مودرن دبلوماسي: هل باتت ليبيا مرتعًا لعدم الاستقرار الإقليمي

خلاصة

ستظل ليبيا، في المستقبل القريب، مرتعًا لعدم الاستقرار في منطقة شمال إفريقيا. ولن تقتصر تداعيات استمرار الأزمة في ليبيا وحالة الانقسام السياسي على التهديدات الأمنية العابرة للحدود وحسب ولكن أيضًا التأثيرات السلبية على الاقتصاد والتنمية المستدامة في دول الجوار ومن بينهم مصر بطبيعة الحال، وذلك حسب ما يخلص مقال نشرته...

ناقش الكاتب إيفان بوشاروف في مقال نشرته مجلة مودرن دبلوماسي تداعيات الأوضاع المتأزمة في ليبيا على الاستقرار الإقليمي في المنطقة.

يلفت الكاتب في مستهل مقاله إلى أن اهتمام المجتمع الدولي تضاءل بالأزمة الليبية في الآونة الأخيرة، مشيرًا إلى أن الحالة في ليبيا فقدت دورها التكويني في التأثير على العلاقات بين دول المنطقة. ومع ذلك، لا يزال الصراع في ليبيا يمثل قضية رئيسة لدول شمال إفريقيا.

ولا تزال احتمالات التوصل إلى تسوية سياسية في الصراع الليبي غير واضحة ولم تُعالج بعد الأسباب الجذرية للأزمة التي استمرت اثني عشر عاما. وعلى وجه الخصوص، يحافظ البلد على مستوى عال من الانقسام السياسي والاقتصادي داخل المجتمع الليبي. وتزيد الآثار اللاحقة لجائحة كوفيد وأزمة الغذاء العالمية والركود العالمي من تفاقم هذه المشاكل. وهناك عامل إضافي يؤثر سلبًا على الوضع في ليبيا وهو الصراع في السودان، الذي اندلع في أبريل 2023.

مرتع لعدم الاستقرار

ويوضح الكاتب أن ليبيا ستظل، في المستقبل القريب، مرتعًا لعدم الاستقرار في شمال إفريقيا. وأثبت الإرهاب أنه من أكثر مشاكل عدم الاستقرار أهمية. وليبيا ليس لديها حاليا جيش موحد أو قوات أمنية موحدة، مما يغذي أكثر الأجواء جاذبية لأنشطة إرهابية جديدة. وتؤدي المواجهات العرضية بين طرابلس وطبرق إلى تعقيد كبير في مكافحة الإرهاب.

ووفقًا للكاتب، لا تزال الجماعات الإرهابية والمتطرفة تعصف بليبيا. ويشكل الإرهابيون من داعش والقاعدة وأنصار الشريعة ومنظمات أخرى مقرها ليبيا تهديدًا للمنطقة بأكملها. واستغل الإرهابيون الموجودون في ليبيا عدم الاستقرار الداخلي في مالي وبوركينا فاسو، وشنوا هجمات مختلفة مزعزعة للاستقرار في هذين البلدين. كما واجهت تونس مشكلة تسلل المسلحين الأجانب إلى البلاد، وجلبوا معهم أسلحة إلى أراضيها.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، نفذ الإرهابيون المقيمون في ليبيا هجمات إرهابية مرارًا في مصر. وبحسب المتحدث باسم الرئاسة السفير بسام راضي، دمرت قوات الأمن المصرية مؤخرًا آلاف السيارات مع إرهابيين يحاولون عبور الحدود المصرية الليبية.

وتطرق الكاتب إلى المشاكل الأخرى التي تتعلق بالمقاتلين الليبيين في البلدان المجاورة، خاصة الصراع في مالي والاشتباكات في تشاد والتي شاركت فيها ميليشيات ليبية، لافتًا إلى مشاركة مرتزقة سودانيين للقتال إلى جانب الجنرال خليفة حفتر وهو ما يعني أيضًا غمكانية عودتهم للمشاركة في الصراع الحالي في السودان.

كما أثر تهريب الأسلحة وتهريب المخدرات عبر الحدود والاتجار بالبشر سلبًا على البلدان المجاورة لليبيا. فبعد اندلاع الحرب الأهلية في ليبيا عام 2011، انتشرت الأسلحة من ليبيا إلى مصر وتونس والسودان ودول أفريقية أخرى. في عام 2023، وردت تقارير عن قوات مرتبطة بخليفة حفتر كانت تبيع الوقود، وكذلك الأسلحة والذخيرة والأدوية لوحدات شبه عسكرية من قوات الدعم السريع في السودان.

تداعيات اقتصادية 

ويرى الكاتب أن تداعيات الحالة في ليبيا على المنطقة لا يقتصر على المسائل الأمنية؛ ذلك أن الصراع الليبي يقوض ديناميات اقتصادات شمال أفريقيا. في عام 2021، أصدرت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة تقريرًا أشارت فيه إلى أن الأزمة الليبية تثير صراعات في دول أخرى في القارة، مما يؤثر على التنمية الشاملة لاقتصاداتها. ولاحظت أيضا أن الصراع يعرقل أهداف التنمية المستدامة، بالإضافة إلى أنه يؤثر سلبا على التكامل الاقتصادي الإقليمي. 

من الناحية الاقتصادية، كان للصراع الليبي أكبر تأثير على تونس ومصر والسودان. وهذا صحيح بشكل خاص، بالنظر إلى أن ليبيا كانت لها علاقات تجارية واقتصادية واستثمارية قوية مع تلك الدول قبل الحرب. كما تأثر الاقتصاد الجزائري سلبًا بالأزمة.

وهكذا، فإن الأزمة الليبية عامل هام يسهم في عدم الاستقرار الإقليمي. وتأثيره على دول الجوار متجذر في المقام الأول في معالجة الإرهاب، وكذلك في انخراط المقاتلين الليبيين في صراعات أخرى في شمال أفريقيا. وبالإضافة إلى ذلك، يستمر الاتجار غير المشروع بالأسلحة ؛ وانتشارها في البلدان المجاورة لليبيا عامل يؤثر على أمن القارة بأسرها. وعلاوة على ذلك، لا يزال الصراع الليبي يؤثر سلبًا على تنمية اقتصادات البلدان المجاورة لليبيا، وفق ما يختم الكاتب.

الموضوع التالي تايمز أوف إسرائيل: مصر تطلق سراح إسرائيلي اعتقل في سيناء بعد مشاجرة مع السكان المحليين
الموضوع السابقذا ناشيونال: السيسي لم يعلن بعد الترشح لولاية ثالثة، لكن الحملة الانتخابية تسير على قدم وساق