جيروزاليم بوست: الهجوم الإسرائيلي على رفح قد يؤدي إلى تفاقم التوترات مع مصر

خلاصة

رغم أن العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح قد تعتبر ضرورية لتحقيق هدف إسرائيل في القضاء على حماس، إلا أنها تطوي أيضًا على مخاطر تدهور العلاقات الإسرائيلية المصرية. ويستلزم تجنب هذا السيناريو تخطيطًا دقيقًا للنقل الآمن للاجئي غزة والتنسيق الوثيق بين مصر وإسرائيل، وفق ما يخلص مقال نشرته صحيفة جيروزاليم بوست.

نشرت صحيفة جيروزاليم بوست مقالًا للأستاذ في الجامعة العبرية إيلي بوديه تناول التداعيات المحتملة لشن دولة الاحتلال عملية برية في مدينة رفح على العلاقات مع مصر.

ويقول الكاتب في مطلع مقالها إن مصر و “إسرائيل” تمكنا حتى هذه اللحظة من التغلب على التحديات التي يفرضها الصراع، ولو ببعض الصعوبة.

ولكن توجيهات نتنياهو إلى المؤسسة العسكرية بصياغة خطة للقضاء على كتائب حماس في رفح، بما في ذلك إجلاء المدنيين من المنطقة ــ وهي المهمة التي تستلزم استعادة القوات الإسرائيلية السيطرة على ممر فيلادلفيا ــ قد تكون طموحة أكثر من اللازم. في الواقع، وُضعت الخطة بالفعل وهي في انتظار موافقة مجلس الوزراء.

أهداف مشتركة

ووفقًا للكاتب، تشترك إسرائيل ومصر في عدة أهداف استراتيجية في الحرب ضد حماس في قطاع غزة. وهما يهدفان إلى هزيمة حماس أو تقليص قوتها السياسية والعسكرية. وتنظر مصر إلى حماس باعتبارها فرعًا من جماعة الإخوان المسلمين ــ وهي المنظمة التي حظرها الرئيس عبد الفتاح السيسي وقمعها.

ويضيف الكاتب أن كلا البلدين يسعيان إلى إعادة الاستقرار إلى قطاع غزة والمنطقة ككل. وعانت مصر من انتكاسات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك الانخفاض الحاد في السياحة والدخل من رسوم عبور قناة السويس، بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

وتهدف كل من إسرائيل ومصر إلى إظهار للعالم العربي التأثيرات المزعزعة للاستقرار الناجمة عن دعم المحور الشيعي. وهما يتصوران نظامًا إقليميًا جديدًا يقوده السنة، بدعم من الولايات المتحدة، لموازنة نفوذ إيران وحلفائها.

مصالح متضاربة

ويلفت الكاتب إلى أن هناك تضارب في المصالح بين إسرائيل ومصر في الوقت نفسه.

ومن وجهة النظر المصرية، فإن سيطرة إسرائيل على ممر فيلادلفيا مع «تشجيع هجرة سكان غزة إلى مصر»، كما ذكر عديد من السياسيين الإسرائيليين، يشكل خطًا أحمر.

وبالمثل، هناك خلاف بين الدولتين حول ما يجب أن يحدث بعد الحرب. وبينما تدعم مصر عودة السلطة الفلسطينية المنشطة لحكم غزة، أعربت إسرائيل عن معارضتها لعودة السلطة الفلسطينية بأي شكل من الأشكال. وقالت إسرائيل أيضًا إن الجيش الإسرائيلي لن يحكم قطاع غزة – لكنها لم تحدد من سيحكم.

وفي حين تدعم مصر والدول العربية والولايات المتحدة والمجتمع الدولي توحيد الضفة الغربية مع قطاع غزة وإقامة دولة فلسطينية بقيادة السلطة الفلسطينية، فإن إسرائيل تظل معارضة لمثل هذه النتيجة. ومع ذلك، فإن تضارب المصالح هذا لا يشكل حاليًا تهديدًا لاستقرار العلاقات المصرية الإسرائيلية.

في الوقت الحالي، الاهتمام الأساسي يدور حول رفح. ومن الناحية العسكرية، تهدف إسرائيل إلى القضاء على كتائب حماس في رفح والسيطرة على ممر فيلادلفيا لقطع أنفاق التهريب التابعة لحماس. وتسعى مصر للتوصل إلى اتفاق لتأمين إطلاق سراح الرهائن ووقف الحرب، على الأقل مؤقتا، لدرء السيناريو الكابوسي المتمثل في تدفق اللاجئين الفلسطينيين إلى سيناء. ولتحقيق هذه الغاية، وبمشاركة إسرائيل، استضافت القاهرة اجتماعًا مهمًا لم يسفر حتى الآن عن أي نتائج.

مصر تهدد حماس و “إسرائيل”

ويرى الكاتب أنه ومع عدم رغبة إسرائيل في التوقيع على اتفاق بأي ثمن، فإن القيام بعملية عسكرية إسرائيلية في رفح في أعقاب انهيار المفاوضات يشكل احتمالًا حقيقيًا ومخيفًا للغاية من المنظور المصري. وإذا حدث ذلك فإن مثل هذا السيناريو سوف ينظر إليه الجمهور وبعض الدوائر الحكومية في مصر على أنه نتيجة لسياسة إسرائيلية تستهدف طرد الفلسطينيين من غزة.

وفي هذه الأثناء، تحاول مصر حل المشكلة من خلال تهديد حماس وإسرائيل. وأبلغت مصر حماس أن إسرائيل ستهاجم رفح إذا لم توافق على اتفاق خلال أسبوعين. ويبدو أن هذا التهديد يعني ضمنًا الموافقة على شن هجوم إسرائيلي على رفح إذا لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق ـ وهو الفشل الذي سوف يقع على عاتق قيادة حماس، لأنه من غير المرجح أن تُحدد هذا الإطار الزمني من دون التنسيق مع إسرائيل.

وفي الوقت نفسه، حذرت مصر إسرائيل من «العواقب الكارثية» للعملية العسكرية في رفح. ومع ذلك، في الوقت نفسه، صرح وزير الخارجية المصري سامح شكري أنه لا يوجد أي تهديد لمعاهدة السلام بين البلدين لأنهما «يتعاملان بنشاط» مع القضايا الملحة.

فيما يخص إسرائيل، فإن شن عملية عسكرية في رفح وممر فيلادلفيا قد يخلق مشكلتين. أولًا، هناك مخاوف أخلاقية فيما يتعلق بتهجير ما يقرب من 1.3 مليون لاجئ من غزة والذين سيضطرون مرة أخرى إلى البحث عن مأوى في مكان آخر. ثانيًا، هناك عواقب سياسية وعسكرية لمصر، خاصة إذا حاولت أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين اختراق السياج الحدودي والبحث عن ملجأ في سيناء.

وعلى الرغم من أن مصر قامت بتعزيز السياج في الآونة الأخيرة، إلا أنه سيكون من الصعب السيطرة على أعداد كبيرة من اللاجئين اليائسين الذين يتطلعون إلى الهروب من القتال. وفي مثل هذا السيناريو، ستواجه مصر معضلة إما اللجوء إلى استخدام القوة ضد الحشود والمخاطرة باتهامها بالخيانة والتخلي عن الفلسطينيين، أو السماح لهم بالدخول وإلقاء اللوم على إسرائيل، مما يؤدي إلى أزمة في العلاقات الدبلوماسية. وقد يؤدي إلى استدعاء مصر لسفيرها أو حتى اتخاذ خطوة أكثر جدية.

وبالنظر إلى الأمر من زاوية أخرى، يمكن لإسرائيل أن تعزز علاقتها مع مصر من خلال تسهيل المساعدات من المجتمع الدولي والدول العربية لدعم الاقتصاد المصري.

هناك سابقة تاريخية تستحق النظر وهي حرب الخليج عام 1991، عندما أدت مشاركة مصر إلى إعفاء ما يقرب من 20 مليار دولار من الديون وشروط سداد مواتية للقروض الأخرى المستحقة. وفي الوقت الحاضر، تواجه مصر تحديات اقتصادية كبيرة، والتي تفاقمت بسبب الصراع المستمر. ويمكن أن يساعد الدعم الدولي الكبير لمصر في التأثير على موقفها بشأن المسائل الأمنية الأساسية المتعلقة بإسرائيل، مثل ممر فيلادلفيا ومعبر رفح.

ورغم أن العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح قد تعتبر ضرورية للقضاء على حماس، إلا أنها تحمل أيضًا خطر تدهور العلاقات الإسرائيلية المصرية. وتجنب هذا السيناريو سيتطلب تخطيطًا دقيقًا للنقل الآمن للاجئي غزة والتنسيق الوثيق بين مصر وإسرائيل.

ومع ذلك، فإن التحليل الرصين سيؤدي إلى استنتاج مفاده أنه حتى مع تطبيق مثل هذه التدابير، ليس هناك ما يضمن إمكانية تجنب السيناريو الأسوأ تماما.

الموضوع التالي أوفشور تكنولوجي: بي.بي تخطط لاستثمار 1.5 مليار دولار في قطاع النفط والغاز في مصر
الموضوع السابقالمونيتور: تراجع إيرادات قناة السويس يُفاقم أزمة نقص العملة الأجنبية في مصر