نيويورك تايمز: الأمن قبل الحقوق.. واشنطن توافق على 235 مليون دولار من المساعدات لمصر

خلاصة

ألغى وزير الخارجية أنتوني بلينكين قيود الكونجرس على المساعدات العسكرية الأمريكية المرتبطة بسجل مصر القاتم في مجال حقوق الإنسان، وفق ما يخلص تقرير لصحيفة نيويورك تايمز

اهتمت الصحافة الأجنبية بحجب الولايات المتحدة لجزء من المساعدات العسكرية لمصر وتوجيهه لدول أخرى وإرسال الجزء الأكبر من المساعدات المشروطة بتحسن السجل الحقوقي بسبب ما وصفته واشنطن بالمصلحة القومية. 

قالت صحيفة نيويورك تايمز إن الإدارة ألامريكية أعطت الأولوية لمصالح الأمن القومي على حقوق الإنسان من خلال موافقة إدارة بايدن على منح مصر 235 مليون دولار من المساعدات العسكرية التي حجبتها على مدار العامين الماضيين بسبب السياسات القمعية للبلاد.

ويعني القرار أن الولايات المتحدة ستحجب جزءًا صغيرًا فقط - 85 مليون دولار - من 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية المخصصة سنويًا لمصرية. كما أنه يعكس قرارًا اتخذه وزير الخارجية أنتوني بلينكين ومسؤولون آخرون في الإدارة بأن علاقة أمريكا مع الدولة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في المنطقة مهمة للغاية للمخاطرة بالتصدع على الرغم من مناشدات نشطاء حقوق الإنسان.

خطوة غير كافية

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مي السعدني، المديرة التنفيذية لمعهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط ومقره واشنطن، إ قولها قرار إدارة بايدن بحجب 85 مليون دولار من المساعدات عن مصر مرحب به لكنه لا يكفي. وقالت «ما نراه في مصر بعيد كل البعد عن التقدم الهادف في مجال حقوق الإنسان»، موضحة أن «عدم حجب المبلغ الكامل المسموح به بموجب القانون سيوفر غطاءً للسلطات المصرية ستستخدمه كسلاح لتبرير وتكثيف هذا القمع المستمر قبل أشهر فقط من الانتخابات الرئاسية المقررة».

واكدت الصحيفة أن القرار سيحبط عديدًا من المشرعين في واشنطن الذين كانوا يضغطون من أجل موقف أكثر تشددًا بشأن قضايا حقوق الإنسان في مضر.

فرصة ضائعة 

وأشارت الصحيفة إلى أنه ومع تراجع شعبية حكومة السيسي وسط أزمة اقتصادية حادة، قامت الحكومة المصرية ببعض الإيماءات الشكلية نحو شمولية سياسية أكبر. وشكلت مصر لجنة عفو رئاسية العام الماضي للإشراف على إطلاق سراح مئات السجناء السياسيين وبدأت «حوارًا وطنيًا» مع المعارضين السياسيين وبعض النشطاء لمناقشة اتجاه جديد للبلاد. كما أطلقت سراح بعض المعارضين البارزين في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك أحمد دومة، الوجه البارز لثورة الربيع العربي في مصر عام 2011، ومحمد الباقر، المحامي الحقوقي.

لكن السلطات تواصل اعتقال الأشخاص بسبب معارضتهم المتصورة لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بما في ذلك، في الأسابيع الأخيرة، بعض الذين أطلق سراحهم منذ سنوات وآخرون بدا أن جريمتهم الوحيدة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمعارضين معروفين.. وتقول جماعات حقوقية إن مصر تعتقل ثلاثة أشخاص مقابل كل سجين يطلق سراحه.

أعلنت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي جماعة حقوقية رائدة، الخميس، انسحابها من الحوار مؤقتًا على الأقل بعد اعتقال محمد زهران، مؤسس نقابة المعلمين في مصر الذي شارك في الحوار، في أواخر أغسطس.

وقالت الجماعة في بيان إن أزمة حقوق الإنسان في مصر «وصلت إلى مستويات غير مسبوقة».

بعد إعلان وزارة الخارجية، وصف السناتور كريستوفر مورفي، الديموقراطي عن ولاية كونيتيكت، القرار بأنه «فرصة ضائعة لإظهار للعالم أن التزامنا بتعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية هو أكثر من مجرد نقطة نقاش».

 

خيبة أمل للحقوقيين

وقال موقع المونيتور في تقرير أعدته إليزابيث هاجيدورن إن إدارة بايدن ستحجب 85 مليون دولار من المساعدة العسكرية السنوية لمصر بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، وهو مبلغ أقل مما حجبته واشنطن من حزمة مساعدات القاهرة في كل من العامين السابقين. 

وأشار الموقع الأمريكي إلى أن هذه الخطوة ستتسبب في خيبة أمل على الأرجح للمدافعين عن حقوق الإنسان وعديد من المشرعين الديمقراطيين الذين ضغضوا على الإدارة إلى حجب المبلغ الكامل للمساعدات - 320 مليون دولار – المشروطة بتحسين حقوق الإنسان. .

أبلغت وزارة الخارجية، الإثنين، المشرعين بأنها ستحجب 85 مليون دولار، كان الإفراج عنها سيتطلب من وزير الخارجية أنتوني بلينكين التصديق على أن مصر أحرزت تقدمًا «واضحًا ومتسقًا» في إطلاق سراح السجناء السياسيين، والإجراءات القانونية الواجبة ومنع التخويف والمضايقة للأمريكيين. ولم يتخذ بلينكين هذا القرار.

وسيجري إعادة برمجة تلك الأموال المحتجزة، وفقًا لإخطار الكونجرس الذي اطلعت عليه المونيتور، مع تخصيص 30 مليون دولار للقوات المسلحة اللبنانية و 55 مليون دولار لتايوان.

ويقول منتقدون إن قرار الإدارة بتجاوز الشروط التي فرضها الكونجرس على المساعدات المصرية هذا العام يتعارض مع وعد حملة الرئيس جو بايدن بعدم منح السيسي «شيكات على بياض»، وفق للموقع.

ووصف تود روفنر، مدير المناصرة في مبادرة الحرية، وهي منظمة مقرها واشنطن تدافع عن السجناء السياسيين، هذه الخطوة بأنها «ضربة لمصداقية الولايات المتحدة».

وقال روفنر في بيان إن القرار «يكشف مدى ضآلة عامل حقوق الإنسان في أولويات الولايات المتحدة»، وضيفًا أن هذه الخطوة «تُمثل مكافأة لمصر السيسي على القمع المتزايد».

 

التعاون المصري

بدورها قالت شبكة سي إن إن الأمريكية إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن قرر أن من مصلحة الأمن القومي الأمريكي التنازل عن بعض الشروط المتعلقة بحقوق الإنسان والسماح بالإفراج عن مبلغ 235 مليون دولار لمصر.

وقال المسؤول «ما أصفه اليوم يعكس تقييمنا الحالي بأن تعاون مصر يستحق إعفاء الأمن القومي للسنة المالية 2022». وأضاف أن «موقفنا من وضع حقوق الإنسان الخطير للغاية في مصر لم يتغير على الإطلاق وسنواصل إثارة هذه القضايا في مصر باستمرار وعلى أعلى المستويات».

 

خدمة المصالح الأمريكية

من جانبها لفتت وكالة أسوشيتد برس في تغطيتها للخبر إلى إشارة المسؤولين الأمريكيين لدور مصر في الاستقرار الإقليمي والدعم الدولي لمعركة أوكرانيا ضد غزو القوات الروسية باعتبارهما من بين مصالح الأمن القومي الأمريكية التي يخدمها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على الرغم من تراجع السيسي عن بعض معايير حقوق الإنسان.

 

 

وقالت مجموعة من منظمات المجتمع المدني والمجموعات الحقوقية، بينهم فريدوم هاوس الامريكية، في بيان مشترك إن  قرار إدارة بايدن بتزويد حكومة مصر بمبلغ 235 مليون دولار في السنة المالية 2022 للتمويل العسكري الأجنبي يرسل رسالة خاطئة في الوقت الخطأ. فمن خلال حجب أقل مما كانت عليه في كل من العامين الماضيين، تخبر الإدارة حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي فعليًا أنها شهدت تحسنًا في حالة حقوق الإنسان خلال العام الماضي، بينما تدهورت الأمور بشكل كبير في الواقع. وهذا يقوض أي جهود من الإدارة لمعالجة مخاوف حقوق الإنسان في مصر ولن يؤدي إلا إلى زيادة جرأة السيسي، مما يهدد بمزيد من زعزعة استقرار البلاد.

الموضوع التالي بلومبرج: مصر تدرس إجراء الانتخابات الرئاسية في وقت قريب هذا العام
الموضوع السابقالمصري أفندي يناقش تأسيس الشركات إلكترونيًا والإنفاق الصحي والتنسيق الجامعي والعاصفة دانيال