ميدل إيست أي: الأزمة الاقتصادية في مصر.. الخصخصة هي الحل

خلاصة

لكي تخرج مصر من أزمتها الاقتصادية الطاحنة، يتعين على الحكومة أن تتخذ قرارات شجاعة لتحرير الاقتصاد من قبضة الحكومة والجيش، وبالتالي ضمان المنافسة العادلة للمستثمرين المحتملين، وفق ما يخلص تقرير لموقع ميدل إيست أي..

ناقش وليد أبوهلال، الخبير في الشؤون الاقتصادية، الأزمة الاقتصادية في مصر وسبل الخروج منها، وذلك في تقرير نشره موقع ميدل إيست أي البريطاني. 

ووفقًا للكاتب، فقد حذرت وكالة فيتش في 7 سبتمبر من وجود خطر زيادة الالتزامات الأجنبية للقطاع المصرفي المصري بسبب تراكم طلبات الاستيراد، وخطر خروج حيازات المحافظ من البلاد ونقص العملات الأجنبية.

تراجع التصنيفات الائتمانية

وأضاف الكاتب أن وكالة فيتش أعطت البنك الأهلي المصري درجة «ب»، مع نظرة سلبية في تقرير آخر في يوليو. ويعتبر البنك الأهلي المصري أقدم بنك في مصر، إذ يبلغ عمره 125 عامًا، وأكبر بنوكها، حيث يمثل حوالي 37% من إجمالي أصول البنوك المصرية مجتمعة وحوالي 17 مليون عميل.

وفي غضون ذلك، في عام 2023، خفضت شركة خدمات التصنيف الأمريكية ستاندرد آند بورز تصنيفها الخاص للاقتصاد المصري، مما أدى إلى تراجع البلاد من «مستقرة» إلى «سلبية».

وأشارت ستاندرد آند بورز إلى أن إجراءات السياسة التي تنفذها السلطات المصرية قد لا تكون كافية لتحقيق الاستقرار في سعر الصرف واجتذاب تدفقات العملات الأجنبية المطلوبة لتلبية احتياجات التمويل الخارجي المرتفعة. كما حذرت وكالة التصنيف من احتمال انخفاض التوقعات في الأشهر المقبلة.

وفي الأدبيات الاقتصادية اليوم، تلعب التصنيفات الائتمانية دورًا مهمًا، وذلك لأن المقرضين يعتمدون اعتمادًا كبيرًا على تقييمات هذه الوكالات قبل الاستثمار في بلد ما. ويمكن أن تتراوح التقييمات من التصنيف الأعلى، أيه أيه أيه (AAA)، إلى التصنيف الأدنى دي (D).  وحصلت مصر على تصنيف بي (B)، مما يجعلها أكثر عرضة للظروف التجارية والمالية والاقتصادية المعاكسة، وفقًا لوكالة ستاندرد آند بورز.

تبرير هش

ونقل الموقع عن وزير المالية المصري، محمد معيط، قوله إن الضغوط الخارجية على اقتصاد البلاد، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، كانت وراء التخفيض الأخير للتوقعات الاقتصادية لوكالة ستاندرد آند بورز.

ولكن في حين أثرت الحرب في البداية على الاقتصاد المصري، مع ارتفاع أسعار القمح، فقد استقر هذا الاتجاه منذ ذلك الحين - لذا فإن تبرير معيط هش في أحسن الأحوال.

ويعني التصنيف الائتماني الضعيف لمصر أن الإقراض لحكومة الدولة يتسم بدرجة عالية من المضاربة، وهو أحد الأسباب التي تجعل القاهرة تواجه صعوبة كبيرة عندما يتعلق الأمر بالحصول على تمويل خارجي، سواء من المنظمات الدولية أو حتى من حلفائها الخليجيين.

ونظرًا للانخفاض الخطير في احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية، تبحث الحكومة عن حلول قصيرة الأجل، بما في ذلك الاستمرار في الاقتراض.

وفي الشهر الماضي، احتفل المسؤولون ووسائل الإعلام المصرية بانضمام البلاد إلى كتلة البريكس، والتي تأمل من خلالها مصر في الحصول على مصادر تمويل جديدة عبر بنك التنمية الجديد.

المنافسة العادلة

لكن القروض المحتملة التي ستتمكن مصر من الحصول عليها -إن وجدت- ستكون متواضعة مقارنة باحتياجاتها التمويلية الكبيرة، وفقًا للكاتب. وفي حين أن هناك فرصة جيدة لأن تتمكن مصر من جذب المستثمرين من دول البريكس الأخرى، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والصين وحتى روسيا، إلا أنه يجب على النظام أولاً ضمان بيئة استثمارية جذابة.

ويجب اتخاذ قرارات شجاعة لتحرير الاقتصاد من قبضة الحكومة والجيش، وبالتالي ضمان المنافسة العادلة للمستثمرين المحتملين.

ويرى الكاتب أن الخصخصة هي حجر الزاوية في التحرر الاقتصادي. والخطوة الأولى هي طرح الشركات المملوكة للدولة والجيش المصري للبيع، دون شروط مقيدة.

ويجب أن تُدار هذه العملية المعقدة من جانب طاقم من التكنوقراط المهنيين، الذين يمكن أن يضمنوا - على الأقل إلى حد ما - الشفافية والصفقات الدولية العادلة، مع التأكد أيضًا من عدم عودة الحكومة إلى الدخول مرة أخرى في الصناعات نفسها وتنافس للمستثمرين الجدد.  

الكف عن إهدار المليارات

وأوضح الكاتب أن مناقشة الخصخصة لها وجهان: الأول، بيع الشركات المملوكة للدولة لتمويل احتياطيات مصر من العملات الأجنبية؛ والثاني، تشجيع الاستثمار في القطاعات التي تميل إلى استنزاف هذه الاحتياطيات، مثل واردات الأدوية والحبوب، التي تستنزف مليارات الدولارات.

ومن الممكن أن تعمل مثل هذه الاستثمارات على تعزيز الناتج المحلي الإجمالي المتواضع للبلاد، والذي من الممكن أن يرتفع إلى عنان السماء عندما نأخذ في الاعتبار الموارد البشرية والطبيعية التي تملكها مصر.

وبالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة التوقف عن الإنفاق على مشاريع البنية التحتية، وخاصة المشاريع الضخمة، التي لا تضيف أي قيمة في حين تستنزف احتياطيات البلاد المتبقية من العملات الأجنبية. ويمكن للمرء تخيل ما يمكن أن يحدث حال إعادة توجيه المليارات التي أنفقت على مشاريع التباهي لا طائل من ورائها نحو مبادرات ذات قيمة اجتماعية أعلى.

ولن يؤدي هذا إلى تعزيز احتياطيات مصر فحسب، بل سيعمل أيضًا على توظيف آلاف الشباب، الذين يكافحون حاليًا من أجل الصمود في ظل الفشل الاقتصادي المستمر.

الموضوع التالي أفريكا انتيلجانس: بيانات مخيبة للآمال تُحبط محاولة مصر لتكون أكبر مورد للغاز في الاتحاد الأوروبي
الموضوع السابقترانسناشيونال انستيتيوت: سياسات صندوق النقد الدولي تُشكل عقبة أمام التحول العادل في مصر