الجارديان: كيف تستخدم شركة العلاقات العامة الكبرى « قياس الثقة» للترويج للحكام المستبدين في العالم
تقاضت شركة إيدلمان، أكبر شركة علاقات عامة في العالم، ملايين الدولارات من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وأنظمة قمعية أخرى للترويج لحكوماتهم وتبييض سجلهم الحقوقي، وفق ما يكشفه تقرير لصحيفة الجارديان.
كشفت صحيفة الجارديان في تقرير للكاتب آدم لوينشتاين تلقي شركة إيدلمان للعلاقات العامة الملايين من الدولارات من أنظمة ديكتاتورية للترويج لأنظمتها القمعية.
وتقول الصحيفة إن ثقة الجمهور في بعض حكومات العالم الأكثر قمعًا تشهد ارتفاعًا كبيرًا، وفقًا لشركة إيدلمان، أكبر شركة علاقات عامة في العالم، والتي اكتسب «مقياس الثقة» الرائد الخاص بها سمعتها باعتبارها هيئة في مجال الثقة العالمية.
ولسنوات، ذكرت إيدلمان أن مواطني الدول الاستبدادية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وسنغافورة والإمارات العربية المتحدة والصين، يميلون إلى الثقة بحكوماتهم أكثر من الأشخاص الذين يعيشون في الديمقراطيات.
لكن إيدلمان كان أقل صراحة بشأن حقيقة أن بعض هذه الحكومات الاستبدادية نفسها كانت أيضًا من عملاءها. وسيكون عمل إيدلمان لصالح أحد هؤلاء العملاء -حكومة الإمارات العربية المتحدة- في المقدمة والمركز عندما يجتمع زعماء العالم في دبي في وقت لاحق من هذا الشهر لحضور قمة الأمم المتحدة للمناخ كوب 28.
الملايين من الدولارات
قامت صحيفة The الجارديان وإريا، وهي منظمة بحثية غير ربحية، بتحليل مقاييس ثقة إيدلمان، بالإضافة إلى إيداعات قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (فارا) التي أعلنتها وزارة العدل، والتي يعود تاريخها إلى عام 2001، عندما أصدرت إيدلمان أول دراسة استقصائية للثقة.
خلال تلك الفترة، تلقت شركة إيدلمان والشركات التابعة لها ملايين الدولارات من الحكومات الاستبدادية لتطوير وتعزيز الصور والسرديات المرغوبة.
لقد وجد خبراء استطلاعات الرأي أن استطلاعات الرأي العام تميل إلى المبالغة في تقدير مدى تفضيل الأنظمة الاستبدادية لأن عديدًا من المشاركين يخشون انتقام الحكومة. لكن هذا لم يمنع هذه الحكومات نفسها من استغلال النتائج التي توصلت إليها إيدلمان لتلميع سمعتها وإضفاء الشرعية على سيطرتها على السلطة.
وقالت أليسون تايلور، الأستاذة في كلية إدارة الأعمال بجامعة نيويورك، إن مقياس إيدلمان للثقة «يجري الاستشهاد به في كل مكان كما لو كان هذا بحثًا موضوعيًا وموثوقًا من أحد مراكز الأبحاث، في حين أن هناك خلفية تجارية واضحة إلى حد ما، ومن الواضح إلى حد ما أنه أداة مبيعات. وعلى الأقل، يجب على الشركة أن تكشف عن هذه العلاقات المالية كجزء من الدراسة. لكنهم لا يفعلون ذلك».
«جهود الحكومة تؤتي ثمارها»
أصبحت حكومة الإمارات العربية المتحدة أحد عملاء شركة إيدلمان في عام 2007. وعلى مدار العامين التاليين، كما أفادت مؤسسة ديسموغ، وهي مؤسسة غير ربحية تحقق في المعلومات المضللة المتعلقة بالمناخ، تلقت شركة إيدلمان أكثر من 6 ملايين دولار مقابل عملها في تحسين سمعة الاستدامة الدولة وشركة بترول أبو ظبي الوطنية، أدنوك، شركة النفط العملاقة التي تديرها الدولة. وتوجت هذه الجهود باختيار دولة الإمارات العربية المتحدة لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ هذا العام.
وفي عام 2010، وقعت شركة إيدلمان وشركة تابعة لها عقدين إضافيين للعمل نيابة عن الحكومة الإماراتية، بما في ذلك إنتاج مسح لقياس الرأي العام بين صناع السياسات وأصحاب النفوذ في واشنطن العاصمة. وفي العام التالي ظهرت دولة الإمارات العربية المتحدة في مقياس إيدلمان للثقة لأول مرة.
منذ ظهور دولة الإمارات العربية المتحدة لأول مرة في عام في مقياس الثقة، أفادت استطلاعات إيدلمان بشكل روتيني أن مواطني الدولة يثقون بشدة في حكومتهم ــ وهي النتيجة التي كان إيدلمان ووسائل الإعلام الإماراتية سعيدة بتأييدها.
كما أشارت الصحيفة إلى أن إيدلمان سُجلت بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب باعتباره يمثل مصالح المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في الضغط على الحكومة الأمريكية.
ويقول النقاد بأن عمل شركة إيدلمان يساعد في تبييض سجلات حقوق الإنسان وتحويل الانتباه عن انتهاكات جسيمة مثل مقتل خاشقجي.
وقد أصبح نشاط الشركة في الشرق الأوسط أكثر ربحية مع قيام الشركة بتعزيز علاقاتها مع المملكة العربية السعودية. وبينما بدأت إيدلمان العمل لدى الحكومة السعودية في عام 2013، لم تظهر البلاد في مقياس الثقة حتى عام 2019.
وجاء هذا الظهور بعد أقل من ثلاثة أشهر من موافقة ولي العهد على اغتيال الصحفي والكاتب في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي، وهو شخصية بارزة منتقد للنظام والحكم المستبد في البلاد.
وتدعي الشركة أنها تهدف إلى إحداث تغيير إيجابي من خلال عملها لصالح هؤلاء العملاء، لكنها واجهت انتقادات بسبب الافتقار إلى الشفافية حول تضارب المصالح.