أتلانتك كاونسيل: الحرب الإسرائيلية على حماس تضع مصر أمام معضلة صعبة

خلاصة

يواجه الرئيس المصري موقفًا صعبًا للغاية حيال ما يحدث في غزة وهو أمام خيارين أحلاهما مر؛ وسوف تثبت الساعات المقبلة ما إذا كان سيرضخ أمام الضغوط الأمريكية والإسرائيلية ويقبل بفتح المعبر للنازحين وهو ما يرفضه المصريون بشدة أم يظل ثابتا على موقفه ويخاطر بمقتل آلاف المدنيين في غزة. وفي كلا...

نشرت مجلة أتلانتك كاونسيل مقالًا للكاتبة شهيرة أمين تسلط الضوء فيه على الموقف المصري الصعب التي تواجه في هذه الأثناء مع تكثيف إسرائيل لضرباتها على القطاع المجاور لمصر ودفع الفلسطينيين للنزوح.

وقالت الكاتبة إن القاهرة تراقب بقلق استمرار القصف الإسرائيلي لقطاع غزة على الحدود الشمالية لمصر بلا هوادة لمدة أسبوع. وتخشى القيادة المصرية من أن يمتد العنف على عتبة بابها إلى أراضيها وأن تؤدي الضربات الجوية الإسرائيلية إلى نزوح جماعي لسكان غزة إلى شبه جزيرة سيناء. ولم تؤد حقيقة أن إسرائيل قصفت معبر رفح الحدودي أكثر من مرة إلا إلى تفاقم مخاوف القاهرة.

وأفادت مصادر أمنية مصرية وإسرائيلية أن مصر حثت إسرائيل على «توفير ممر آمن للمدنيين في غزة». وفي غضون ذلك، اتخذت القاهرة خطوات لمنع الفلسطينيين من دخول سيناء. 

في حفل تخرج طلاب الكلية الحربية في 12 أكتوبر، حث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أطراف الصراع على «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس» و «إبعاد المدنيين - النساء والأطفال - عن دائرة الانتقام الوحشي». وأضاف أن من الأهمية بمكان تجنيب الأبرياء تحمل وطأة الصراع العسكري بالسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين على الفور.

وحذرت إسرائيل مصر من إرسال مساعدات إنسانية إلى غزة، وهددت بمهاجمة أي شاحنات تحمل مواد غذائية وإمدادات طبية إلى الأراضي المحاصرة. ويمثل منع وصول المساعدات الإنسانية إلى أكثر من 2 مليون مواطن في غزة جزءًا من جهود الجيش الإسرائيلي لتنفيذ حصار كامل على غزة.

لكن الأمر الأكثر إثارة للقلق للسلطات المصرية هو الدعوة التي وجهها ريتشارد هيشت، المتحدث الدولي باسم الجيش الإسرائيلي، في 10 أكتوبر إلى سكان غزة للهروب من العنف بالتوجه إلى مصر عبر معبر رفح.

حماية الأمن القومي

وأوضحت الكاتبة أن الدعوات أثارت ردًا سريعًا من السيسي. وخلال حفل تخرج في أكاديمية الشرطة في 10 أكتوبر، قال بصرامة إن «حماية الأمن القومي لمصر» هي أولوية قصوى وأن مصر ترفض رفضًا قاطعًا أي محاولات لتسوية القضية الفلسطينية على حساب الآخرين. وأشارت تصريحات السيسي إلى خطر دفع الفلسطينيين إلى سيناء. وأصر الرئيس المصري على أنه لا يمكن حل الصراع إلا «من خلال مفاوضات تؤدي إلى سلام عادل وإقامة دولة فلسطينية».

ولفتت الكاتبة إلى إلى أن الرفض المصري الواضح دفع إسرائيل إلى التراجع عن م بدعوة الفلسطينيين إلى الخروج إلى سيناء. 

في محاولة لتهدئة مخاوف مصر، صرحت أميرة أورون، سفيرة إسرائيل في مصر، عبر حسابها على موقع إكس (X) أن «إسرائيل ليس لديها نوايا فيما يتعلق بسيناء ولم تطلب من الفلسطينيين الانتقال إلى هناك». وأضافت أن «سيناء أرض مصرية حارب فيها الجيش المصري الإرهاب خلال السنوات العشر الماضية».

وأضافت الكاتبة أن القاهرة كثفت الجهود الدبلوماسية لمنع المزيد من التصعيد في القتال. وفي مكالمات هاتفية مع نظراء ومسؤولين إقليميين وأوروبيين، حذر السيسي من مخاطر «غياب الآفاق السياسية» لحل الصراع ومخاطر زعزعة استقرار المنطقة في حالة استمرار العنف. وشدد أيضا على ضرورة إجراء مفاوضات لنزع فتيل الأزمة.

معضلة محيرة

ونوَّهت الكاتبة إلى أن بعض الزعماء والمسؤولين الغربيين يعلقون آمالهم على القاهرة للتفاوض بشأن إطلاق سراح المحتجزين لدى حماس، نظرا لدفء العلاقات بين مصر والجماعة المسلحة التي تشترك في أفكارها مع جماعة الإخوان المسلمين. 

وقالت أورسولا فون دير لاين، رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، إنها أجرت «تبادلًا قيمًا» مع الرئيس السيسي وشاركته مخاوفها بشأن مصير المحتجزين. وفي عام 2015، ألغت مصر قرارًا سابقًا بتصنيف حماس منظمة إرهابية لأن المحكمة التي أصدرت الحكم ليس لها اختصاص قضائي. ومهدت هذه الخطوة الطريق لتحسن ملحوظ في العلاقات بين الحركة ومصر. 

ولدى مصر، التي لعبت دول الوسيط بين الفصائل وإسرائيل، علاقات أمنية قوية مع إسرائيل. لكن في جولة العنف الأخيرة هذه، تجد مصر يديها مقيدتين إذ أوضحت إسرائيل أنها ترفض أي وساطة أو أي دعوة إلى ضبط النفس.

وتتوقع الكاتبة أن يقوم وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكين، الموجود في المنطقة حاليا لإظهار دعم واشنطن لإسرائيل ومنع تمدد الصراع، بالتنسيق مع السيسي لإنشاء ممر إنساني للمدنيين الفلسطينيين وإجلاء عدة مئات من المواطنين الأمريكيين في قطاع غزة قبل الاجتياح البري للقطاع. ويريد الرئيس المصري استخدام الممر لإرسال المواد الغذائية والطبية إلى غزة، لكنه يصر على عدم قبول الفلسطينيين في مصر.

وتقول الكاتبة إن الساعات والأيام المقبلة ستبين ما إذا كان السيسي سيرضخ للضغوط الأمريكية والإسرائيلية. وفي حال رفض الرئيس المصري العرض الأمريكي، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تفاقم التوترات بين القاهرة وواشنطن، وسيرى البعض أن مصر متواطئة في قتل المدنيين الفلسطينيين الأبرياء. وفي المقابل، إذا قبل السيسي خطة إدارة بايدن، فسوف تنظر إليه القوات المسلحة المصرية وعديد من المصريين على أنه يقوض الأمن القومي لمصر ويتنازل عن الأرض للفلسطينيين. وهو سيناريو كلاسيكي يعكس وضعًا صعبًا ومعضة محيرة.

الموضوع التالي الإيكونوميست: هل يمكن إقناع مصر بقبول لاجئي غزة ؟
الموضوع السابقصالة التحرير يناقش الحرب على غزة والمساعدات الإنسانية لفلسطين وديون مصر ومبادرة خفض الأسعار