نيو لاينز ماجزين: السيسي يثير رد فعل عنيف بتصريحات تستلهم شعارت عبد الناصر
سبق أن نجح الجنرال السابق في تلبس صورة الزعيم الأيقوني جمال عبد الناصر، لكن يبدو أن الشعب المصري لم يعد مُغرمًا به، وفق ما يخلص تقرير لمجلة نيو لاينز ماجزين.
نشر موقع مجلة نيو لاينز ماجزين تقريرًا للكاتب أليكس رويل يسلط الضوء فيه على تصريحات السيسي التي أراد بها السير على خطى الرئيس جمال عبد الناصر لكنها أثارت رد فعل عكسي.
يستهل الكاتب تقريره بالإشارة إلى إعلان السيسي ترشحه لولاية جديدة في انتخابات يُنظر لها على أن نتيجتهامحسومة لصالحه.
تصريحات مثيرة
ويلفت الكاتب إلى أن إعلان السيسي ترشحه لم يكن مفاجئًا، لكن هذه المناسبة أصبحت لا تُنسى بسبب سلسلة من التصريحات غير العادية التي أدلى بها الرئيس خلال مؤتمر متلفز استمر ثلاثة أيام، والذي كان يهدف إلى حشد الدعم الشعبي لحملته من خلال عرض إنجازاته خلال تسع سنوات في السلطة.
ومن تلك التصريحات الغريبة، أنه لديه القدرة لهدم مصر في 10 أسابيع من خلال توزيع المواد الأفيونية على 100 ألف مواطن. وقال إن المخطط الافتراضي سيكلف 30 مليون دولار فقط، والتي ينفقها البعض في حفلة.
وفي لحظة أخرى، وفي مواجهة التضخم الحاد وانهيار العملة وغيرها من المشاكل الاقتصادية العميقة التي عانى منها المصريون في الآونة الأخيرة، قال السيسي لو كان ثمن التقدم والازدهار للأمة متأكلش وماتشربش مناكلش ومانشربش... لو كان الجهد والتنمية والتقدم ثمنه الجوع والحرمان أوعوا يا مصريين متقدموش، وأوعوا يا مصريين تقولوا ناكل أحسن.
على خطى ناصر
وقال الكاتب إن هذه التصريحات أثارت غضبًا عامًا غير مألوف في مصر السيسي، حيث يُعاقب المعارضون والنقاد دون شفقة، ويقبع ما يقدر بنحو 60 ألف سجين سياسي خلف القضبان في ظروف مروعة.
وأضاف الكاتب أن ليلة الاثنين، وبعد إعلان السيسي رسميًا عن ترشحه، ظهرت لقطات فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر مئات المتظاهرين في مدينة مرسى مطروح الساحلية شمال غرب البلاد وهم يمزقون لافتات انتخابه ويرددون الشعار الذي اشتهر بعد الربيع العربي عام 2011: الشعب يريد إسقاط النظام!
ولفت الكاتب إلى أن تصريحات السيسي المثيرة للغضب تحمل بصمات الزعيم الأكثر شعبية في التاريخ المصري الحديث، جمال عبد الناصر. ففي ستينيات القرن العشرين، واجهت البلاد تحديات اقتصادية لا تختلف عن تلك التي تواجهها اليوم: التضخم الحاد، والنمو البطيء، والعجز التجاري الهائل، والنقص الحاد في النقد، والذي تفاقم بسبب الإنفاق الحكومي المسرف. وبحلول عام 1964، اختفت السلع الأساسية مثل الأرز والسكر وزيت الطهي والصابون والشاي والمصابيح الكهربائية والأحذية من أرفف المتاجر.
وفي ديسمبر من ذلك العام، اتخذ عبد الناصر تدابير قاسية، داعيًا الشعب إلى تقليل شرب الشاي والقهوة واكل اللحوم، معلنًا للمصريين أن هذه تضحيات من أجل الصالح العام للأمة.
وهذه ليست المرة الأولى التي يسعى فيها السيسي إلى استدعاء شبح عبد الناصر؛ فقد رحب وشجع على المقارنة بينه وبين الزعيم الأيقوني منذ عام 2013، عندما رفع أنصاره صورهما جنبًا إلى جنب.
أوجه الشبه والاختلاف
وأشار الكاتب إلى وجود أوجه شبه عدة بين الزعيمين مثل إنفاق الموارد على المشاريع الضحمة والقمح وتكميم الصحافة والتعذيب وتدمير السلطة القضائية والتشريعية وغيرها من الأمور المشتركة بينهما.
ولكن، وبحسب ما يتابع الكاتب، إذا كان السيسي يسعى لأن يكون ناصر آخر، فربما ينبغي عليه أن يكون حذراً فيما يتمناه؛ مشيرًا إلى أن توتر العلاقات مع واشنطون فاقم الأزمة الاقتصادية في الستينات، وأن القاهرة تشهد الآن توترًا متزايدًا مع واشنطون في ظل اتهام السيناتور الأمريكي بوب مينيديز بتلقي رشى مقابل مساعدة مصر، وهذا إلى جانب سجلها الحقوقي الذي يثير انتقادات في واشنطون.
ووفقًا للكاتب، ربما يكون الأمر الأكثر أهمية هو أنه حتى لو نجح السيسي في اجتياز الكارثة الحالية وفاز بإعادة انتخابه حتى عام 2030، فإلى أين سيمضي مساره؟ لقد نجا عبد الناصر من سلسلة متواصلة من الإخفاقات والنكسات على مدار 18 عامًا قضاها في السلطة، وقد فعل ذلك جزئيًا من خلال إعادة اختراع نفسه والقضايا التي دافع عنها ببراعة. ورغم إخفقاته العديدة يجد انصاره حتى الوقت الحالي ما يدافعون به عنه من إنجازات ملموسة مثل طرد الاحتلال البريطاني وتاميم القناة وبناء السد العالي والإصلاح الزراعي.
لكن ما الذي فعله السيسي خلال العقد الذي قضاه في السلطة حتى الآن حتى يُقارن به؟ لا عجب إذن أن دوره الذي يرسمه لنفسه باعتباره وريثًا لعباءة عبد الناصر لم يعد يثير إعجاب الشعب.