصرية تواجه أعباء ديون متزايدة منذ التعويم، حيث ارتفعت من 21 مليار دولار في الربع الأول من 2024 إلى 28 مليار دولار في الربع الثالث من 2025، بينما تستفيد عائلة سويرس من الاستثمار الأجنبي والخليجي، في وقت تُفرط فيه الحكومة في أصول الدولة لصالح مستثمرين أجانب، مما يزيد الفجوة بين المواطن العادي والطبقة الاقتصادية الثرية.

مضامين الفقرة الثانية: تحليل واقع التهرب الضريبي والتفريط في الأصول الاستراتيجية في مصر

للتعليق على الأمر، استضاف أسامة جاويش الأستاذ محمد أبو العنين، الكاتب والمحلل السياسي، عبر الإنترنت. أوضح أبو العنين أن رأس المال يسعى دائمًا لتعظيم الأرباح، وأن هذا السلوك ليس مقتصرًا على مصر فقط، بل ينطبق عالميًا. وأشار إلى أن المفارقة تكمن في وجود خط فاصل بين تجنب دفع الضرائب والتهرب الضريبي، خصوصًا عند اللجوء إلى الملاذات الضريبية، ما يثير جدلاً حول الشفافية والمساءلة. وبيّن أن عائلة سويرس، رغم ارتباطها بمشاريع كبيرة في مصر، تحافظ على مساحات من الاستقلالية في تعاملها مع السلطة، ما يمنحها حرية أكبر في إدارة أعمالها، رغم الانتقادات العلنية من وسائل الإعلام والشخصيات السياسية.

وعلى الصعيد الدولي، أكد أبو العنين أن نفوذ نجيب سويرس وعائلته يمتد إلى الإمارات والسعودية وعدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، مع استثمارات في قطاع الألياف الضوئية وخطوط النقل البحرية والكوابل المركزية للإنترنت، وصولًا إلى جنوب إفريقيا. وأضاف أن الإمارات لا تشكل حاميًا مباشرًا لسويرس، بل تعمل كبوابة لعلاقات اقتصادية متشابكة في المنطقة، بينما يظل حجم نفوذ سويرس واستقلاله المالي والسياسي أكبر من أي تأثير خارجي، مما يفسر قدرته على الحفاظ على موقف مستقل نسبيًا تجاه السلطة المصرية.

وفيما يتعلق بالأصول الوطنية والموانئ المصرية، سلط أبو العنين الضوء على صفقة استحواذ موانئ أبوظبي على 90% من شركة الإسكندرية لتداول الحاويات، معتبرًا أن التفريط في شركات كسبانة يطرح مخاطر استراتيجية واقتصادية جسيمة. وأوضح أن هذا الفشل في التخطيط الاقتصادي يعكس ضعف القدرة على إدارة المؤسسات الحيوية، بينما تبقى الدوافع وراء البيع مرتبطة غالبًا بسداد الديون والالتزامات المالية للنظام الحالي. وخلص أبو العنين إلى أن مثل هذه الصفقات تثير تساؤلات حول الشفافية والرقابة والإفصاح، وما إذا كانت تحقق منفعة حقيقية للبلاد والمواطنين.

مضامين الفقرة الثالثة: الخلاف الأمريكي-الإسرائيلي: ترامب ونتنياهو في قلب الصراع

خلال الحلقة، تناول جاويش تقريرًا لموقع "أكسيوس" الأمريكي، كشف فيه، وفق ما نقل براك رافيد، عن توتر حاد بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد مقتل القيادي في حماس رائد سعد دون إشعار واشنطن. وأوضح الدكتور أسامة أبو رشيد، الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أن ترامب استخدم ألفاظًا حادة تجاه نتنياهو، وأن الخلاف يتجاوز الشتائم ليصل إلى مسألة الكرامة الشخصية وسمعة الرئيس الأمريكي، ما دفع نتنياهو لتقديم تنازلات محسوبة في ملفات غزة ولبنان والضفة الغربية وسوريا. ومع ذلك، لم تؤدِ هذه الخلافات إلى تغييرات استراتيجية جوهرية في السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، بل اقتصرت على تحركات تكتيكية للحفاظ على غرور ترامب ورضاه، دون تعديل السياسات الإسرائيلية الكبرى.

وأضاف أبو رشيد أن ترامب يحيط نفسه بدائرة ضيقة من مستشاريه المقربين، مثل ستيف ميلر ومايك هاكبي وغيرهم  ، الذين لهم مصالح شخصية وتجارية في المنطقة، ويتحكمون في توجيه الضغوط على نتنياهو بما يتماشى مع مصالحهم وطموحاتهم الشخصية. وأشار إلى أن هؤلاء الأفراد، رغم دعمهم لإسرائيل، لا يتوافقون دائمًا مع نهج نتنياهو، بل يميلون إلى فرض رؤيتهم وفرض تنازلات محسوبة على الجانب الإسرائيلي دون السماح بتغييرات استراتيجية حقيقية. ولفت أبو رشيد إلى أن ترامب، بطبيعته، يعتمد على ذكاء الشوارع والغرور الشخصي وحساب المصالح الطويلة، ما يجبر نتنياهو على تقديم تنازلات محدودة مع الاحتفاظ بالسياسات الكبرى لإسرائيل، بما في ذلك العدوان على لبنان وغزة، وملف التهويد والسيطرة على الضفة الغربية.

وأشار أبو رشيد إلى أن الضغوط على نتنياهو لا تأتي فقط من ترامب ومستشاريه، بل من مجموعات يهودية متطرفة ووسائل إعلامية أمريكية مثل لورا لومر، التي تهدد وتراقب المسؤولين الأمريكيين الذين لا يلتزمون بالدعم الأقصى لإسرائيل، وتستهدف حتى الناشطين والمدنيين. هذا الواقع يعكس أن الدعم الأمريكي لإسرائيل مستمر، لكن نتنياهو يجد نفسه محاصرًا بين مصالح ترامب وطموحات مستشاريه المقربين وضغوط الميغا واليمين الأمريكي، مما يجبره على تقديم تنازلات محددة وحسابات دقيقة، مع الحفاظ على سياسات إسرائيل الكبرى دون تغييرات جوهرية، رغم سنوات الخلاف والأموال والجهود المستثمرة في المنطقة، بما يشمل سوريا ولبنان وغزة والعلاقات مع الدول العربية والخليجية.

مضامين الفقرة الرابعة: استمرار الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة

تناول جاويش خبر لوكالة "الأناضول" على تحذيرات الأمم المتحدة بشأن تزايد خطر تجمد المواليد في غزة نتيجة القيود الإسرائيلية على دخول المساعدات الإنسانية، وسط ظروف شتوية قاسية. ولفت نائب المتحدث باسم الأمين العام إلى أن إسرائيل تواصل عرقلة دخول المساعدات، ما يفاقم معاناة المدنيين، بينما لا يحظى الفلسطينيون بالاهتمام الإعلامي نفسه عند استهدافهم بالمقارنة مع ضحايا من جنسيات أخرى. واستمرت خروقات وقف إطلاق النار منذ 10 أكتوبر، حيث شن الجيش الإسرائيلي غارات جوية وقصفًا مدفعيًا على أحياء في شرق غزة، ما تسبب في أضرار واسعة للبنية التحتية والمساكن، وفق شهود عيان وتقارير حماس التي سجلت 813 خرقًا منذ بدء الاتفاق، وسط صمت الوسطاء والرئاسة الأمريكية الراعية للاتفاق.

انعكاسات سياسية وقمة مرتقبة بين ترامب ونتنياهو

أوضح الدكتور علي الأعور، أستاذ تسوية النزاعات في جامعة بنجوريون، أن استمرار الانتهاكات يسلط الضوء على السيطرة الإسرائيلية المطلقة في قطاع غزة وغياب أي مساءلة دولية. وبحسب الأعور، يبقى ترامب ممسكًا بمعادلة الشرق الأوسط، حيث تتعلق الاجتماعات المرتقبة، خصوصًا قمة نتنياهو-ترامب في 9 ديسمبر في مارالاغو، بتحديد ملامح المرحلة المقبلة، بما في ذلك فتح معبر رفح ووجود قوات متعددة الجنسيات أو قوات استقرار دولية منتصف يناير. كما أن حضور الرئيس عبد الفتاح السيسي محتمل في هذه القمة يثير احتمالات توقيع اتفاقيات غاز وضمانات أمنية واستراتيجية طويلة المدى، لكن سياسات نتنياهو تجاه غزة والضفة الغربية، بما في ذلك تهجير 44 تجمعًا فلسطينيًا قصريًا وفق مركز بيت سالم الإسرائيلي، لا تزال مستمرة، رغم توقف حرب الإبادة المفتوحة.

تداعيات الوضع الإنساني والضغط الدولي

غي نهاية حديثه اكد الأعور إلى أن الوضع الإنساني في غزة في ظل المنخفضات الجوية والانهيار الكامل للبنية التحتية يضاعف معاناة المدنيين، حيث تغرق المستشفيات والخيام بالمياه، ويواجه الأطفال حديثو الولادة خطر التجمد. كما أن استمرار القصف والاغتيالات، بما في ذلك رائد سعد، يعكس استمرار السياسة الإسرائيلية بلا رادع دولي. ورغم هذه الجرائم، تظل الولايات المتحدة، وتحديدًا ترامب ومستشاريه المقربون، اللاعبين الأساسيين في ضبط مسار السياسة الإسرائيلية، حيث لا تزال القرارات الكبرى في يد واشنطن، مع إمكانية أن تؤدي القمة المرتقبة إلى انسحاب جزئي للجيش الإسرائيلي وبدء تطبيق بعض الإجراءات العملية، بينما تبقى حركة حماس جزءًا لا يتجزأ من النظام السياسي الفلسطيني، ونزع سلاحها لم يعد أولوية إسرائيلية قوية.