جيروزاليم بوست: مصر هي من تحتاج إلى الغاز الطبيعي الإسرائيلي - رأي
كانت إسرائيل تستورد الغاز الطبيعي من مصر في التسعينات والعقد الأول من القرن الحالي، لكن هذا المشهد انقلب رأسًا على عقب في السنوات الأخيرة بعد اكتشافات الغاز في إسرائيل وعدم كفاية الغاز المصري لاحتياجاتها المحلية، وهو ما دفع القاهرة لاستيراد الغاز من إسرائيل بعد أن كانت هي المصدرة لها، وفق...
من عام 2008 حتى الاضطرابات السياسية في مصر بعد الربيع العربي 2011، وفر خط الأنابيب حوالي نصف احتياجات إسرائيل من الغاز الطبيعي.
نشرت صحيفة جيروزاليم بوست مقال رأي للكاتب نيفيل تيلر ناقش فيه التغير الذي شهده مشهد الطاقة في شرق المتوسط وتبدل الأدوار . بين المصدرين والمستوردين
وقال الكاتب إن صفقة الغاز المصرية الإسرائيلية في أواخر التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين انقلبت رأسًا على عقب.
ولفت الكاتب إلى أن بنية الغاز التحتية كانت مصممة في الأصل باعتبارها وسيلة لتزويد إسرائيل بالغاز الطبيعي عندما لم يكن لديها إمدادات محلية خاصة بها، وقد تبدل ذلك الحال إلى العكس.
في 23 أغسطس، أعلنت إسرائيل أنها وافقت على زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي إلى مصر بنحو 70%، والتي تواجه زيادة الطلب وانخفاض الإنتاج من مواردها الخاصة.
استيراد الغاز في التسعينات
ولفت الكاتب إلى أن إسرائيل وعندما اضطرت في أواخر التسعينيات إلى استيراد جميع احتياجاتها من الوقود الأحفوري، قررت الحكومة تشجيع استخدام الغاز الطبيعي. ويكمن عدد من الأسباب وراء القرار منها التكلفة والأثر البيئي.
تحولت إسرائيل إلى مصر، وتوصلت إلى اتفاق، تزود مصر بموجبه إسرائيل بالغاز الطبيعي، أولًا في شكل غاز طبيعي مسال، ولكن لاحقًا من خلال خط أنابيب العريش - عسقلان الذي يمتد مباشرة من مصر إلى إسرائيل.
من عام 2008 حتى الاضطرابات السياسية في مصر بعد الربيع العربي 2011، وفر خط الأنابيب حوالي نصف احتياجات إسرائيل من الغاز الطبيعي. وتميز العامان التاليان باضطرابات سياسية في مصر، وتعرض خط الأنابيب في سيناء للتخريب غير ذي مرة.
وما إن جرى إصلاح الضرر واستئناف الإمدادات إلى إسرائيل - وبالمناسبة، إلى الأردن، الذي كانت مصر تزوده أيضًا بالغاز الطبيعي - حتى أدى انفجار آخر إلى توقف خط الأنابيب عن العمل. وبعد ما لا يقل عن 14 حادثة من هذا القبيل، أُغلق خط الأنابيب.
تحول مصر من مصدر إلى مستورد
وبعد بضع سنوات، ووفق ما يشير الكاتب، كانت مصر في خضم أزمة طاقة. وأدى ارتفاع الطلب وانخفاض إنتاج الغاز والنفط إلى تحويل البلاد من مصدر إلى مستورد. ت
ومهدت صفقات بين شركات مصرية وإسرائيلية في عام 2018 الطريق لإعادة فتح خط أنابيب العريش وعسقلان، ولكن مع عكس التدفق حتى تتمكن إسرائيل من تزويد مصر بالغاز الطبيعي الذي كانت القاهرة في أمس الحاجة إليه. واعتبارًا من عام 2020، نقلت إسرائيل الغاز من حقلي لياثان وتمار الإسرائيليين، الواقعين قبالة الساحل الشمالي الإسرائيلي، عبر خط الأنابيب من عسقلان إلى العريش في مصر.
وربما تكون أزمة الطاقة في مصر قد هدأت، لكنها كانت بعيدة عن الحل الشامل. بحلول يونيو من هذا العام، كانت البلاد تعاني من انقطاع حاد في التيار الكهربائي. وتأثرت لأول مرة أضواء الشوارع وبعض الخدمات العامة.
بعد ذلك، عندما بدأت درجات الحرارة في الارتفاع فرضت مصر قطع التيار الكهربائي، لمدة ست ساعات تقريبًا في بعض المناطق. وفقًا للمسؤولين، نتج انقطاع التيار الكهربائي عن ضغط استثنائي على شبكة الطاقة بسبب ارتفاع الطلب على الكهرباء. وبحلول منتصف يوليو، كانت شركة الكهرباء المصرية تدعو الناس إلى تجنب استخدام المصاعد، خشية أن يعلقوا فيها بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
ورغم أن مصر كانت تواجه طلبًا متزايدًا على الغاز من سكانها البالغ عددهم 105 ملايين نسمة، إلا أنها شهدت انخفاضًا في إنتاج الغاز الطبيعي بنسبة 9% على أساس سنوي بين يناير ومايو 2023، وبنسبة 12% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021.
زيادة صادرات الغاز الإسرائيلية
في ظل هذه الخلفية، أعلنت إسرائيل بطلب من مصر زيادة مبيعاتها من الغاز الطبيعي إلى مصر. وقد يكون أحد عوامل إتمام الصفقة هو الانتخابات الرئاسية في مصر، المقرر إجراؤها في فبراير 2024. ومن المؤكد أن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، يفضل مواجهة الناخبين من دون وجود أزمة في إمدادات الطاقة.
وفي تفسيره للاتفاقية المصرية الإسرائيلية الجديدة، قال وزير الطاقة الإسرائيلي كاتس، إن صادرات الغاز إلى مصر، التي تبلغ حاليًا حوالي 5 مليارات متر مكعب سنويًا، ستزيد بمقدار 3.5 مليار متر مكعب سنويًا على مدار 11 عامًا. كما تعتزم إسرائيل توسيع الإنتاج من حقل تمار بنسبة 60% اعتبارًا من عام 2026.
وقال كاتس «هذه الخطوة ستزيد إيرادات الدولة وتعزز العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل ومصر». ولم تُعجب تلك الاتفاقية بعض الشخصيات العامة في إسرائيل؛ فقد حذرت بعض جماعات المناصرة العامة من أن إسرائيل قد تعاني من نقص الغاز مع ارتفاع الطلب المحلي، وأثارت احتمالية حدوث أضرار بيئية من النشاط البحري المتزايد.