نيوزويك: كتلة بريكس المتنامية تظهر أن الولايات المتحدة تخسر المعركة من أجل الجنوب العالمي

خلاصة

يُظهر التأثير المتزايد لمجموعة البريكس على المسرح العالمي تراجع قدرة الولايات المتحدة على إبراز القوة والقيادة في «الجنوب العالمي» النامي. وترى دول الجنوب العالمي فرصًا جديدة لزيادة التعاون الاقتصادي والسياسي مع أعضاء البريكس خارج النظام العالمي التقليدي الذي يقوده الغرب، وذلك وفق ما يخلص تقرير لمجلة نيوزويك.

نشرت مجلة نيوزويك الأمريكية تقريرًا للكاتب توم أوكونور سلط فيه الضوء على اجتماع مجموعة بريكس في جنوب إفريقيا وتأثيرها المتنامي وانعكاس ذلك على دول المنطقة والدول التي تسعى للانضمام لتلك للمجموعة.  

ويقول الكاتب إن الاهتمام المتزايد بتوسيع المجموعة لتشمل دولًا إضافية من جميع أنحاء العالم سوف يعزز على الأرجح مستقبل الكتلة باعتبارها قوة في الجغرافيا السياسية العالمية.

ومع عدم وجود الولايات المتحدة في تلك الكتلة، توضح القمة التي تستمر ثلاثة أيام والتي بدأت يوم الثلاثاء في جوهانسبرج كيف تعاني واشنطون لإبراز نفوذها في الجنوب العالمي الواسع والنامي.

تراجع أمريكي

وتنقل المجلة عن أخيل راميش، الزميل البارز في منتدى باسيفيك فوريم ومقره هاواي، قوله: «الولايات المتحدة تتخلف عن دول مثل روسيا والهند والصين في جنوب الكرة الأرضية»، مضيفًا أن «الجنوب العالمي ليس لديه هذا التضامن الخاص مع واشنطون مثل تلك التي لديه مع دول مثل الصين والهند. وبوصفهم ضحايا للإمبريالية/الاستعمار الغربي، وبعد أن واجهوا تحديات مماثلة في إعادة الإعمار والتنمية، فإنهم يتمتعون بتضامن فريد».

وأضاف راميش: «لا يزال النهج الأمريكي هو النهج الذي يستخدمون فيه دول الجنوب العالمي باعتبارهم بيادق في مستقبلهم، وكذلك يستخدمونهم في تأجيج الصراع أو تبريده مع الصين أو روسيا. ومن المفهوم أن هذا لم يساعدهم في كسب الأصدقاء».

لا يزال هذا التضامن يمتد إلى بوتين، الذي سرع من تواصل بلاده مع الدول النامية، وخاصة في إفريقيا، في السنوات الأخيرة.

ويلفت الكاتب إلى أن مبادرات موسكو قوبلت باهتمام مستمر، كما يتضح من القمة الروسية الأفريقية الأخيرة في سانت بطرسبرغ. وحضر القمة 16 رئيس دولة أفريقية وممثلون عن 25 دولة أفريقية إضافية. 

وقوبلت التحذيرات الأمريكية بشأن إقامة علاقات اقتصادية أوثق مع الصين بمقاومة أكثر صرامة، حيث يواصل الرئيس شي جين بينغ مبادرته الطموحة للحزام والطريق الممتدة عبر القارات على الرغم من تباطؤ الاقتصاد في الداخل.

فرص جديدة

وجادل راميش بأن دول الجنوب العالمي ببساطة «لا تنظر إلى بكين وموسكو بالطريقة نفسها التي ينظر بها الغرب»، وبدلاً من ذلك ترى فرصًا جديدة حيث فشلت الآليات التقليدية.

وأضاف: «لذلك، عندما كانت هناك مجموعة تقدم بديلًا للنظام/الرؤية العالمية التي يقودها الغرب للعالم، سارعت الدول إلى اللحاق بها».

ومع ذلك، لا تزال هناك عقبات أمام التقدم داخل كتلة لا يتمتع أعضاؤها الأساسيون بالفعل إلا القليل من التوافق في أهدافهم الجيوسياسية الأوسع، في حين أن البعض، وخاصة الصين والهند، لديهم نزاعات نشطة بينهما. ومثل هذه الخلافات يمكن أن تزداد مع نظر الكتلة في ضم أعضاء جدد مثل إيران والمملكة العربية السعودية.

ومن بين المتقدمين الآخرين الأرجنتين والبحرين وبنجغلاديش وبيلاروسيا وبوليفيا وكوبا ومصر وإثيوبيا وهندوراس وإندونيسيا وكازاخستان والكويت والمغرب ونيجيريا والسلطة الوطنية الفلسطينية والسنغال وتايلاند والإمارات العربية المتحدة وفنزويلا وفيتنام، وفقًا لآخر إحصاء قدمه وزير خارجية جنوب إفريقيا ناليدي باندور الأسبوع الماضي.

وقالت آنا إليسا ساجيورو جارسيا، الأستاذة في معهد العلاقات الدولية بالجامعة البابوية الكاثوليكية في ريو دي جانيرو والمنسق العام لمركز سياسات البريكس: «أولئك الموجودون هناك من أجل المفاوضات اليومية، على الأقل من جانب الحكومة البرازيلية، يقولون إنه من الصعب جدًا بالفعل التوصل إلى إجماع عندما يكون لديك الصين والهند وروسيا على الطاولة،».

لكنها قالت «هناك جانب آخر من القصة؛ وهذا هو الرأي السائد، بما في ذلك من الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، بأن مجموعة البريكس القوية ضرورية، وبريكس قوية تعني أيضًا مجموعة بريكس كبيرة».

تحول تدريجي 

في البداية، ركزت مجموعة بريكس على تنفيذ الإصلاح داخل المؤسسات الاقتصادية القائمة، التي يقودها الغرب بالأساس، مثل صندوق النقد الدولي، في أعقاب الأزمة المالية العالمية لعام 2008.

وقالت جارسيا: «أول أجندة مشتركة لديهم، على الرغم من خلافاتهم، كانت إصلاح الهيكل المالي الدولي. لذلك، فإن المؤسسات المالية الدولية، التي تأسست في مؤتمر بريتون وودز، في فترة ما بعد الحرب، لم تعد تمثل العالم بعد الآن. هذه الاقتصادات الضخمة ليس لديها صوت كافٍ في تلك المؤسسات، بل تحتاج إلى الإصلاح. وهي بحاجة إلى أن تعكس التشكيل الجديد للقوة الاقتصادية العالمية».

تدريجيًا، أصبحت المجموعة أكثر تركيزًا على إنشاء آليات بديلة، وعلى الأخص في إنشاء بنك التنمية الجديدة ومقره شنغهاي في عام 2014، والذي يضم اليوم أيضًا بنجلاديش ومصر والإمارات العربية المتحدة كأعضاء. وأوضح جارسيا أنه مع هذا التحول، «بدأ الطابع الجيوسياسي لمجموعة البريكس في أن يكون أكثر أهمية وأكثر صلة من الطابع الاقتصادي فقط».

وقالت إن الصين، على وجه الخصوص، «كانت ذكية للغاية واستراتيجية للغاية لاستغلال هذه الفرصة للتقدم وتوسيع تحالف آخر تهيمن عليه الصين، وحيث لا يتعين عليها التعامل مع المفاوضات مع القوى الغربية».

ولكن كما يتضح من حماس البرازيل لدور أكثر نشاطًا لمجموعة البريكس والقائمة المتزايدة من الأعضاء المحتملين، فإن الأمر لا يتعلق ببكين فقط.

قطب جديد

وتوضح جارسيا: «لقد أصبحت مجموعة البريكس قطب الجذب هذا لجميع البلدان التي رأت الآن أنه يمكنها الحصول على المزيد من القوة إذا تحالفت مع تحالف مثل البريكس لمواجهة الإجراءات التي يفعلها الغرب منذ سنوات، وأيضًا لمواجهة هذه الأنواع من القيود والقمع من حيث النظرة إلى العالم والقيم».

وفي حديثه لمجلة نيوزويك، سلط ميفمبا ديزوليلي الضوء على أهمية الدولة المضيفة نفسها، قائلاً إن عضوية البريكس «عززت مكانة جنوب إفريقيا بين دول عدم الانحياز» في وقت يتأجج فيه الاستقطاب في الجغرافيا السياسية العالمية.

وقال ديزوليلي: «كانت دول عدم الانحياز على خلاف مطلق على الأقل مع الدول الغربية، لا سيما من الناحية الأيديولوجية لأنها لا تريد الانحياز لا مع الروس ولا مع الولايات المتحدة والحلفاء».

وقال إن الهدف الرئيس للمشاركين في القمة «سيكون مناقشة خيبة أملهم من القيادة الأمريكية أو على الأقل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم وكيف يؤثر هذا النظام العالمي سلبًا على دول جنوب الكرة الأرضية»، مشيرًا إلى أن «هذا سيكون الوقت الذي يبحثون فيه عن بديل لتلك القوة».

الموضوع التالي المونيتور: عملاق النفط الأمريكي يستثمر 1.4 مليار دولار في مشاريع الوقود الأحفوري المصرية
الموضوع السابقالخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة ترحب بالإفراج عن الناشط دومة في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية المصري