ميدل إيست أي: الانتخابات المصرية شابها ترهيب الناخبين والرشاوى بينما يستعد السيسي لولاية ثالثة
أفاد عمال ومواطنون من ذوي الدخل المنخفض بأنهم أجبروا على التصويت للرئيس الحالي الذي من المتوقع إعادة انتخابه لمدة ست سنوات أخرى، وفق ما يخلص تقرير لموقع ميدل إيست أي.
تابعت الصحف الأجنبية اليوم الأخير من إدلاء المصريين بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية المصرية والتي تنتهي الثلاثاء.
وفي هذا الصدد قال موقع ميدل إيست أي إن الأجهزة الحكومية حشدت الجمهور بنشاط للتصويت للرئيس عبد الفتاح السيسي مع بلوغ الانتخابات يومها الثالث والأخير.
وتهدف جهود الحشد، التي تنطوي إلى حد كبير على رشاوى وترهيب، إلى تأمين دعم واسع النطاق للسيسي، ذلك أن ارتفاع نسبة إقبال الناخبين أصبح مقياسًا حاسمًا لشعبية الرئيس الحالي في غياب أي متنافسين جديين.
وذكر الموقع أن السيسي في وضع يسمح له بتأمين ولاية ثالثة تمتد حتى عام 2030، وسط ظروف اقتصادية صعبة والصراع المستمر على حدود البلاد مع غزة.
عرض منظم
ورصد الموقع عدد من الحالات التي تظهر إجبار أصحاب العمل والأجهزة الحكومية للموظفين والعمال على التصويت أو تقديم رشى للتصويت، ومن تلك ما حدث في اليوم الأول عندما نقلت حافلات جهزها أصحاب المصانع والشركات في العاشر من رمضان للعمال للتصويت للسيسي في إحدى اللجان بمدرسة السادات الثانوية للبنات.
ومع مرور شاحنة تابعة لمحطة OnTV الموالية للسيسي، بدأ العمال في الهتاف «نحبك يا سيسي».
وفي غضون ذلك، التقط متطوعون من حزب مستقبل وطن، الداعم البرلماني الأساسي للسيسي، لقطات عن قرب للعمال المجتمعين بالكاميرات. وكان العمال، الذين تركوا واقفين لمدة ساعة ونصف، جزءًا من عرض منظم بشكل واضح.
أوامر وتهديدات
ونقل الموقع عن أحد العمال ويدعى حمدين، عامل تغليف يبلغ من العمر 34 عامًا، قوله إنه أُمر بالذهاب للتصويت، وأن هناك تهديدات بأن أي غياب سيعاقب عليه بخفض الرواتب.
وقال: «كنا الوردية الأولى، وستأتي الوردية الثانية في الطريق الساعة 5 مساءً، وستذهب وردية منتصف الليل يوم الاثنين». وأضاف: «جاء رؤساؤنا وأعضاء البرلمان للتحدث إلى المحطات التلفزيونية والصحافة ولم يأت أحد للتحدث إلينا أو يسألنا عما نفكر فيه».
وردد سمير، وهو عامل من أسيوط يعمل في مصنع للوجبات الخفيفة، مخاوف مماثلة بشأن عملية التصويت.
وقال للموقع: «أمرونا بتنفيذ الأوامر. من العاقل الذي سيصوت لشخص أجبر آلاف الرجال على العمل في وظيفتين، وربما ثلاث وظائف فقط لتوفير حياة كريمة ؟»
أزمة اقتصادية
خلال فترة السيسي منذ عام 2014، شهد الاقتصاد المصري انكماشًا ملحوظًا. وتضاعفت ديون البلاد أكثر من ثلاثة أضعاف، وانخفضت قيمة الجنيه بأكثر من النصف، مما دفع ملايين آخرين إلى الوقوع في براثن الفقر.
الحشد الديني
وفي غضون ذلك، شاركت شخصيات ومؤسسات دينية بارزة في جهود حشد الجمهور للتصويت، وفقًا للموقع.
نشرت وزارة الأوقاف، الجهة الحكومية المسؤولة عن الخطاب الديني في المساجد، الجمعة، نص خطب الجمعة التي حملت عنوان «الإيجابية»، والتي حثت المصلين على التصويت باعتباره واجبًا وطنيًا.
وقال وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، السبت، في مؤتمر صحفي، إن التصويت واجب وطني.
وفي سياق مماثل، أصدرت دار الإفتاء، ثاني أهم مؤسسة إسلامية في مصر، بيانًا حثت فيه الجمهور على المشاركة في الانتخابات. وجاء في البيان أن «كل من يمتنع عن الإدلاء بصوته في الانتخابات الرئاسية هو آثم شرعًا».
منذ يوم السبت، نشرت وسائل الإعلام الموالية للحكومة تقارير متطابقة لتذكير القراء بالقانون رقم 45 لعام 2014 بشأن ممارسة الحقوق السياسية، والذي يحدد عددًا من العقوبات المتعلقة بالانتهاكات والجرائم في العملية الانتخابية.
سلع غذائية مقابل التصويت
في المنطقة الفقيرة بجزيرة الوراق، وصلت عشرات المسنات إلى مدرسة الوراق الثانوية للتصويت يوم الأحد بعد إعطائهن أوراقًا تحمل أرقامهن الانتخابية لتسهيل التصويت.
أم عطية، ربة منزل تبلغ من العمر 56 عامًا، حصلت على البطاقة أمام أعضاء حزب مستقبل وطن، ووعدت بأنها إذا أعادتها مع تأكيد أنها صوتت، فستحصل على كرتونة سلع غذائية.
وقالت أم عطية للموقع: «في مناطق أخرى، يقدمون 250 جنيهًا مصريًا [8 دولارات] وأكياس سكر. وأنا أفضل كرتونة السلع الغذائية. سيقول الناس نعم لأي شيء إذا أعطوهم الطعام. انظر إلى ما دفعونا إليه!». واضطرت أم عطية إلى قطع المقابلة مع الموقع عندما اقترب أحد المتطوعين.
وقال المتطوع، الذي رفض ذكر اسم أو وظيفته، إن «كل شخص في جزيرة الوراق يحب السيسي وسيصوت له دون حوافز أو أموال»، ورفض التعليق على تقديم سلع غذائية للمصوتين.
أمام المدرسة نفسها، قالت صفاء، 57 سنة، عاملة نظافة في مستشفى الوراق، إنها أمرت من مشرفيها بالذهاب للتصويت وإلا فإن اليوم سيعتبر إجازة غير مدفوعة الأجر.
وقالت: «أقسم أنني لم أكن لأحضر إلى هنا أبدًا. لكن ماذا يمكننا أن نفعل؟ لقد هددوا رزقي ولا يمكنني المخاطرة بذلك»، مضيفة أنها لم تصوت للسيسي لكنها أبطلت صوتها.
وقالت: «سوف يفوز بلا شك. لقد رأينا هذا منذ أن كنت طفلة. كيف يمكنني التصويت للفقر والإذلال ؟ الناس يشترون هياكل وأرجل الدجاج والبعض الذي أعرفه يأكلون من القمامة ويشترون طعامًا مستعملًا لإطعام أطفالهم».
ليس بعيدًا عن الوراق حي الطبقة الوسطى في الدقي، في لجنة التصويت بمعهد الزراعة، كانت الكاميرات والصحفيون ينتظرون وصول رئيس البنك المركزي المصري حسن عبد الله والتصويت يوم الأحد.
وقال زوجان في الستينيات من العمر، حسن وإكرام، اللذان خرجا للتو من مركز التصويت إنهما صوتا للسيسي لأنه قائد عسكري قوي يواجه التحديات التي تواجهها البلاد، وهو عقبة أمام عودة الإخوان المسلمين.
وقالت إكرام، مدرسة موسيقى سابقة في المعهد العالي للموسيقى، إنه لا توجد قوة سياسية أخرى يمكنها أن تحكم دولة كبيرة ومعقدة مثل مصر.
وفي حي جاردن سيتي الراقي، كانت هناك تقارير عن إجبار عمال المتاجر وحراس الأمن ونادلي المقاهي على المشاركة في التصويت في الصباح الباكر في مدرسة قريبة تحت تهديد بعواقب من أجهزة الأمن.
وكشف عوضين، وهو حارس أمن يبلغ من العمر 40 عامًا يعمل في أحد مباني الحي، عبر الهاتف أنه أُجبر وأربعة آخرون على الأقل على التصويت.
وأوضح أن «ضباطًا من مركز الشرطة صادروا بطاقاتنا الهوية أمس [السبت] وهددوا بعدم إعادتها ما لم نلتزم بالتصويت».
وسط تقارير مماثلة عن ترهيب الناخبين وإكراههم، خضعت صحيح مصر، وسيلة التحقق من الأخبار، لتحقيق حكومي بعد أن كشفت أن الشركة المتحدة المملوكة للمخابرات فرضت تعليمات صارمة على وسائل الإعلام بعدم نشر محتوى يظهر توزيع الأطعمة للناخبين أو الأشخاص الذين يُنقلون إلى مراكز الاقتراع.
في المقابل،ه استعرض الموقع بعض آراء المؤيدين للسيسي والذين يعتبرون وجوده ضرورة للاستقرار وبالتالي يجب تحمل بعض الصعاب، ونقل الموقع عن أحد المتطوعين قوله: «الاستقرار والسلام أهم الأشياء التي نصوت لها. انظر إلى ليبيا وغزة والسودان، إنهم في حرب أهلية ويواجهون الإرهاب».