أوراسيا ريفيو: مستشفى الشفاء تحت الحصار والقصف.. دراسة حالة لخرق إسرائيل للقانون الدولي وحقوق الإنسان

خلاصة

الهجوم على مستشفى الشفاء مأساة ومهزلة ما كان يجب أن تحدث. وهو تجاهل صارخ لقواعد ومبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان، وفق ما يخلص مقال نشرته مجلة أوراسيا ريفيو.

نشرت مجلة أوراسيا ريفيو مقالًا للكاتبة ألطاف موتي تستعرض فيه كيف يعكس اقتحام إسرائيل لمستشفى الشفاء الخرق الإسرائيلي للقانون الدولي وانتهاك حقوق الإنسان.

وتقول الكاتبة إن مستشفى الشفاء، وهو أكبر وأهم مرفق طبي في غزة، يتعرض للحصار والهجوم من القوات الإسرائيلية منذ 11 نوفمبر في إطار عمليتها العسكرية المستمرة ضد حماس والجماعات المسلحة الأخرى في قطاع غزة. وحاصرت الدبابات الإسرائيلية المستشفى، ومنعت سيارات الإسعاف من الدخول أو المغادرة، واستهدف القناصة والمدفعية أي شخص يتحرك في محيط المستشفى.

وفي 15 نوفمبر، دخلت القوات الإسرائيلية المستشفى مدعية أنها اكتشفت مركزًا لقيادة حماس ومخبأ للأسلحة بداخله. وانتقدت الحكومات ووكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الأخرى الغارة على نطاق واسع إذ قتلت وجرحت عشرات الأشخاص من بينهم طاقم طبي ومرضى وألحقت أضرارًا بمعدات المستشفى والبنية التحتية.

انتهاك القانون الإنساني الدولي

وقالت الكاتبة إن الهجوم على مستشفى الشفاء يشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الإنساني الدولي المعروف أيضًا بقانون الحرب أو قانون النزاع المسلح. ويحدد القانون الإنساني الدولي قواعد مفصلة تسعى لأسباب إنسانية إلى الحد من آثار النزاع المسلح.

ويحمي القانون أولئك الذين لم يشاركوا أو لم يعودوا يشاركون في القتال، ويضع قيودًا على وسائل وأساليب الحرب. ووفقًا للقانون الإنساني الدولي، فإن المستشفيات هي أهداف مدنية محمية ولا ينبغي مهاجمتها ما لم تُستخدم خارج نطاق وظيفتها الإنسانية لارتكاب أعمال ضارة بالعدو مثل إيواء المقاتلين الأصحاء أو تخزين الأسلحة والذخيرة.

وحتى في ذلك الحين، يجب أن يحترم الهجوم مبادئ التمييز والتناسب والحيطة، مما يعني أنه لا يمكن استهداف سوى الأهداف العسكرية، وأن الضرر المدني المتوقع يجب ألا يفوق الميزة العسكرية، وأنه يجب اتخاذ جميع التدابير الممكنة لتجنب وقوع إصابات في صفوف المدنيين أو التقليل منها إلى أدنى حد.

غياب الأدلة 

وتلفت الكاتبة إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يقدم أي دليل يدعم ادعاءه بأن المستشفى كان مركزًا لقيادة حماس ومخبأ للأسلحة. ولم يُظهر الجيش للصحفيين سوى عمود به أسلاك كهربائية وسلم معدني يؤدي إلى الأرض، لكنه لم يسمح لهم بدخول النفق المزعوم أو تفتيشه. كما عرض الجيش بعض الأسلحة والمتفجرات التي قال إنها انتشلت من المستشفى لكنه لم يوضح كيف عثروا عليها أو مكان تخزينها. 

ونفى موظفو المستشفى وحماس استخدام المستشفى في أي نشاط عسكري، وقالوا إن الغارة الإسرائيلية كانت محاولة متعمدة لتدمير المرفق الطبي وترويع المدنيين. وقال مدير المستشفى محمد أبو سلمية إن المستشفى لم يستخدم إلا لأغراض إنسانية وأن القوات الإسرائيلية لم تعثر على أي أنفاق أو أسلحة بداخله. وقال أيضًا إن القوات الإسرائيلية ألحقت أضرارًا بمعدات المستشفى وسرقت السجلات الطبية وضايقت المرضى والموظفين.

كما شككت وسائل الإعلام الدولية في توقيت ودافع الهجوم الإسرائيلي على المستشفى الذي تزامن مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لغزة. وأشار بعض المحللين إلى أن الهجوم كان وسيلة لإرسال رسالة إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مفادها أن إسرائيل لن تتسامح مع أي تدخل أو انتقاد لأفعالها في غزة. 

وجادل آخرون بأن الهجوم كان تشتيتًا للانتباه عن فشل الهجوم البري الإسرائيلي الذي واجه مقاومة قوية من المقاتلين الفلسطينيين. ودعا مجلس الأمن الدولي مرارًا إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية واستئناف المفاوضات على أساس حل الدولتين الذي يؤدي إلى قيام دولة فلسطين المستقلة وذات السيادة، تعيش جنبًا إلى جنب في سلام وأمن مع دولة إسرائيل. كما حثت الأمم المتحدة الأطراف على احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي وضمان وصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين.

انتهاك قانون حقوق الإنسان

وأضافت الكاتبة أن الهجوم على مستشفى الشفاء لا يشكل انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي فحسب، بل يشكل أيضًا انتهاكًا لقانون حقوق الإنسان الذي ينطبق في جميع الأوقات سواء في السلم أو في الحرب. ويضمن قانون حقوق الإنسان الحق في الحياة، والحق في الصحة، والحق في الكرامة، والحق في عدم التعرض للتعذيب.

وعرض الهجوم على المستشفى للخطر حياة وصحة آلاف الأشخاص الذين هم إما مرضى بحاجة إلى العلاج أو لجأوا إلى أرض المستشفى. كذلك انتهك الهجوم كرامة وحقوق العاملين الطبيين الذين يعملون بلا كلل وببطولة لإنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة. كما تسبب الهجوم في ألم ومعاناة الضحايا وأسرهم الذين شهدوا صدمات وعنف وفقدان.

المساءلة والعدالة للضحايا

وينبغي محاسبة مرتكبي هذه الجريمة وتقديمهم إلى العدالة من قبل السلطات المختصة مثل المحاكم الوطنية أو المحكمة الجنائية الدولية.

ويمكن للمحكمة الجنائية الدولية ممارسة ولايتها القضائية إذا ارتكبت الجريمة على أراضي دولة طرف في نظام روما الأساسي، وهو المعاهدة التأسيسية للمحكمة الجنائية الدولية، أو من أحد رعايا دولة طرف، أو إذا أحيل الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو من دولة طرف. وفلسطين دولة طرف في نظام روما الأساسي منذ عام 2015، وقد قبلت اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بشأن الجرائم المزعومة التي ارتكبت على أراضيها منذ عام 2014. 

لذلك، قد يكون للمحكمة الجنائية الدولية ولاية قضائية على الهجوم على مستشفى الشفاء، وكذلك الجرائم الأخرى المزعومة التي ارتكبتها إسرائيل في غزة. ومع ذلك، لا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية التصرف إلا إذا كانت السلطات الوطنية غير راغبة أو غير قادرة على إجراء التحقيق أو الملاحقة القضائية بشكل حقيقي.

وتؤكد الكاتبة أن الهجوم على مستشفى الشفاء مأساة ومهزلة ما كان يجب أن تحدث. وهو تجاهل صارخ لقواعد ومبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان التي تهدف إلى حماية أضعف الفئات وأكثرها احتياجا. وهو خيانة للقيم والمثل العليا التي يمثلها المجتمع الدولي والأمم المتحدة. وهو تحد واختبار للضمير ومسؤولية العالم. وكذلك هو دعوة وصرخة من أجل العدالة والسلام.

الموضوع التالي نيويورك تايمز: وصول 28 طفلًا خدجًا من مستشفى الشفاء إلى مصر
الموضوع السابقذا هيل: حرب غزة يمكن أن تنتهي اليوم إذا أراد الرئيس بايدن