ذا هيل: إذا كانت مصر تدعم سكان غزة، فيتعين عليها أن توفر لهم السكن المؤقت
حان الوقت الآن لمصر - إلى جانب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة – لتغليب الأفعال على الأقوال بشأن رعاية سكان غزة وتوفير مساكن مؤقتة لهم في سيناء، وفق ما يخلص مقال نشره موقع ذا هيل.
نشر موقع ذا هيل الأمريكي مقالًا للباحث هيثم حسنين يدعو فيه مصر إلى توفير مساكن مؤقتة للنازحين الفلسطينيين إذا أرادت دعم سكان غزة.
ويقول الباحث في معهد الدفاع عن الديمقراطية إن الحياة ستصبح على نحو متزايد لا تطاق للمدنيين الفلسطينيين الأبرياء في قطاع غزة مع تصعيد إسرائيل لحربها ضد حماس. والآن حان الوقت لمصر - إلى جانب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة – لتغليب الأفعال على الأقوال بشأن رعاية سكان غزة.
مساكن مؤقتة
ويرى الكاتب أنه يتعين على الحكومة المصرية أن تسمح لهؤلاء المدنيين النازحين بمغادرة غزة والانتقال إلى مساكن مؤقتة في شمال سيناء. ويجب على الدولتين الخليجيتين الغنيتين أن تدفعا ثمنها. وفي المقابل، يمكن لإسرائيل أن تلتزم بالسماح للفلسطينيين بالعودة إلى غزة بعد أن تقوم قوات الجيش الإسرائيلية بتدمير حماس.
ولم تتقبل مصر فكرة استضافة المدنيين الفلسطينيين النازحين. وحذر الرئيس عبد الفتاح السيسي من أن السماح للمدنيين الفلسطينيين بدخول مصر سيفتح الباب أمام المسلحين لشن هجمات مستقبلية ضد الدولة اليهودية من سيناء. ولهذا السبب، منذ بداية الغارات الجوية الإسرائيلية على القطاع، انتشرت الشاحنات المصرية التي تحمل مساعدات إنسانية على حدود غزة، وكثفت قوات الأمن تواجدها، ودعت مؤسسة الأزهر، إلى جانب وسائل الإعلام الموالية للدولة، الشعب الفلسطيني إلى عدم مغادرة غزة بحجة أنهم لن يتمكنوا من العودة.
وفي محاولة للرد على هذه التصريحات، نفت السفيرة الإسرائيلية في القاهرة أميرة أورون أن إسرائيل تعتزم إعادة توطين الفلسطينيين في سيناء.
وفي الوقت نفسه، لا يمكن تجاهل الخطاب المفعم بالأمل القادم من القاهرة. وأعرب الرئيس السيسي عن اهتمامه الشديد بالحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل. وعندما أصيب هدف مصري نتيجة خطأ إسرائيلي، بدلًا من التعبير عن الغضب، أصدر المتحدث العسكري المصري بيانًا متوازنًا أعرب فيه عن تفهم مصر للواقعة.
وأضاف الكاتب أن جنرالات عسكريين سابقين ظهروا في جميع وسائل الإعلام المصرية لتثقيف الجمهور بأن الحرب مع إسرائيل ليست من مصلحة الأمن القومي المصري.
سداد الدين لإسرائيل
وتساءل الكاتب: أليس الآن هو الوقت المناسب لكي تقوم القاهرة والدول السنية المعتدلة بسداد الدين لإسرائيل؟ فعلى مدى العقد الماضي، تعاونت تل أبيب ومصر معًا لمحاربة الإرهاب في شبه جزيرة سيناء. وبلغ مستوى الثقة ذروته عندما وافقت القاهرة على شن غارات جوية إسرائيلية ضد أهداف إرهابية داخل الأراضي المصرية، وسمحت تل أبيب لمصر بنشر المزيد من القوات والأسلحة.
وعلى المنوال نفسه، ساعدت إسرائيل الدول العربية في العواصم الغربية من خلال التوعية نيابة عنها ضد خطر حركات الإسلام السياسي على مستوى العالم - ناهيك عن تبادل المعلومات الاستخبارية القوية التي تطورت في السنوات الأخيرة فيما يتعلق بإيران والتبادلات الاقتصادية الثنائية على منصات أمنية متطورة للحماية ضد الهجمات السيبرانية وغيرها.
وبالتالي، لا يوجد سبب للشكوك المصرية في نوايا إسرائيل تجاه سكان غزة. فالحكومة الإسرائيلية اليوم ليست مهتمة بضم القطاع. ويمثل الهجوم البري الحالي الذي تقوم به القوات الإسرائيلية إجراءً جراحيًا لإعادة ضبط الحسابات في القطاع لتعزيز أمن إسرائيل على جانبها من الحدود وربما إحياء حل الدولتين.
لقد استضافت القاهرة كلًا من فتح وحماس في شهر يوليو، وكالعادة، فشلت محاولات الوحدة. ومن ثم، فإن دعم الجهود الإسرائيلية الحالية للقضاء على حماس سوف يحقق على الأرجح هدفين: الأول يتمثل في إضعاف حماس - التي أدى قربها من إيران وقطر وتركيا إلى إضعاف الدور المصري في الساحة الفلسطينية.
والثاني، ووفق ما يضيف الكاتب، فإن الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد حماس تخوضها في واقع الأمر نيابة عن كافة الدول العربية المعتدلة في المنطقة. ويسعى الإجراء الإسرائيلي إلى إنهاء النفوذ الثلاثي المدمر لأنقرة، والدوحة (التي تؤوي وتمول قادة حماس)، وطهران (التي يقال إنها تدرب نشطاء حماس).
ويرى الكاتب أن وجود كيان مستقر وغير إرهابي في غزة في المستقبل من شأنه أن يفيد مصر على جبهات متعددة - فمن شأنه أن يحسن الوضع الأمني في مصر ويوفر فرصًا كبيرة لتعزيز التجارة. وستستفيد القاهرة من إنهاء دور حماس التي تفصل غزة عن الضفة الغربية. وإذا رُفع الحصار عن غزة، فإن الفوائد الاقتصادية سوف تتدفق مباشرة إلى مصر، بل وربما تعطي دفعة قوية لمحافظة سيناء المضطربة.
ويقول الكاتب إن الوقت قد حان لكي تفتح مصر حدودها الشمالية أمام المدنيين الفلسطينيين الفارين من الحرب. وسيتضاءل التهديد الأمني الذي يشكله الوافدون الجدد أمام فوائد العلاقات العامة الدولية التي ستجنيها القاهرة لاتخاذ مثل هذا القرار لأسباب إنسانية. وسوف يخف الضغط على حليفتها السرية، إسرائيل، وستكون الحكومة الإسرائيلية ممتنة للقاهرة.
فهل ستفعلها مصر ؟ يتعين عليها ذلك، حسبما يختم الكاتب.