فاينانشيال تايمز: الخوف من نزوح غزة يلوح في الأفق فوق مصر

خلاصة

القاهرة «غاضبة حقًا» من الضغوط الغربية لفتح معبر رفح أمام اللاجئين الفلسطينيين الفارين من الهجوم الإسرائيلي، وفق ما يخلص تقرير لصحيفة فاينانشيال تايمز.

سلط تقرير نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز الضوء على الغضب المصري من الضغوط والمحاولات الحثيثة لدفع مصر لقبول النزوح الجماعي لأهالي غزة. 

وتستهل الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن القلق في مصر يتصاعد من أن الأزمة الإنسانية المتفاقمة ستنتشر عبر حدودها، وذلك في ضوء هجر مئات الآلاف من الفلسطينيين منازلهم في شمال غزة وفرارهم إلى جنوب القطاع الساحلي.

ضغوط

وقالت الصحيفة البريطانية إن الولايات المتحدة ودول غربية أخرى تحث مصر، الدولة الوحيدة غير إسرائيل التي تشترك في الحدود مع غزة المحاصرة، على السماح للفلسطينيين الحاملين لجوازات سفر أجنبية بالخروج عبر معبر رفح مع القطاع.

لكن الخوف الأساسي للقاهرة هو أنه كلما استمر الهجوم الإسرائيلي على غزة، زادت الضغوط على مصر لقبول تدفق اللاجئين إلى سيناء وقاحلة لها تاريخ من عدم الاستقرار.

كانت رسالة مصر إلى الدبلوماسيين الغربيين واضحة: ستوصل المساعدات إلى غزة لكنها ستقاوم أي ضغط عليها لقبول أعداد كبيرة من الفلسطينيين. وحذر سامح شكري وزير الخارجية المصري يوم الاثنين من أن «النزوح القسري» ليس حلًا للأزمة الفلسطينية.

بلغة أكثر صرامة، قال مسؤول مصري كبير لنظيره الأوروبي: «هل تريدنا أن نأخذ 1 مليون شخص ؟ حسنًا، سأرسلهم إلى أوروبا. أنتم تهتمون بحقوق الإنسان كثيرًا - حسنًا، فلتأخذوهم».  

وقال المسؤول الأوروبي، متذكرًا الحديث، إن «المصريين غاضبون حقا» من الضغط عليهم لاستقبال اللاجئين.

لكن من المرجح أن يتصاعد هذا الضغط كلما طال الهجوم الإسرائيلي، إذ يُتوقع على نطاق واسع أن تشن الدولة اليهودية توغلًا بريًا في غزة، وهي منطقة فقيرة مكتظة تضم 2.3 مليون نسمة، أي ما يقرب من أربعة أضعاف سكان سيناء..

وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل قطعت إمدادات الكهرباء والمياه والوقود والبضائع عن القطاع، وأمرت ما يقرب من نصف سكان غزة بالتحرك جنوبًا من الشمال المكتظ بالسكان. وتتحدث وكالات الأمم المتحدة بالفعل عن أزمة إنسانية كارثية.

شكوك

ولفتت الصحيفة إلى أن تحذير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بداية الأزمة من أن سكان غزة يجب أن «يغادروا» أدى إلى تعميق الشكوك بأنه يريد طردهم إلى مصر، على الرغم من نفي الحكومة.

ودعت بعض الدول الأوروبية علنا إلى فتح معبر رفح الحدودي للسماح للمدنيين الفلسطينيين بالفرار، ودعا وزير إيطالي مصر إلى «إظهار قيادتها للعالم العربي».

لكن وسائل الإعلام الرسمية المصرية قالت إن إفراغ غزة من شعبها «سينهي حلم الدولة الفلسطينية». وقالت وسائل إعلام رسمية إن ذلك سيعفي إسرائيل من مسؤولياتها القانونية بصفتها دولة «محتلة».

وترى القاهرة أن نزوح الفلسطينيين إلى شمال سيناء هو سيناريو مرعب من شأنه أن يطلق العنان لضغوط تخريبية تريد تجنبها. وتفتقر المنطقة، التي كانت في السابق قاعدة لمسلحي داعش، إلى البنية التحتية للتعامل مع أعداد هائلة ومصر في قبضة أزمة اقتصادية.

أسئلة من دون إجابة

ونقلت الصحيفة عن مايكل وحيد حنا، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، أن هناك أسئلة تظل دون إجابة حول ما يمكن اعتباره العدد المناسب من الفلسطينيين الذي تقبله مصر خلال الأزمة. كم عددهم وإلى متى سيمكثون؟ وحتى لو كان الأمر يتعلق بالحماية الإنسانية المؤقتة، فقد لا يكون هناك شيء يعود إليه الفلسطينيون بعد الهجوم الإسرائيلي، او ربما لن تسمح لهم اسرائيل بالعودة.

وأشار حنا إلى أن عمليات التشريد الفلسطينية السابقة أصبحت دائمة. وأمضى اللاجئون الفلسطينيون في لبنان والأردن عقودًا في تلك البلدان دون أي احتمالات للعودة إلى قراهم وبلداتهم.

وقالت الصحيفة إن الفلسطينيين، وعلى نطاق أوسع العرب، تطاردهم ذكريات النكبة، والتي تشير إلى النزوح الجماعي للفلسطينيين ونزع ملكيتهم خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948. وتشريد أكثر من نصف السكان الفلسطينيين.

هناك 5 ملايين لاجئ فلسطيني منتشرون في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وفقًا للأمم المتحدة. وكان حق العودة نقطة شائكة رئيسة في المفاوضات السابقة مع إسرائيل حول تسوية القضية الفلسطينية.

وقال حنا إن هناك أيضا عوامل أمنية من المرجح أن تكون في أذهان المصريين. وقال إن «مصر حاربت تمردًا لداعش في شمال سيناء وكانت الروابط مع المتطرفين في غزة قضية رئيسة في ذلك الوقت». ولن ترغب القاهرة في مراقبة مجتمع منفي يمكن أن يضم مسلحين يريدون محاربة إسرائيل من أراضيها.

معضلة المساعدات

ونقلت الصحيفة عن مارتن غريفيث، المفوض الإنساني للأمم المتحدة، قوله إن مصر كانت «بناءة منذ البداية» بشأن المساعدات. لكن القاهرة رسمت خطًا أحمر للسماح بتدفق الفلسطينيين عبر المعبر.

وقال دبلوماسي غربي: «المصريون يقولون: سنكون مستعدين في ظل ظروف معينة للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكن لن نسمح تحت أي ظرف من الظروف لأي شخص بدون جنسية مزدوجة من غزة بالدخول إلى مصر».

وتابع: «يقول الإسرائيليون عكس ذلك تمامًا: يقولون إنهم مستعدون لإخراج الناس من غزة، والكثير منهم، لكنهم غير مستعدين للسماح بدخول المساعدات الإنسانية. ونحن عالقون الآن بسبب هذا».

الموضوع التالي بي بي سي: لماذا لا تزال مصر مترددة في فتح معبر رفح إلى غزة
الموضوع السابقأكسيوس: المشرعون الأمريكيون يضغطون على مصر بشأن المناطق الآمنة