ريسبونسبل ستيت كرافت: لماذا تخشى مصر إخلاء غزة ؟

خلاصة

تخشى القاهرة أن يكون «الممر الإنساني»، وبدلًا من إنقاذ الأرواح، ذريعة لنفي الفلسطينيين على نحو دائم، وفق ما يخلص تقرير نشرته مجلة ريسبونسبيل ستست كرافت.

نشر موقع مجلة «ريسبونسبل ستيت كرافت» التابعة لمعهد كوينسي لفن الحكم الرشيد مقالًا للكاتب ماثيو بيتي يتناول مار وراء المخاوف المصرية من إنشاء ممر إنساني للفلسطينيين في سيناء.

وقال الكاتب إن إدارة بايدن تعمل على إنشاء «ممر إنساني» للمدنيين الفلسطينيين في غزة للفرار إلى مصر، لكن القاهرة تشير إلى أنها لن تقبل حلًا يجبر الفلسطينيين على مغادرة غزة دون أي أمل في العودة.

رفض مصري

ولفت الكاتب إلى أن مصر رفضت فكرة إجلاء الفلسطينيين وذلك من أجل حماية حق الفلسطينيين في البقاء على أراضيهم. وصرح عديد من المسؤولين والشخصيات الإعلامية والسلطات الدينية المصرية خلال اليومين الماضيين – بالصياغة نفسها تقريبًا - أن مصر لن تتسامح مع دفع إسرائيل للفلسطينيين إلى مصر على حساب «السيادة المصرية».

وفي حديث لوسائل إعلامية مصرية نُسب لمصادر لم يسمها، ندد مسؤولون رفيعو المستوى بـ «الدعوات إلى نزوح جماعي» من «بعض الأطراف»، وهي «ذريعة لتفريغ قطاع غزة من سكانها وتصفية القضية الفلسطينية نفسها». وبدا أن التصريح يستهدف عضو البرلمان الإسرائيلي أرييل كالنر الذي دعا إلى التطهير العرقي لغزة هذا الأسبوع.

في غضون ذلك، أصدر شيخ الأزهر، الأربعاء، بيانًا حث فيه الفلسطينيين على البقاء «صامدين»، لأن «ترك أرضكم هو موت قضيتكم وسيؤدي إلى ضياع أرضكم إلى الأبد».

وبدأت إسرائيل حملة انتقامية مكثفة ضد غزة. وقطع الجيش الإسرائيلي الإمدادات للقطاع من الغذاء والماء والكهرباء بينما كان يقصف المنطقة قصفًا شديدًا أكثر من أي وقت مضى.

قُتل مئات الفلسطينيين، ومن المتوقع على نطاق واسع أن يُطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتياحًا بريًا.

رؤى متباينة

وأشار الكاتب إلى أن الدعوات الدولية تصاعدت لإنشاء «ممر إنساني» مع انتهاء حصص الإعاشة وانخفاض الإمدادات الحيوية في المستشفيات. ومع ذلك، فإن الأطراف المختلفة لديها رؤى متباينة للغاية فيما يتعلق بطبيعة الممرات. وتطالب منظمة الصحة العالمية بالسماح بدخول الأدوية إلى غزة، بينما ركزت إدارة بايدن على ما يبدو على إجلاء المدنيين من غزة.

ومن غير الواضح ما إذا كانت إدارة بايدن ستضغط على إسرائيل للسماح للفلسطينيين بالعودة إلى غزة بعد انتهاء الحرب. ودعا المسؤولون الأمريكيون إسرائيل علنًا إلى احترام قوانين الحرب.

سيناريو كاراباخ الأرمني

وأوضح الكاتب أن الحالة تشبه حصار كاراباخ خلال الأشهر القليلة الماضية. وقطعت السلطات الأذربيجانية الإمدادات الغذائية عن إقليم كاراباخ الأرمني لعدة أشهر، مما أدى إلى المجاعة الجماعية. وفي الشهر الماضي، بدأ الجيش الأذربيجاني حملة لاستعادة كاراباخ، بينما أعلن عن «ممر إنساني» - بهذه الكلمات بالضبط - للسكان المحليين للفرار إلى أرمينيا.

فر جميع سكان كاراباخ تقريبًا ومن غير المرجح أن يعودوا. ووصف عديد من النقاد، من رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان إلى كتاب الأعمدة الأمريكيين البارزين، إفراغ كاراباخ بأنه عمل من أعمال التطهير العرقي.

وأشار السياسيون الإسرائيليون إلى أنهم يفضلون حلًا مشابهًا في غزة، وربما في الأراضي الفلسطينية بأكملها. وازدادت شعبية فكرة حل القضية الفلسطينية من خلال «نقل السكان» لدى الجمهور الإسرائيلي خلال السنوات القليلة الماضية. واقترح بيزاليل سموتريتش، الوزير الإسرائيلي المسؤول عن الضفة الغربية، ذات مرة «خطة حاسمة» من شأنها أن تمنح الفلسطينيين خيارًا بين قبول الحكم الإسرائيلي الدائم أو الهجرة.

وكتب كالنر، عضو البرلمان الإسرائيلي، على وسائل التواصل الاجتماعي أن إسرائيل يجب أن يكون لها «هدف واحد: النكبة! نكبة ستطغى على نكبة 48. نكبة في غزة ونكبة لكل من يجرؤ على الانضمام لها!»

ويشير مصطلح «النكبة» إلى التهجير الجماعي للفلسطينيين خلال حرب عام ، والتي غادر فيها حوالي 700 ألف فلسطيني من منازلهم، وفر الكثير منهم إلى غزة، والتي كانت وقتئذ تحت السيطرة المصرية.

تخلت مصر عن مطالبتها بغزة في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لعام 1978. ودعت المعاهدة، المعروفة باسم اتفاقيات كامب ديفيد، إسرائيل إلى إقامة حكم ذاتي فلسطيني في المنطقة بدلًا من ذلك. ووافق الأردن على مبدأ مماثل في الثمانينيات، إذ تخلى عن مطالباته بالضفة الغربية لصالح حركة الاستقلال الفلسطينية.

غالبًا ما يقول القادة الأردنيون إن هدفهم كان منع إسرائيل من محاولة إنشاء «وطن فلسطيني بديل» على الأراضي الأردنية. وأثار خالد الجندي، الداعية المصري المقرب من الدولة، المخاوف ذاتها في حديث ألقاه يوم الثلاثاء.

وقال «الآن يبدو أن بعض الدعوات تدفع الفلسطينيين للخروج من أرضهم ووضعهم في سيناء لخلق وطن بديل»، في إشارة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، مضيفًا أن «هذا لا يمكن أن يحدث على الإطلاق».

وصرحت السفيرة الإسرائيلية في القاهرة على مواقع التواصل الاجتماعي أن إسرائيل ليس لديها مخططات لأخذ سيناء من مصر.

وبطبيعة الحال، من الممكن إجلاء المدنيين من غزة دون تدخل مصر؛ إذ يمكن للسلطات الإسرائيلية أن تسمح للفلسطينيين بالسفر من غزة إلى الضفة الغربية - أو يمكنهم إقامة مخيمات للاجئين داخل إسرائيل نفسها. مثل هذا الحل من شأنه أن يهدئ المخاوف من أن إسرائيل تخطط لإخلاء غزة من السكان على نحو دائم.

ومع ذلك، لا يبدو أن إسرائيل مهتمة باستقبال اللاجئين الفلسطينيين. كما أن جميع نقاط التفتيش التي تسيطر على الوصول إلى الضفة الغربية مغلقة تماما.

الموضوع التالي المونيتور: مصر تحتشد خلف الفلسطينيين، خشية تدفق اللاجئين إلى سيناء
الموضوع السابقأفريكا انتيلجانس: السيسي ينظر في مستقبل قائد الجيش أسامة عسكر