ديسرابشن ماجزين: لماذا تمول الصين سد النهضة الإثيوبي الكبير؟

خلاصة

من الواضح أن الصين حريصة على محاولة إرضاء كل من القاهرة وأديس أبابا - وقد دعت كلاهما بالفعل ليصبحا أعضاء في تحالف بريكس الشهر الماضي. لكن المصلحة الذاتية للصين بوصفها دولة منبع لأحد الأنهار العابرة للحدود يُفسر إلى حد كبير ما وراء وقوف الصين القوي إلى جانب إثيوبيا في نزاع...

تناولت مجلة ديسرابشن ماجزين، المختصة بالتكنولوجيا المالية والشؤون الاقتصادية، ما وراء تمويل الصين لسد النهضة الإثيوبي رغم محاولاتها إرضاء كل من مصر وإثيوبيا. 

وتلفت المجلة في التقرير الذي كتبه هاري كلينش إلى أن الجيش والبحرية والقوات الجوية المصرية بدأوا في مايو من العام الماضي، تدريبات عسكرية مشتركة مع حليفهم وجارهم السودان. وأطلقت الدولتان على التدريبات التي استمرت ستة أيام اسم «حراس النيل» وجاءت وسط تصاعد التوترات مع إثيوبيا بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير في الدولة الواقعة في شرق إفريقيا. 

وأشار الكاتب إلى أنسد النهضة هو مشروع البنية التحتية الرائد في إثيوبيا والذي سيوفر لها مستويات كبيرة من السيطرة على الموارد المائية للنيل وربما يغير على نحو دائم ميزان القوى في شرق وشمال إفريقيا.

تهديد وجودي

وأوضح الكاتب أن مصر تنظر إلى السد على أنه تهديد وجودي لأنه يقع على الرافد الرئيس لنهر النيل وبالتالي يمكن أن يقلل كثيرًا من تدفق المياه إلى البلاد. وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري لمجلس الأمن الدولي في يوليو 2021 إن «مصر، الدولة التي يزيد عدد سكانها عن 100 مليون نسمة، تواجه تهديدًا وجوديًا يشكله بناء سد عملاق على الشريان يمنحها الحياة». 

وكانت الحرب بين الدولتين، ولا تزال، احتمالية حقيقية للغاية على الرغم من محاولات الخليج للتوسط بين الدول الأفريقية.

دور الصين

ومع ذلك، وحسب ما يتابع الكاتب، فإن أحد العناصر التي غالبًا ما يجري تجاهلها في الجدل حول سد النهضة هو الدور الذي تلعبه البنوك الصينية والشركات المملوكة للدولة في بناء السد. وليس من المبالغة القول إن السد لم يكن من الممكن بناؤه بدون الدعم المالي لشركاء أديس أبابا في بكين. وقدمت الصين أموالًا مهمة لولاها لكانت إثيوبيا، التي تعاني من مشاكل اقتصادية كبيرة في الداخل، قد انهار المشروع.

في عام 2013، عرضت الصين على إثيوبيا قرضًا بقيمة 1.2 مليار دولار من أجل بناء خطوط نقل بين السد والمدن المحلية. وبعد أن زار رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، بكين في عام 2019، عرضت الصين 1.8 مليار دولار أخرى لتعزيز البنية التحتية للطاقة المتجددة المرتبطة بسد النهضة. وقد شاركت الشركات الصينية المتعددة الجنسيات والشركات المملوكة للدولة ــ بما في ذلك شركة سينوهيدرو، ومجموعة جيزوبا، وفويث هايدرو شنغهاي، والمؤسسة الصينية الدولية للمياه والكهرباء ــ في بناء السد.

تعاقدت شركة إليكتريك باور الإثيوبية، شركة المرافق الحكومية، مع جيزوبا بحوالي 40.1 مليون دولار في عام 2019 لمساعدتهم على الانتهاء من بناء السد. وقدمت البنوك الصينية التمويل لشراء المعدات والتكنولوجيات الحيوية. ولا يمكن تجاهل حقيقة المشاركة الكبيرة والفعالة لكل من الشركات الصينية والدولة الصينية في مشروع سد النهضة.

حضور صيني قوي في مصر

ومع ذلك، فإن هذا الالتزام القوي بسد النهضة غريب إلى حد ما، عند النظر في مشاركة الصين الكبيرة في السوق المصرية أيضًا، ذلك أن الشركات الصينية - بما في ذلك المؤسسات المالية – حاضرة يقوة في مصر. ومنذ عام 2009، اختار بنك التنمية الصيني مصر باعتبارها وجهة لأول مكتب تمثيلي خارجي له. وفي عام 2013، افتتح بنك الصين مكتب الأعمال الصيني في القاهرة من أجل «تعزيز زيادة تطوير الاستثمار الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر»، وفقًا للمجلة.

في عام 2019، سافر الرئيس السيسي إلى بكين ووافق على صفقة قرض بقيمة 3 مليارات دولار مع البنك الصناعي والتجاري الصيني لإنشاء منطقة أعمال جديدة في القاهرة. وقد ساعدت العلاقات القوية في مجالي التمويل والأعمال المصرفية على دعم التجارة والتنمية على نطاق أوسع، ونمت الصادرات الصينية إلى مصر بمعدل متوسط يزيد عن 15% سنويًا على مدار الثلاثين عامًا الماضية.

ما وراء دعم الصين لسد النهضة

يوضح الكاتب أن الصين وكما يظهر جليًا في معظم الحالات حريصة على محاولة إرضاء كل من القاهرة وأديس أبابا - وقد دعت كلاهما بالفعل ليصبحا عضوين في كتلة البريكس الشهر الماضي. لكن، وحسب ما يتساءل الكاتب: لماذا تقف الصين بقوة إلى جانب إثيوبيا في نزاع سد النهضة ؟

ويجيب الكاتب بقوله إن الصين لديها أسباب تتعلق بمصلحتها الذاتية لتعزيز حقوق إثيوبيا، بوصفها دولة منبع، في إدارة الموارد المائية كيفما تراه مناسبًا. وبعد كل شيء، فالصين نفسها هي أيضًا دولة منبع لنهر مابجا زانجبو وقد حرضت على عديد من المشاريع داخل حدودها الخاصة التي تحول المياه بالمثل بعيدًا عن البلدان المجاورة. وعلى سبيل المثال، تعمل الصين منذ عام 2021 على إنشاء سد جديد على نهر مابجا زانجبو، على مسافة قريبة من كل من الهند ونيبال، يمكن استخدامه لتقليل تدفقات المياه إلى البلدين.

وكلما نشأت أصوات في الأمم المتحدة أو في محافل دولية أخرى بشأن موضوع إدارة المياه، صوتت الصين باستمرار ضد تنفيذ أطر لتنظيم تقاسم الموارد الطبيعية. كما دافعت الصين عن إثيوبيا في مجلس الأمن الدولي وصوتت ضد أي اقتراحات تدين سد النهضة. وتدعم بكين سد النهضة لأن القوة الشرق آسيوية حريصة على تأكيد حقوق دول المنبع في تحد للأعراف أو الاتفاقيات الدولية.

على الرغم من وجود علاقات مالية وسياسية قوية مع مصر، ترى الصين أن دعمها لسد النهضة جزء لا غنى عنه لسياستها الخارجية ومبادرة الحزام والطريق. وتسعى الصين إلى إنشاء نظام دولي مواز وتقليص قوة التحالفات متعددة الجنسيات التي يقودها الغرب. وفي مجال إدارة المياه، يعني ذلك تأكيد حقوق بلدان المنبع ورفض أي مفهوم للسيادة المشتركة للموارد المشتركة. ويمثل نهج إثيوبيا تجاه سد النهضة رمزًا لكيفية عمل العالم المستقبلي الذي تهيمن عليه الصين، وفق ما يختم الكاتب.

الموضوع التالي جي أي أس ريبورتس: صادرات مصر من الغاز تحت التهديد
الموضوع السابقصالة التحرير يناقش العمل الأهلي في مصر وعمرة البدل