البرلمان التونسي يعتزم تمرير قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل الاثنين المقبل
يعتزم البرلمان التونسي المصادقة على مشروع قانون "تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني والاعتراف به والتعامل معه"، الاثنين المقبل، بعدما أكملت لجنة الحقوق والحريات دراسة أحكامه والمصادقة على بنوده، دون الاستماع لرأي رئاسة الجمهورية والحكومة.
يعتزم البرلمان التونسي المصادقة على مشروع قانون "تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني والاعتراف به والتعامل معه"، الاثنين المقبل، بعدما أكملت لجنة الحقوق والحريات دراسة أحكامه والمصادقة على بنوده، دون الاستماع لرأي رئاسة الجمهورية والحكومة.
وقدمت كتلة "الخط الوطني السيادي" بالبرلمان (تضمّ 15 نائباً)، مقترح قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل في 14 يوليو/ تموز الماضي، وهي كتلة حزبية ائتلافية تمثل تحالفا يجمع نواب حركة الشعب (قومي ناصري)، ونواب حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد (يساري أسسه شكري بلعيد الذي اغتيل عام 2013).
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تاريخ انطلاق عملية طوفان الأقصى، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي استهداف قطاع غزة بغارات جوية مكثفة دمّرت أحياء بكاملها، ما أسفر عن وقوع آلاف الشهداء والجرحى في صفوف المدنيين الفلسطينيين.
وانطلقت دعوات شعبية واحتجاجات مطالبة بتجريم جميع أشكال التطبيع مع إسرائيل وإرسال رسائل مناصرة للقضية الفلسطينية.
وكان البرلمان التونسي قد بدأ في أغسطس/آب 2023 دراسة القانون، لكن بعد عملية طوفان الأقصى طلب 97 نائبا استعجال النظر به، وعليه عملت لجنة الحقوق والحريات على استعجال مناقشته ودراسته.
وأكد رئيس كتلة الخط الوطني السيادي يوسف طرشون، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن لجنة الحقوق والحريات أتمت أعمالها وشرعت في إعداد تقريرها النهائي، مؤكدا أن القانون سيعرض على الجلسة العامة يوم الاثنين المقبل للمصادقة عليه.
وبحسب طرشون، فإنه لم يحدث تغيير كبير على مستوى القانون المقدم من كتلة "الخط الوطني السيادي"، إلا أنه "تم الرفع من العقوبات السجنية إلى أقصاها (السجن المؤبد) مقارنة بالمقترح الأصلي". وحول سبب رفع العقوبات، قال إن ذلك يعود بسبب بحث الكتلة التي قدمت القانون في يوليو/ تموز عن ضمان لتمريره عند طرحه، أما وبعد التفاف جميع النواب حول المقترح، فتم اقتراح عقوبة المؤبد باعتبار أن التطبيع "خيانة عظمى". وأضاف: "لم يتم تنصيص عقوبة الإعدام باعتبار أن تونس منخرطة في معاهدات ومصادقة على مواثيق دولية ضد عقوبة الإعدام".
أشكال التطبيع بموجب القانون؟
وقال طرشون إن "مشروع القانون يتضمن 7 فصول لتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني والاعتراف به والتعامل معه"، كما حدد أشكال التطبيع، وهي "التعمد بالقيام أو المشاركة أو المحاولة في الاتجار والتواصل والتعاون في مختلف الأنشطة الاقتصادية والثقافية والخدماتية، وأيضا الدعوة والترويج للكيان الصهيوني والتعاون العسكري والاستخباراتي والمشاركة في المحافل والتنظيمات الدولية التي تقوم في أراضي الكيان الصهيوني".
وبين طرشون أن "عقوبة السجن المؤبد تهم جرائم التخابر ومساندة العدو الصهيوني وحمل السلاح ضد الفلسطينين مع جريمة وضع النفس على ذمة الكيان الصهيوني، وهي عقوبات غير قابلة للتخفيف والمراجعة"، بحسب قوله.
وأفاد بأن "باقي جرائم التطبيع على غرار المشاركة في مبارة كرة قدم لا ينجر عنها عقوبة المؤبد بل عقوبات تنطلق من 6 إلى 12 سنة، وذلك حسب ما يقدره القضاء".
وأضاف: "لأول مرة في تاريخ بلادنا يكون هناك انسجام مطلق بين إرادة الشعب ورأس السلطة التنفيذية وهو رئيس الجمهورية، ونحن فخورون جداً بالموقف الذي عبر عنه والبيان الذي أصدره".
وشدد طرشون على "أهمية القانون في المقاطعة التي تعد من أرقى أشكال المقاومة.. لو كنا نستطيع تقديم أكثر للشعب الفلسطيني لقدمناه... هذه ليست قضية الشعب الفلسطيني وحده بل قضيتنا أيضا وكل شرفاء العالم".
وأكد رئيس الكتلة الوطنية المستقلة (21 عضواً)، وعضو لجنة الحقوق والحريات عماد أولاد جبريل، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "القانون يتضمن تعريفاً لجريمة التطبيع والعقوبات السجنية التي تصل أقصاها إلى السجن المؤبد، مع التشديد في حال ثبوت التخابر العسكري والاستخباراتي وحمل السلاح مع العدو، على ألا يشمل المتورط في جريمة التطبيع بأي ظروف تخفيف أو تغيير للعقوبة من الجهة القضائية".
وتراوح العقوبات، بحسب جبريل، في بعض الجرائم بين 6 و12 سنة والمؤبد في حال العودة مع غرامة مالية تراوح بين 10 و100 ألف دينار.
وأضاف أن "القانون يميز بين الجريمة القصدية ويحدد أن تكون جريمة التطبيع مباشرة وليس بشكل غير مباشر، لأنه لا تتم محاكمة النوايا، وهي تهم التونسيين، مع الحفاظ على علاقة تونس بباقي الدول الأخرى".
واستطرد في الحديث عن القانون قائلاً: "يحدد العلاقة المباشرة مع الكيان الصهيوني بمنع أي تعامل أو علاقة من أي نوع تجاري أو ثقافي أو سياسي أو رياضي... ويهم كل المجالات دون استثناء، كما يجرم أي علاقة مباشرة أو عبر وساطة". وفسر أولاد جبريل أن "هذا القانون لا يعني الانغلاق الدولي على النفس، بل يجرم أي تعامل مباشر في أي مجالات".
وبين أن هذا "لا يشمل ولا يجرم العلاقة مع الدول التي اختارت التطبيع"، قائلا "مثلا نتعامل مع المغرب وهو اختار أن يطبع علاقته وهو حر في ذلك وهو شأنه الداخلي وتبقى علاقتنا التجارية سارية وعلاقات الصداقة والأخوة قائمة، وبالتالي لا نتدخل في حق المغرب في تقرير مصيره الداخلي".
وحول عدم الاستماع للسلطة التنفيذية حول القانون، قال أولاد جبريل: "تقدمنا بدعوات إلى جهتين وهما رئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية، وبحكم استعجال طلب النظر فيه، لم نتلق بعد رد هذه الجهات واخترنا المضي في مناقشة القانون". وأفاد أولاد جبريل بأنه "سيتم إعداد التقرير وعرضه على الجلسة العامة ويمكن تعديله وإدخال مقترحات في الجلسة".