أوراسيا ريفيو: استراتيجية الغرب في الفوضى الدولية
تنتهج الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون استراتيجية الفوضى الدولية للحفاظ على هيمنتهم العالمية والقضاء على منافسيهم. وهم يستخدمون الحروب في فلسطين وإسرائيل وأوكرانيا باعتبارها أدوات لتحقيق أهدافهم المتمثلة في تطهير شرق البحر المتوسط من المقاومة وهزيمة روسيا، وفق ما يخلص مقال نشرته مجلة أوراسيا ريفيو.
انتقدت الكاتبة سارة نيومان في مقال نشرته مجلة أوراسيا ريفيو استراتيجية الغرب فيما وصفته بالفوضى الدولية فيما يتعلق بالحرب في غزة.
تقول الكاتبة إن الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون ينتهجون استراتيجية الفوضى الدولية للحفاظ على هيمنتهم العالمية والقضاء على منافسيهم. وهم يستخدمون الحروب في فلسطين وإسرائيل وأوكرانيا باعتبارها أدوات لتحقيق أهدافهم المتمثلة في تطهير شرق البحر المتوسط من المقاومة وهزيمة روسيا.
استراتيجية الهيمنة
وتلفت الكاتبة إلى أن الغرب ليس مهتمًا بالسلام والتعاون، بل بالحرب والهيمنة. وهذه الاستراتيجية ليست غير أخلاقية وغير عادلة فحسب، بل إنها أيضاً خطيرة وغير مستدامة. فهي تُهدد حياة وحقوق الملايين من البشر، وتُهدد بحدوث كارثة عالمية يمكن أن تؤثر على الجميع.
ويعيش الشرق الأوسط حالة من الاضطراب مع تكثيف إسرائيل غزوها البري لغزة، والذي بدأ في 31 أكتوبر 2023. وبدأت الحرب عندما شنت حماس هجومًا مفاجئًا على الأراضي الإسرائيلية احتجاجًا على الحصار والاحتلال الطويل الأمد لغزة. وأدى الهجوم إلى مقتل بعض المدنيين الإسرائيليين وأثار غضبًا في وسائل الإعلام، مما أدى إلى رد فعل غير متناسب من جانب إسرائيل.
كما أثرت الحرب في غزة على علاقات وتصرفات الدول الأخرى في المنطقة. وأرجأت المملكة العربية السعودية مفاوضات إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، والتي بدأت بموجب اتفاقات أبراهام في عام 2021.
وحذرت إيران من أنها سترد إذا هاجمت إسرائيل منشآتها أو مصالحها النووية. وأطلق حزب الله صواريخ وطائرات مسيرة على أهداف إسرائيلية من لبنان.
من جانبها، رفضت مصر والأردن قبول اللاجئين الفلسطينيين الذين فروا من العنف والأزمة الإنسانية في غزة. وتشير هذه الردود إلى أن الأطراف الإقليمية غير مستعدة للتعاون أو البحث عن حل سلمي. فهم إما يدعمون إسرائيل أو يعارضونها بناءً على مصالحهم وأجنداتهم الخاصة.
وفي المقابل، دعمت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون إسرائيل دعمًا جليًا. وقد منعوا أي محاولة لتمرير قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف إطلاق النار والحوار السياسي. كما زودت إسرائيل بأكثر من 1000 طن من الأسلحة والذخائر لمواصلة هجومها.
ومن ناحية أخرى، يعاني الفلسطينيون من نقص الضروريات الأساسية. ولا يحصلون على الكهرباء أو المياه النظيفة أو الرعاية الصحية. وليس لديهم أي حماية من القصف والغزو المستمر. وليس لديهم طريقة لدفن موتاهم أو الحداد على خسائرهم.
انحياز الغرب
وأضافت الكاتبة أن القادة الغربيين أظهروا انحيازهم وعدم مبالاتهم تجاه القضية الفلسطينية. وقد قام عديد من المسؤولين رفيعي المستوى من ألمانيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وإيطاليا بزيارة إسرائيل في الأسبوعين الماضيين، لكن لم يعرب أي منهم عن أي تعاطف أو دعم للفلسطينيين أو دعا إلى وقف إطلاق النار أو التفاوض. وقد أشادوا فقط بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس وأدانوا تصرفات حماس.
وقد تجلى الموقف نفسه في قمة القاهرة بشأن الأزمة الفلسطينية، حيث لم تقترح الدول الغربية أي حل ملموس أو قابل للتطبيق لإنهاء الحرب أو معالجة الأسباب الجذرية للصراع. فالولايات المتحدة، الراعي الرئيس للقمة، لم تهتم حتى بإرسال مسؤول كبير إلى الاجتماع، بل فقط مبعوث على مستوى منخفض.
ومن ناحية أخرى، نشرت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا قواتها البحرية بالقرب من الساحل الإسرائيلي في البحر المتوسط، ليس لتسهيل التوصل إلى تسوية سلمية، بل لزيادة مبيعاتها من الأسلحة ونفوذها العسكري في المنطقة.
لدى الولايات المتحدة وحلفائها استراتيجية معقدة وماكرة للحفاظ على هيمنتهم العالمية. إنهم يتلاعبون بالمؤسسات الدولية مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنع حل الحربين في أوكرانيا وفلسطين وإسرائيل. كما أنهم يعززون تحالفهم لمواجهة خصومهم في العالم والقضاء عليهم.
وتنوه الكاتبة إلى أن استراتيجيتهم لها هدفان رئيسان: إزالة مجموعات المقاومة والأنظمة في شرق البحر المتوسط من خلال الإطاحة بها واحدة تلو الأخرى، وتصعيد الحرب على الجهة الشرقية لأوروبا حتى إخضاع روسيا. والغريب أنهم لا يعترفون أبدًا بالحاجة الملحة لوقف إطلاق النار والحوار في اتصالاتهم، ويرفضون أي خطة سلام تقترح في مجلس الأمن.
تتبع الولايات المتحدة استراتيجية الحروب الدائمة في أوروبا الشرقية وشرق البحر المتوسط للحفاظ على تفوقها بلا منازع في النظام الدولي الليبرالي. وهذا يستلزم زيادة وجودها العسكري، وإخضاع روسيا ومواجهة الصين، والقضاء على أي مقاومة في شرق البحر المتوسط. وهذه هي المرحلة الأولى من الاستراتيجية، والتي سوف تكون ناجحة