مصر: جنون بأسعار الغذاء في موسم الانتخابات الرئاسية

خلاصة

تضرب موجات الغلاء بقسوة الأسر المصرية التي فوجئت بقفزات متتالية خلال أسبوعين بأسعار السلع الغذائية الأساسية، وعلى رأسها الألبان، والأجبان، والخبز الحر، بمتوسط 20%.

تضرب موجات الغلاء بقسوة الأسر المصرية التي فوجئت بقفزات متتالية خلال أسبوعين بأسعار السلع الغذائية الأساسية، وعلى رأسها الألبان، والأجبان، والخبز الحر، بمتوسط 20%.

وانتقلت فورة الأسعار إلى سوق الخضراوات، إذ قفزت الطماطم بجنونها المعروف شعبياً من متوسط 7 جنيهات للكيلوغرام إلى 25 جنيهاً دفعة واحدة، وسار معها الثوم والبصل في موجة جنون الأسعار، ليصل كل منهما إلى 30 جنيهاً للكيلوغرام، لتصبح المنتجات الغذائية الأساسية بمطابخ الأسر، من الأمور التي يصعب شراؤها يومياً، إن لم تكن مستحيلة على الأغلبية التي تعيش وفقاً للمعدلات الدولية، عند خطوط حد الفقر، بنسبة 60%.

يعزي التجار جنون أسعار الطماطم إلى قلة المعروض في موسم ما بين العروات الزراعية الصيفية والشتوية، وتفضيل البعض تصدير البصل والثوم والفواكه للأسواق الدولية، سعياً وراء الدولار نادر التوفر في الأسواق المحلية.
وارتفعت أسعار الزيوت والسكر والدقيق والفول والعدس بنسب تتراوح ما بين 5% إلى 10%، بينما ارتفعت اللحوم المصنعة والدجاج بنحو 20%.

وسجلت أسعار المواد الغذائية والمشروبات قفزات بنسبة 71.4% على أساس سنوي في أغسطس/ آب الماضي، حسب بينات رسمية.
ودفعت موجات الغلاء النظام إلى إصدار وعد رئاسي جديد، بزيادة العلاوات الاجتماعية والمعاشات، للعاملين بالدولة والقطاع العام، وأصحاب المعاشات، في محاولة لإطفاء نار الغضب الشعبي، قبيل أيام من فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية.

تلقي الوعود الرئاسية التي ستكلف ميزانية الدولة، 60 مليار جنيه، أي نحو 1.93 مليار دولار وفق تقديرات وزير المالية محمد معيط، بظلالها على الأسواق التي تستجيب تلقائياً لتحركات الأسعار وفق قواعد العرض والطلب، التي لم تعد تتحكم فيها كمية السلع وحجم الطلب عليها من المستهلكين، وفقاً للقواعد الدولية المنظمة لحركة الأسواق، ولكن يراها محللون خاضعة لسعر التكلفة والندرة، التي أصبحت تحرك اقتصاد دولة، يتحكم في مفاصلها سعر الدولار، وحركة الواردات من الخارج، وتكلفة الفرصة البديلة، التي يمكن أن يجنيها حملة الدولار، وأصحاب رؤوس الأموال.

كشفت التصريحات الرئاسية عن وعود بزيادة علاوة غلاء معيشة استثنائية من 300 جنيه إلى 600 جنيه (الدولار = نحو 31 جنيهاً)، للعاملين بالدولة والهيئات الحكومية والقطاع العام، وزيادة الحد الأدنى بالدرجة السادسة، وهي أقل الوظائف الرسمية من 3500 جنيه إلى 4 آلاف جنيه، مع رفع حد الإعفاء الضريبي من 36 ألفاً إلى 45 ألف جنيه، بنسبة 25%، ومضاعفة منحة 11 مليون شخص من أصحاب المعاشات من 300 إلى 600 جنيه، وبالقيمة ذاتها لأعضاء نقابة الصحافيين، وإعفاء المزارعين المتأخرين عن سداد مستحقات البنك الزراعي، من غرامات تأخير الأقساط المقررة.

يصف سياسيون واقتصاديون الوعود الرئاسية بأنها تستهدف استعادة شعبية تتهاوى أمام موجات غلاء متتالية وأزمة اقتصادية طاحنة، فجرت موجات غضب شعبية واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي وفي أحاديث المصريين اليومية، يخشى النظام أن تدفع إلى عدم الاستقرار الاجتماعي في مرحلة الانتخابات.

تعد الزيادة بالأجور والمعاشات الثانية من نوعها في أقل من 6 أشهر، والثالثة خلال عام، منذ يوليو/ تموز 2022، والذي شهد تراجعاً أكثر من 50% من قيمة الجنيه أمام الدولار. ويشير سياسيون إلى أن الزيادات المتوقعة، لا يمكن إقرارها قبل عودة البرلمان للانعقاد، في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، إذ تحتاج إلى تعديل بالموازنة الحالية، من أجل تدبير 30 مليار جنيه، إضافية لدعم العلاوات الحكومية، بالإضافة على تعديل قوانين المعاشات.
ولفتت مصادر برلمانية إلى أن علاج أزمات الغلاء لا يحتاج أن يتحول البرلمان إلى جهاز إطفاء لنيران الأسعار، التي تشهدها الأسواق، وإنما بمنح النواب فرصة حقيقية لإدارة موارد المالية العامة التي أصبحت تدار بعيداً عن عيون الناس والنواب، لخدمة مشروعات غير منتجة، وسداد قروض تقررها الرئاسة والأجهزة الأمنية والسيادية، بما يخالف الأسس التاريخية التي أنشئت من أجلها النظم البرلمانية في العالم.

ويبدي مراقبون مخاوفهم من توجه الحكومة إلى فرض مزيد من الضرائب، لتمويل الزيادات الرئاسية المرتقبة، وتعويض العجز في إيرادات الدولة.

وشكل وزير التموين، على مصيحلي، لجاناً فنية وأمنية للتفتيش والرقابة على الأسواق، للتأكد من جودة ومواصفات السلع المعروضة والخبز والدقيق، وصلاحيتها للاستهلاك الآدمي، مع تهديده بإغلاق المنشآت المخالفة، بخاصة المتعلقة بالجودة. وأشار الوزير في بيان صحافي إلى زيادة الدعم المدرج بالموازنة الحالية، 2022/2023، للسلع التموينية من 91 مليار جنيه إلى 127 مليار جنيه.

ومن جانبه، أعرب وكيل مجلس النواب، أحمد سعد الدين، في تصريحات صحافية عن خشيته من استغلال "التجار الجشعين" الوعود الرئاسية بالتخفيف عن المواطنين، ورفع الأسعار في وقت يئن فيه المواطنون من ارتفاع غلاء المعيشة.

وفي المقابل، يستبعد عضو شعبة المواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية، حازم المنوفي، مسئولية التجار عن ارتفاع السلع الغذائية خلال الأيام الماضية، محملاً الشركات والمنتجين مسؤولية الزيادة في الأسعار، بغرض تحقيق المكاسب بطريقة مبالغ بها، توافقت مع ارتفاع الأسعار عالمياً، وتكلفة الفرصة البديلة.
ويشير المنوفي في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى رفض المنتجين استبدال السلع التالفة، والمرتجعات من التجار والموزعين، بما يرفع من أخطار عمليات التوزيع، ويزيد قيمة تكاليف السلع، والتي ترحل في نهاية الأمر على المستهلك.

وتحذر رئيسة الاتحاد العام لجمعيات المستهلكين، سعاد الديب، من عدم قدرة الجهات الرسمية على مكافحة الغلاء، مشيرة إلى تجاهل جهاز حماية المستهلك التحقيق في شكاوى المستهلكين التي ترفعها الجمعيات إلى الجهاز، بما يشجع التجار والمصنعين على ارتكاب مخالفات تضر بمصلحة المواطنين، وتحبط رغبتهم في ملاحقة الفاسدين.

وأكدت الديب في حديثها مع "العربي الجديد" أنّ جهاز حماية المستهلك، المكلف رسمياً بمراقبة الأسواق وأداء المنتجين والتجار والتحقق من شكاوى الجمهور، لا يضع المستهلكين في "أجندة" أعماله، ولا يهتم بما يرفعونه إليه من مطالب بحمايتهم من الغش التجاري والصناعي.

ويشير محللون إلى أنّ القرارات الرئاسية المنتظرة، تستهدف امتصاص معدل التضخم المرتفع، الذي يدور حول 40% بأسعار المستهلكين والتضخم الأساسي.

الموضوع التالي مصر.. حملة داعمة لجمال مبارك تطلق منشورا مثيرا للجدل
الموضوع السابقزلزال خلال ساعات.. معهد الفلك يرد على تنبؤات الباحث الهولندي ويكشف موقف مصر