جيروزاليم بوست: أدلة واهية – هل تبخر 200 من مقاتلي حماس في مجمع الشفاء؟
كان يُفترض أن يُشكل الاستيلاء على مستشفى الشفاء اللحظة الأضخم في حرب إسرائيل، تكون فيها حماس الأكثر انكسارًا، لكــن وبدلًا من ذلك، ومع عرض أدلة واهية للغاية، أثارت العملية المزيد من التساؤلات حول قدرة إسرائيل على تحقيق هدفها المتمثل في القضاء على حماس، ناهيك عن تحرير الرهائن، وفق ما يخلص...
نشرت صحيفة جيروزاليم بوست تحليلًا للكاتب الإسرائيلي يونا جيريمي بوب يتساءل عن دلالات عدم تمكن الجيش الإسرائيلي من العثور على آثار لحماس في مجمع الشفاء.
يستهل الكاتب تحليله متسائلًا: هل تبخر فجأة 200 عنصر من قوات حماس، الذين تزعم استخبارات الجيش الإسرائيلي أنهم كانوا موجودين في مستشفى الشفاء بعد هجوم حماس على إسرائيل؟
ويقول الكاتب إن كل ما يلي يمكن أن يتغير جذريًا إذا وجد الجيش الإسرائيلي دليلًا دامغًا أقوى بين عشية وضحاها الأربعاء أو يوم الخميس، ولكن في وقت نشر هذا التقرير، قدم الجيش الإسرائيلي حجة أضعف بكثير للعالم حول وجود حماس في المستشفى مما كان متوقعًا.
وأعلن الجيش الإسرائيلي عن عدم وجود أي اعتقالات، وحتى وسائل الإعلام الأجنبية ذكرت اعتقالين فقط، حيث قُتل خمسة مسلحين من حماس خارج المستشفى مباشرة، ولكن لم يقتل أي منهم داخل المستشفى – ولم تحدث حتى معركة واحدة بالأسلحة النارية.
كيف وصلنا إلى هنا؟
وهذا يثير عدداً من القضايا، ولكن قبل الخوض فيها، كيف وصلنا إلى هنا؟
منذ عام 2014، كرر كبار مسؤولي الدفاع أن كبار مسؤولي حماس أمضوا صراع غزة عام 2014 وصراعات أخرى مختبئين في الأنفاق تحت مستشفى الشفاء.
توقعات عالية تبددت
وأضاف الكاتب أنه ومن منطلق معرفة ذلك، كانت هناك توقعات عالية لدى محللي الدفاع بمجرد بدء اجتياح غزة في أواخر أكتوبر، بأن يعطي الجيش الإسرائيلي الأولوية للسيطرة على مستشفى الشفاء لكشف القناع عنه وعن شبكة الأنفاق الواسعة التابعة لحماس والأجهزة العسكرية هناك في أقرب وقت ممكن.
خلال الجزء الأكبر من الأسبوع الماضي، عانى الجيش الإسرائيلي وإسرائيل من تغطية صحفية مروعة على مستوى العالم وانتقادات هائلة من كل من النقاد العاديين وبعض الحلفاء بسبب حصارهم لمستشفى الشفاء.
ما لم يكن واضحًا هو متى سيدخل الجيش الإسرائيلي، وما الذي يعيقه.
هل كانت تؤخر الاستيلاء على الشفاء أكثر بسبب الضغوط الدولية أم بسبب حقائق العمليات المعقدة، مثل الحاجة إلى وضع خطط أكثر تفصيلًا في حالة وجود رهائن في الموقع وتجنب قتل الأطباء والمرضى؟
والجواب على هذا السؤال قد يأتي فقط في وقت لاحق، وقبل دخول الجيش الإسرائيلي، أعطى عديد من كبار مسؤولي الدفاع إجابات متناقضة حول هذه القضية، مما يدل على مدى تعقيد الأمر.
دليل ضعيف للغاية
ويلفت الكاتب إلى أن الجيش الإسرائيلي عرض ما قال إنه ملابس عسكرية لحماس ملقاة على الأرض، ومعدات عسكرية مخبأة خلف جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي، ومواد استخباراتية، وكاميرات مراقبة مغطاة لتجنب تسجيل تحركات حماس – ولكن هذا دليل ضئيل للغاية بعد حجم ادعاءات الجيش الإسرائيلي، وفقًا للكاتب.
ويتساءل الكاتب: هل هربت كل قوات حماس؟ أم أنهم اندمجوا مع المرضى المدنيين؟
لماذا عثر الجيش الإسرائيلي على آثار أكثر للرهائن وأسلحة أقوى، مثل القذائف الصاروخية، في مستشفى الرنتيسي قبل بضعة أيام فقط؟
فهل تعلمت حماس من الأدلة التي تركتها لإسرائيل هناك، وقامت بمهمة تنظيف أفضل قبل الفرار من الشفاء؟
وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا بدأ الجيش الإسرائيلي بمستشفى الرنتيسي أولاً؟ ألم يدرك الجيش أن حماس قد تتعلم من تلك التجربة وتقوم بتنظيف مستشفى الشفاء بشكل أفضل؟
وهذا يثير بعض القضايا والاتجاهات الاستراتيجية الكبرى للحرب.
أين ذهب مقاتلو حماس؟
ويتابع الكاتب: نعم، يسيطر الجيش الإسرائيلي على شمال غزة وجميع المباني والرموز الرئيسة لحكم حماس، ونعم، لقد دمر أسلحة كبيرة، وأعدادًا كبيرة من الأنفاق، وقتل على الأرجح أكثر من 5000 من مسلحي حماس بين غزة ومعارك جنوب إسرائيل.
ولكن إذا كان لدى حماس 30 ألف مقاتل كما قال الجيش الإسرائيلي مؤخرًا، فإن الغالبية العظمى من قوات حماس لم تُمس على الإطلاق.
وقبل أسبوع أو نحو ذلك، كان بوسع الجيش الإسرائيلي أن يزعم بمصداقية أكبر أنه سيجد معظم مقاتلي حماس في أنفاق في شمال غزة.
ولكن في هذه المرحلة، بعد هروب حماس من الرنتيسي والشفاء، هل ذهب جميعهم إلى جنوب غزة؟ هل اختلطوا بالسكان المدنيين في الشمال والجنوب؟ هل من الممكن أن يكون البعض قد هرب من غزة إلى مناطق أخرى؟
هل أخفق الجيش الإسرائيلي في تحقيق هدفه في هذا الأمر أم أنه كان يأمل في إخافة معظم مقاتلي حماس وإخراجهم من الشمال دون الكثير من القتال، أو التركيز أكثر على كسر رموز حكمها؟
على الجانب الإيجابي، كان من الممكن أن يكون الشفاء بمثابة حمام دم كارثي. وكان من الممكن أن يُقتل مئات المدنيين وأمام الكاميرا على الهواء؟ ويمكن للجيش الإسرائيلي أن يقول إنه نجح في تخويف حماس لحملها على المغادرة لتجنب الفخ.
ولكن إذا كانت الغالبية العظمى من حماس لا تزال موجودة ويصعب تمييزها بين السكان المدنيين، فربما قررت حماس التحول من الحرب إلى تكتيكات الضرب والاختباء حتى قبل وقوع الحرب الكبرى؟
ربما تنتظر حماس فقط أن تتخلى إسرائيل عن حذرها، وتبدأ في سحب أسلحتها الثقيلة، وتبدأ في زرع جنودها في مواقع ثابتة، قبل أن تبدأ في الرد.
هدف إسرائيل
ويرى الكاتب أنه كان يُفترض أن يشكل الاستيلاء على الشفاء اللحظة الأضخم في الحرب، تكون فيها حماس الأكثر انكسارًا، ويتحقق فيها هدف القبض على كبار قادتها أو قتلهم.
لكــن وبدلًا من ذلك، أثارت العملية المزيد من التساؤلات حول ما إذا كانت إسرائيل قادرة على تحقيق هدفها الأساسي المتمثل في القضاء على حماس على المدى الطويل، وهذا ناهيك حتى عن الاقتراب من مسألة إنقاذ الرهائن، التي لا يزال قادة الجيش الإسرائيلي يتجنبون مناقشتها بعد مرور أكثر من خمسة أسابيع على الهجوم. وقد اختفى الرهائن.
ومرة أخرى، ربما يجد الجيش الإسرائيلي دليله الدامغ يوم الخميس.