ستراتفور: كيف ستؤثر حرب غزة على السياسة المصرية

خلاصة

في خضم تصاعد العنف بالقرب من الحدود بين مصر وغزة، سوف تواجه مصر على الأرجح رد فعل داخلي بسبب علاقاتها مع إسرائيل، وتواجه كذلك احتمال حدوث رد فعل عنيف إضافي في حالة تدفق اللاجئين الفلسطينيين إلى مصر، وفق ما يخلص تقرير لمركز ستراتفور.

نشر مركز «ستراتفور» للدراسات الإستراتيجية والأمنية تقريرًا يستشرف تداعيات معركة طوفان الأقصى على السياسة المصرية.  

ويستهل المركز الأمريكي تقريره بالقول إنه وفي خضم تصاعد العنف بالقرب من الحدود بين مصر وغزة، فمن المرجح أن تواجه مصر رد فعل داخلي بسبب علاقاتها مع إسرائيل، وتواجه كذلك احتمال حدوث رد فعل عنيف إضافي في حالة تدفق اللاجئين الفلسطينيين إلى مصر.

وتتردد القاهرة في الظهور بمظهر المؤيد للغاية لإسرائيل خوفًا من فقدان الشرعية مع شعبها والعالم العربي الأوسع وسط خسائر فلسطينية جماعية محتملة. وستصبح جهودها للتغلب على هذه القضية أكثر تعقيدًا قبل الانتخابات الرئاسية في ديسمبر، والتي سيسعى فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي لولاية أخرى. 

في أعقاب هجمات حماس التي بدأت في 7 أكتوبر، أصدرت القاهرة بيانًا محايدًا نسبيًا يشجع على وقف التصعيد في المنطقة. لكن اعتبارًا من 11 أكتوبر، بدا التوغل البري الإسرائيلي في قطاع غزة وشيكًا على نحو متزايد، مما يهدد بإطلاق أزمة لاجئين كبيرة على الأراضي المصرية بعد أن أعلنت السلطات الإسرائيلية في 9 أكتوبر «حصارًا شاملًا» على غزة. 

مخاوف النزوح الجماعي لسيناء

وأشار التقرير إلى أن معبر رفح الحدودي، المدخل البري الرسمي الوحيد لغزة إلى مصر، مغلق حاليًا، لكن مصر تواجه ضغوطًا لتأمين الحدود لمنع انتشار العنف وأزمة إنسانية محتملة في حالة محاولة نسبة كبيرة من مواطني غزة الذين يقدر عددهم بنحو 2.3 مليون شخص الفرار إلى مصر.

وفي 10 أكتوبر، أصابت الضربات الجوية الإسرائيلية معبر رفح الحدودي، وأُبلغ عن وقوع أضرار طفيفة في البنية التحتية، ولكن لم تقع إصابات. وأفادت التقارير بوقوع ثلاث غارات جوية على الأقل بالقرب من المعبر الحدودي في الفترة من 9 إلى 10 أكتوبر.

وبحسب التقارير، حذرت إسرائيل مصر من أن شاحنات المساعدات الإنسانية ستتعرض للقصف بعد أن تفرض الحصار، وتسببت ضربات 10 أكتوبر بالقرب من المعبر الحدودي في عودة مبعوث إنساني مصري.

أثر التوغل في غزة

وأوضح التقرير أن القاهرة ليست في وضع يسمح لها باستيعاب موجة من اللاجئين؛ ذلك أن التأثير الرئيس على مصر للتوغل الإسرائيلي في غزة سيتمثل في التدفق المحتمل للاجئين الفلسطينيين إلى الخارج، وذلك في ضوء أن معبر رفح إذا فتح، فإنه سيكون المخرج الرسمي والعملي الوحيد من القتال في غزة.

وفي حين أن القاهرة تريد أن تبدو متعاطفة مع الفلسطينيين، إلا أنها غير مستعدة أيضًا للتعامل مع عدد كبير من اللاجئين، الذين قد يصبح الكثير منهم مقيمين دائمين سواء باختيارهم أو مضطرين في حالة رفض إسرائيل السماح لهم بالعودة إلى الأراضي الفلسطينية.

ويعاني الاقتصاد المصري بالفعل في ظل خفض التصنيف الائتماني، وارتفاع التضخم، وخفض قيمة العملة، وارتفاع معدلات البطالة، ونقص العملات الأجنبية، وليس هناك ما يضمن أن المانحين الدوليين سيقدمون التمويل الكافي لتغطية تكاليف استضافة عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين.

وعلق المقدم الإسرائيلي ريتشارد هيشت في 10 أكتوبر بأن معبر رفح الحدودي قد يكون طريقًا للاجئين لمغادرة غزة، وهو تصريح يُنظر له على أنه تشجيع لدخول شبه جزيرة سيناء. ومن بين المسؤولين الإسرائيليين الآخرين، أوضحت السفيرة الإسرائيلية في مصر أميرة أورون في 10 أكتوبر أن إسرائيل لم تطلب من الفلسطينيين الانتقال إلى سيناء.

قال عديد من أعضاء البرلمان المصري إن الدعوات الخارجية لإجلاء الفلسطينيين عبر معبر رفح تنتهك السيادة المصرية. وتتوقع القاهرة أن ينتهي الأمر بأي لاجئ فلسطيني يعبر الحدود إلى شبه جزيرة سيناء مثل اللاجئين الفلسطينيين القدامى في الأردن ولبنان. ولتجنب هذه النتيجة، طلبت القاهرة من إسرائيل فتح ممرات إنسانية أخرى للاجئين لا تؤدي إلى مصر.

تجنب إغضاب إسرائيل

ومع ذلك، وحسب ما يلفت التقرير، يتعين على مصر أن تحرص على تجنب إغضاب إسرائيل كثيرًا نظرًا لأنها تتلقى إمدادات مهمة من الغاز الطبيعي من إسرائيل، والتي زادت أحجام صادراتها من الغاز في أغسطس 2023 قبل أن تغلق حقل غاز تمار الذي يزود واردات مصر من الغاز بعد بدء الصراع في غزة. وحتى لو أعيد فتح الحقل، يمكن لإسرائيل تحويل الغاز الطبيعي إلى استخدامات أخرى.

وقد تكون الفوائد الأخرى للعلاقات الجيدة مع إسرائيل في خطر أيضًا، مثل توسيع التجارة الثنائية المصرية الإسرائيلية مؤخرًا، والتي تهدف وزارة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية إلى الوصول إلى 700 مليون دولار بحلول عام 2025. وتتعاون مصر وإسرائيل أيضا تعاونًا وثيقًا بشأن القضايا الأمنية، ولا سيما فيما يتعلق بتهديدات المتطرفين الإسلاميين، وفقًا للتقرير.

وفي حين تتعامل مصر مع انتشار العنف وأزمة اللاجئين المحتملة، من المرجح أن تُغضب القاهرة إسرائيل إلى حد ما لأنها تسعى إلى تحقيق التوازن الصعب بين المخاطرة بإثارة الغضب بسبب تقديم القليل من الدعم للقضية الفلسطينية مقابل مخاطر الغضب لتقديم الكثير من الدعم للاجئين الفلسطينيين في مصر.

الضغط على موارد مصر

وأضاف التقرير أن القاهرة ستشعر بالإحباط من إسرائيل بسبب الآثار غير المباشرة للصراع في غزة وستسمح ببعض مظاهر المعارضة ضد إسرائيل قبل الانتخابات الرئاسية المصرية في ديسمبر. لكن بينما دعم مصريون كُثُر في السابق القضية الفلسطينية واحتجوا على إقامة علاقات مع إسرائيل، يمكن أن تجد القاهرة نفسها في مواجهة رد فعل عنيف إذا كان يُنظر إليها على أنها تقدم الكثير من مواردها العامة الضئيلة لدعم اللاجئين الفلسطينيين في سيناء.

ومع وجود متشددين من تنظيم الدولة في شبه جزيرة سيناء، والتي كافحت مصر لاحتواءها، يمكن للأفراد المتطرفين استهداف الجهود العسكرية والإنسانية المصرية المتجمعة بالقرب من حدود غزة أو المصالح الأجنبية.

وأشار مسؤول مصري يعمل في الشؤون الفلسطينية إلى أن مصر «تخشى كارثة إنسانية لن نعرف كيف نتعامل معها». وستؤدي التكلفة الكبيرة الناجمة عن استيعاب عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين إلى مزيد من الضغط على موارد مصر المحدودة واقتصادها المتعثر، ويمكن أن تصبح هذه التكاليف دائمة إذا لم تسمح إسرائيل للاجئين بالعودة إلى القطاع. 

السماح باحتجاجات محدودة

ويُرجح التقرير أن تسمح القاهرة ببعض المظاهر العامة للمشاعر المعادية لإسرائيل، بما في ذلك مستوى معين من الاحتجاجات العامة، لكنها ستعمل على الحد من حجم هذه الأنشطة لمنعها من النمو لتصبح حركة أكبر مناهضة للحكومة قبل الانتخابات الرئاسية في ديسمبر.

وقد تحتاج إدارة السيسي أيضًا إلى إظهار عرض أكثر جُرأة لإعطاء الأولوية لمصالح المواطنين المصريين على مصالح اللاجئين الفلسطينيين قبل الانتخابات الرئاسية.

الموضوع التالي فاينانشيال تايمز: مصر تزعم أنها حذرت إسرائيل من أن غزة قد «تنفجر» قبل هجوم حماس
الموضوع السابقصالة التحرير يناقش الذكرى الخمسين لانتصارات حرب أكتوبر