تايمز أوف إسرائيل: «النصر» ضد إسرائيل في حرب عام 1973 شكَّل مصر لكنه الآن ذكرى باهتة
بعد مرور خمسين عاماً على ما احتفلت به مصر باعتباره «انتصارها في أكتوبر»، أخذت تتلاشى ذكرى حرب 1973 ضد إسرائيل التي شكلت سياسة الأمة العربية ودبلوماسيتها، وفق ما يخلص تقرير لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.
تناول تقرير نشرته صحيفة تايمز أوف إسرائيل ما وصفته بتلاشي ذكرى حرب أكتوبر 1973 مع حقيقة أن الاغلبية من المصريين من الشباب الذين لم يشهدوا الحرب.
وبحسب التقرير الذي أعدته وكالة فرانس برس، فبعد مرور خمسين عامًاعلى ما احتفلت به مصر باعتباره «انتصارها في أكتوبر»، أخذت تتلاشى ذكرى حرب 1973 ضد إسرائيل التي شكلت سياسة الأمة العربية ودبلوماسيتها.
واستمد الرؤساء المصريون المتعاقبون على مدى عقود الشرعية من ماضيهم العسكري الذي حاربوا فيه إسرائيل.
ولفتت الصحيفة إلى أن الرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي، يُمثل استثناءً نادرًا. فبعد أن التحق فقط بأكاديمية عسكرية في العام الذي وقعت فيه الحرب، لم يحمل السلاح ضد إسرائيل المجاورة.
ومع ذلك، لا يزال يستفيد من هذا الفصل من التاريخ الوطني.
في 6 أكتوبر 1973، شنت مصر وسوريا هجومًا مفاجئًا، مما دفع القوات الإسرائيلية على ما يبدو إلى حافة الهزيمة قبل أن تتماسك، بدعم من الجسر الجوي للولايات المتحدة، وفقًا للصحيفة.
وفي غضون ثلاثة أسابيع، بدأ وقف إطلاق النار الذي أقرته الأمم المتحدة.
الغالبية لم تشهد الحرب
وفي الذكرى التاسعة والأربعين للحرب العام الماضي، أشاد السيسي بـ «يوم العزة والكرامة» الذي أظهر «قدرة المصري وتفوقه خلال أصعب اللحظات»، وفقًا للصحيفة.
وقد تلقى تصريحاته صدى لدى المصريين الذين عاشوا أكثر من عام من التخفيضات المؤلمة في قيمة العملة والتضخم الذي ارتفع إلى مستويات قياسية.
يقود السيسي الآن دولة يشكل فيها الشباب الأغلبية، وتظهر الأرقام الرسمية أن حوالي 85 في المائة من سكان مصر البالغ عددهم 105 ملايين لم يكونوا قد وُلدوا في حرب 1973 وما بعدها مباشرة.
جعلت عقود من الحرب الجيش المصري فاعلًا قويًا في الشؤون الاقتصادية والتجارية للبلاد، فضلًا عن الأمور الأمنية.
وأشارات الصحيفة إلى أن رئيس واحد فقط لم يأت من صفوف الجيش، الرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي الذي أطاح به السيسي في 2013.
ذهب أنور السادات، الرئيس المصري خلال حرب 1973، إلى توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل في عام 1979، مما شكل سابقة للعالم العربي.
وقال المؤرخ توفيق أكليماندوس من المركز المصري للدراسات الاستراتيجية إن قيادته في الحرب أكسبت السادات «شرعية يمكن أن تحل محل شرعية سلفه» جمال عبد الناصر، بطل ثورة 1952 التي أطاحت بالنظام الملكي.
«جيش النصر»
بعد اغتيال السادات على يد أعضاء مجموعة جهادية مصرية عام 1981، حكم حسني مبارك لمدة ثلاثة عقود واستفاد أيضًا من إرث حرب أكتوبر.
وقال اكليماندوس لوكالة فرانس برس ان مبارك - قائد سلاح الجو في عهد السادات عام 1973 - قدم نفسه على انه «بطل الضربة الجوية».
وقال إن «كل هذا يبدو اليوم بعيدا جدا للجيل الجديد».
وأضاف المؤرخ أن الشباب المصريين «لا يمكنهم الوصول إلى كتب جادة باللغة العربية حول هذه القضية»، وفقط «الأشخاص الذين عاشوا الحرب يتذكرون الخوف وقيود الاقتصاد في زمن الحرب».
لم تكن حرب السيسي ضد إسرائيل بل ضد «الإرهاب»، لا سيما في شبه جزيرة سيناء حيث شن الجهاديون الموالون لتنظيم الدولة تمردًا منذ سنوات.
وقال عمرو الشوبكي المحلل السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن الأحداث تركت الجيش المصري «جيشا للنصر خلافا لجيش الهزيمة عام 1967».
«الاختيار الصحيح»
ونقلت الصحيفة عن اتش إيه هيلر، الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، أن حرب أكتوبر أكدت خروج مصر من مجال النفوذ الأمني للاتحاد السوفيتي، وضمنت موقعها ضمن نموذج أمني أوسع في الغرب،
أصبحت مصر واحدة من أكبر المستفيدين من المساعدات العسكرية الأمريكية، والتي تجاوزت هذا العام 1.2 مليار دولار.
وقال هيلر في «عالم له أقطاب نفوذ مختلفة، لا تريد» مصر «تنفير روسيا أو الصين أو الهند» مع الحفاظ على علاقات وثيقة مع حلفائها الأمريكيين والخليجيين والغربيين.
القاهرة الآن ليست وحدها في المنطقة في الاعتراف بإسرائيل، التي أثارت في ذلك الوقت الغضب في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي - بما في ذلك غضب الذين قتلوا السادات.
وقع الأردن اتفاقية سلام في عام 1994. وفي عام 2020، قامت الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بموجب الصفقات المدعومة من الولايات المتحدة. وتضغط واشنطون من أجل اتفاق مماثل بين السعودية وإسرائيل.
وقال الشوبكي: «في ذلك الوقت، كان السادات مقتنعًا تمامًا بأنه اتخذ القرار الصحيح بالتوقيع على السلام».
لكن في حين أن الحكومات قد تتغير، لم يقتنع الناس العاديون. وتظل إسرائيل، في عين عديد من المصريين، عدوًا لدودًا.