معهد التحرير: عقد من إصلاح المناهج الدراسية .. لا تزال المدارس المصرية تدرس المذهبية والتمييز
لطالما تعرض نظام التعليم في مصر لانتقادات بسبب تزايد إقحام الخطاب الديني في مناهجه. ولا تزال المناهج المدرسية تعزز التعصب والتمييز بدلًا من حقوق الإنسان والتنوع على الرغم من مرور عقد من الوعد بإصلاحها، وفق ما يخلص مقال نشره معهد التحرير.
نشر معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط مقالًا لـ إسحاق إبراهيم، الباحث المتخصص في شؤون الأديان والأقليات، يُلقي فيه نظرة على مدى تنفيذ الحكومة المصرية للإصلاحات الخاصة بالمناهج المدرسية بعد ما يقرب من عقد من الوعود بإصلاحها.
يلفت الكاتب في بداية مقاله إلى أن نشر الخطاب الإسلامي المحافظ في المدارس يُعد من الانتقادات البارزة التي وُجهت لنظام التعليم في مصر. والواقع أن المناهج الموجهة نحو الإسلام لا تزال تشكل جزءا لا يتجزأ من السياسات التعليمية، إذ تنطلق تلك التوجهات من الاعتقاد بأن الإسلام هو أساس التعليم العام.
يمكن العثور على هذه التعاليم في المناهج الدينية، ودروس اللغة العربية، والدراسات الاجتماعية، التي تعزز القيم الإسلامية المحافظة على حساب التعددية الدينية وغيرها من الأديان.
ولفت الكاتب إلى أن وزارة التعليم المصرية ذكرت في عام 2013 أنها ستدخل إصلاحات في هذا الشأن، ولكن مع مرور 10 سنوات، لا تزال تلك المناهج كما هي دون تغيير.
ووفقًا للكاتب، ومع تزايد الهجمات الإرهابية بعد عام 2013، أصبح نظام التعليم في مصر موضع انتقاد من جانب البعض لتشجيعه التطرف الفكري وتعزيزه. ويبدو أن الحكومة قد اعترفت ضمنيًا بهذه القضية منذ عام 2014 من خلال مناقشة متكررة لإدخال إصلاحات في مجالات التعليم والبحث العلمي وإلغاء البرامج والدورات التي يُنظر إليها على أنها تحرض على العنف الديني، في محاولة لمكافحة التطرف الديني.
ومما وقف عليه الكاتب في مقاله أن نظام التعليم المصري يُدرس التعاليم والأفكار التي تتعارض مع معتقدات غير المسلمين أو تحذف تاريخهم. ويركز نظام التعليم على القيم الإسلامية المحافظة ويربط الفضائل بالإسلام فقط دون غيره من الأديان.
ويقول الكاتب إن نظام التعليم المصري يخلو من أي درس أو نص أو ذكر لمذاهب أو أديان أخرى، مع إغفال كامل للشخصيات التاريخية المسيحية أو اليهودية المصرية، أو الأعياد الدينية الكبرى غير الإسلامية.
وأشار إلى أن بعض الدروس تحرض على اليهود أو تجبر الطلاب غير المسلمين على الخروج من الفصل لفصول دينهم.
ونوَّه الكاتب إلى أن وزارة التعليم أدخلت عدة تحسينات على المناهج الدراسية، إذ ألغت الدورات أو المناهج الدراسية التي تحرض صراحة على العنف على أساس الاختلاف الديني. غير أن المناهج الدراسية الحالية لا تزال تمييزية، وترفع مستوى الإسلام السني على حساب الأديان والمعتقدات الأخرى، بدلًا من تعزيز التعددية وحقوق الإنسان والتأكيد عليها باعتبارها أساس للمواطنة.
لذلك من الضروري تقييد أسلمة المناهج الدراسية والحد من الخطاب الديني في الدروس. وهذا من شأنه أن يعمق فهم التعددية الدينية بطريقة تسهم في تعزيز المساواة وعدم التمييز على أساس الدين.
وعلاوة على ذلك، لا يمكن أن تقتصر مكافحة التطرف في التعليم على حذف درس هنا ودورة دراسية هناك. ويجب توسيع نطاق هذا النهج ليشمل الإدارة والمعلمين ونظام التعليم بأكمله. وينبغي غرس التعددية وقبول الأديان الأخرى في عملية التعلم وأن يصبحا جزءا لا يتجزأ من مشاركة المجتمع المدني في عملية الإصلاح من أجل إيجاد حلول فعالة على أرض الواقع.