المونيتور: الغزو البري لغزة يهدد بانهيار استراتيجية واشنطن في الشرق الأوسط
اعتقدت إدارة بايدن أن الدبلوماسية المضنية يمكن أن تحتوي إيران، وبالتالي وكلائها في اليمن وسوريا والعراق ولبنان. لكن من خلال التعامل السطحي مع القضية الفلسطينية، منحت واشنطن خصمها فرصة استراتيجية، وفق ما يخلص تقرير لموقع المونيتور.
تناول تقرير أعدَّه جاريد زوبا لموقع المونيتور مستقبل استراتيجية بايدن تجاه الشرق الأوسط في ضوء احتدام الحرب بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية.
يقول الكاتب في مستهل تقريره إنه وبخلاف المواجهة المسلحة نوويًا، يمكن القول إن المخاطر لا يمكن أن تكون أعلى مما هي عليه في جميع أنحاء الشرق الأوسط في الوقت الحالي.
وأشار الموقع الأأمريكي إلى أن البنتاجون - الذي يواجه احتمال الانجرار إلى حرب إقليمية واسعة ستقضي على الأرجح على استراتيجية واشنطن في الشرق الأوسط بأكملها - أرسل قادة مخضرمين في حملة هزيمة داعش إلى تل أبيب في محاولة لتهدئة وتوجيه الجهد الإسرائيلي.
لكن كما أوضح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الأربعاء، هناك نوع من الغزو المؤكد لقطاع غزة.
مخاطر تمدد الصراع
وفي هذا الأثناء التي تحتشد فيها قوات الجيش الإسرائيلي، أصدر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان ما بدا أنه تحذير أخير أمام الأمم المتحدة في نيويورك يوم الخميس.
وقال أمير عبد اللهيان: «أقول بصراحة لرجال الدولة الأمريكيين، الذين يديرون الآن الإبادة الجماعية في فلسطين، إننا لا نرحب بتوسيع الحرب في المنطقة. لكنني أحذر، إذا استمرت الإبادة الجماعية في غزة، فلن تسلم الولايات المتحدة من هذا الحريق».
ونقل الموقع عن مسؤولين سابقين أن هناك سببًا وجيهًا لأخذ كلمة طهران على محمل الجد. على سبيل المثال، شن وكلاء إيران في العراق وسوريا بالفعل هجمات صاروخية وطائرات مسيرة أسفرت عن إصابة 21 فردًا أمريكيًا بجروح طفيفة، وتحذر الجماعات المدعومة من إيران من ضربات أثقل، بما في ذلك ضد القواعد الأمريكية في الكويت والإمارات العربية المتحدة.
ويقول مسؤولون عسكريون أمريكيون إنهم يأخذون التهديدات على محمل الجد. وقيدت السفارة الأمريكية في الكويت، الأربعاء، نشاط أفرادها في قواعد عسكرية في البلاد.
وفي تصريحات لوكالة أسوشيتيد برس، دعا مسؤول كبير في حماس وكلاء إيران للانضمام إلى القتال لتخفيف الضغط على الجماعة الإسلامية الفلسطينية. وفي حين أن حزب الله لم يعط سوى القليل من المؤشرات على الاهتمام بتصعيد الصراع بشكل كبير، فمن المحتمل أن ينتظر إسرائيل حتى تبدأ حربها البرية في غزة.
وقال الجنرال كينيث ماكنزي، القائد السابق للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط: «حزب الله سيتدخل إذا اعتقدوا أن لديهم فرصة لتحقيق هدفهم طويل الأمد المتمثل في تدمير إسرائيل. ولن يتبعوا التوجيهات الإيرانية بشكل أعمى هنا، لأنهم يعرفون أنهم يمكن أن يتأذوا بشدة من الرد الإسرائيلي».
مأزق إسرائيلي
ويبدو أن الإسرائيليين يعتمدون على القوة النارية الساحقة للبحرية والقوات الجوية الأمريكية لردع الفصيل الشيعي اللبناني عن فتح جبهة ثانية. ومع ذلك، حتى في نطاق عملية غزة، لا يزال هناك تناقض جوهري بين هدف الجيش الإسرائيلي المعلن في البداية والقضاء التام على حماس والمهمة الظاهرية المتمثلة في الحفاظ على حياة أكثر من 200 رهينة محتجزين في قطاع غزة.
وقد ترك ذلك تل أبيب في مأزق - والأمريكيين لديهم فرصة لكسب الوقت.
كما أفاد بن كاسبيت في تقرير سابق للمونيتور، قامت القيادة الإسرائيلية العليا بتخفيف أهدافها بهدوء في غزة ووافقت على تأجيل الغزو على الأقل حتى تصل بطاريات الدفاع الجوي الأمريكية باتريوت، ونظام ثاد المضاد للصواريخ الباليستية، وحاملة الطائرات يو إس إس أيزنهاور إلى الخليج.
ونقل الموقع عن مسؤول دفاعي أمريكي قوله إن وصول أيزنهاور قد يستغرق «أسبوعين».
وتوقع كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين السابقين إن رئيس الوزراء الإسرائيلي المحاصر، بعد أن فشل تمامًا في منع أسوأ هجوم في تاريخ إسرائيل وبعد أن حشد بلاده الآن للحرب، يجب أن يتحرك.
جحيم غزة
لكن، وحسب ما يتساءل الكاتب: هل تستطيع إسرائيل تحقيق أهدافها دون غزو بري شامل لقطاع غزة ؟
يقول مسؤولون عسكريون أمريكيون سابقون ومصدران دبلوماسيان من الشرق الأوسط إن هذا يعتمد على ما سيكون نتنياهو على استعداد لقبوله كنصر.
تهدد حماس بتحويل البيئة الحضرية الكثيفة في غزة، التي تكمن تحتها شبكة ضخمة من الأنفاق - من المحتمل أن يكون عديد منها مفخخًا - إلى «جحيم على الأرض» للجيش الإسرائيلي. وشبه مسؤولون عسكريون أمريكيون كبار سابقون القتال بالمعركة الشرسة للموصل ضد داعش في عام 2016.
قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الذي كان على الهاتف مع نظيره الإسرائيلي كل يوم تقريبًا منذ بدء الحرب، يوم الأحد: «القتال الحضري صعب للغاية».
وفي حين يقول مسؤولون عسكريون سابقون إن الجيش الإسرائيلي يمكن أن يقتل على الأرجح قيادة حماس من الصفوف الأولى والثانية بوسائل أقل، فإن القضاء على القيادة السياسية المحلية للحركة - إن أمكن - سيتطلب على الأرجح احتلالًا واسع النطاق، وهو ما يبدو أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت استبعده في وقت سابق من هذا الأسبوع.
ومع ذلك، يقول محللون عسكريون إن وجود ملايين المدنيين دون طرق هروب وأكثر من 200 رهينة سيعقد بشكل جذري النهج الإسرائيلي.
ويلفت الموقع إلى أن التوغلات الإسرائيلية في الساعات الأخيرة تشير إلى أن الجيش الإسرائيلي يستجيب لنصيحة كبار المستشارين العسكريين الأمريكيين، من بينهم الجنرال جيمس جلين، القائد المخضرم الذي ساعد في توجيه حملة الرقة ضد داعش في سوريا في عام 2017.
ويرى الكاتب أن إسرارئيل وفي حال اختارت احتلالًا دمويًا لغزة سينهي على الأرجح قدرة السعودية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل. ويمكن أن تدفع الحرب الإسرائيلية الشاملة مع حزب الله الظروف في لبنان إلى ظروف الدولة الفاشلة وتجر الولايات المتحدة إلى حرب إقليمية.
وإذا أطلق وكلاء إيران العنان لضرباتهم في الخليج وردت الولايات المتحدة، فإن أي أمل على المدى القريب في أن تكبح الدبلوماسية برنامج طهران النووي سيتعرض لخطر جسيم.
وقال الموقع إن حليفا الولايات المتحدة منذ فترة طويلة في المنطقة، الأردن ومصر، دقا ناقوس الخطر في الوقت الذي يواجهان فيه الاضطرابات المحلية والرياح الاقتصادية المعاكسة وسط الحرب.
وقال مصدر دبلوماسي عربي: «إذا اندلع هذا، فسيفسره الناس في العالم العربي على أنهم مسلمون مقابل الغرب، وليس على أنهم الحرس الثوري الإيراني ووكلاء ميليشياته ضد إسرائيل والولايات المتحدة».
ويضغط القادة العرب على واشنطن منذ سنوات بشأن حاجة واشنطن إلى متابعة حل الدولتين لتخفيف المظالم الفلسطينية بعد عقود من الاحتلال.
ونقل الموقع عن مسؤول دبلوماسي إقليمي: «هذه لحظة حقيقة لفكرة الغرب باعتبارها نموذجًا في العالم العربي. لم يفت الأوان بعد».